قريباً من السياسة

التفاوض فى ظل الوضع الأسوأ!

محمد الشماع
محمد الشماع

يقوم التفاوض أى تفاوض على قاعدة بسيطة هى استعداد كل من الطرفين المتفاوضين للتنازل عن جزء من شروطه وطلباته فى مقابل الوصول إلى الحل الممكن.

كما يقوم على بديهية امتلاك كل من الطرفين لعناصر القوة التى تجعل الطرف الآخر يسعى إلى التفاوض معه. ومهمة كل طرف تتمثل فى حسن عرض ما يمتلك من عناصر القوة ومن بدائل يمكن أن يلجأ إليها فى حالة الفشل.

وكل ما تفعله إسرائيل خلال عملية التفاوض مع قيادات المقاومة الفلسطينية هو محاولة الالتفاف على هاتين القاعدتين، فكل المفاوضين الإسرائيليين يؤمنون بمقولة كيسنجر أحد أهم أنصار إسرائيل «إن التفاوض هو تسليم مؤدب بالأمر الواقع» وما تريده إسرائيل دائما هو خلق أمر واقع أسوأ من السابق لكى تبدأ التفاوض من خلاله.

وما يجرى فى غزة منذ وصول حماس إلى السلطة ثم التطورات الأخيرة التى وصلت إلى حالة حرب إبادة للبشر والحجر فى غزة، وما وصل إليه الوضع المأساوى.. وصل بالأمور إلى الوضع الأسوأ الذى لم تصل إليه من قبل منذ نكبة ١٩٤٨.

ويبدو أن نتنياهو رأى أن هذا هو الوضع الأسوأ المناسب الآن لصالح إسرائىل لكى يبدأ منه للإعلان عن رغبته فى السلام بعد أن يكون قد تم القضاء على الشعب الفلسطينى وتصفية القضية الفلسطينية تماما!!

رغم كل ما تفعله إسرائيل بالشعب الفلسطينى فإن مصر تبذل كل الجهد لإبعاد المقاومة والسلطة الفلسطينية عن خانة «الوضع الأسوأ» لتكون قادرة على التحدث بصوت واحد.. وذلك من خلال الجهود المستمرة للتوفيق بين السلطة والمقاومة وإيقاف حرب الإبادة الجماعية للشعب الفلسطينى وإيصال المساعدات العاجلة والإفراج عن الأسرى من الجانبين.

التحرك المصرى يهدف إلى تفويت فرصة فرض الأمر الواقع من جهة إسرائيل وهو الأمر الذى لا تريده مصر ولا تعترف به، هذا الواقع الفلسطينى هو عنصر القوة الذى لا تحسب إسرائيل حسابه أبدا وهو قوة الغضب وقوة الانفجار من سوء الأحوال والأوضاع اللاإنسانية فى الأراضى المحتلة.

السلام الدائم طريقه معروف ولا يمر إلا عبر تحقيق حد أدنى من المطالب الفلسطينية، يمكن أن يجمع عليها الشعب الفلسطينى، وهناك أرضية لهذا السلام الدائم تقضى بقيام دولة فلسطينية تتواءم كدولة مع محيطها العربى وليس مجرد بلديات تجتاحها إسرائيل عندما تشاء.