مطالب بتقييم التجربة والتوسع في شراكات تطوير التعليم الفني

المدارس التكنولوجية.. طريق مضمون إلى سوق العمل

أحد طلاب المدرسة التطبيقية التكنولوجية أثناء عملية التدريب
أحد طلاب المدرسة التطبيقية التكنولوجية أثناء عملية التدريب

■ كتب: أحمد جمال

تأخذ العلاقة بين وزارة التربية والتعليم ورجال الصناعة والهيئات الصناعية الحكومية والخاصة فى التطور منذ أن جرى الإعلان عن تدشين المدارس التطبيقية التكنولوجية لطلاب التعليم الفني قبل خمس سنوات تقريبًا، لأن الشراكات التى جرى تنفيذها خلال السنوات الماضية برهنت على أهمية الدور الذى يمكن أن تلعبه المؤسسات الصناعية في الارتقاء بالتعليم وتلبية احتياجات سوق العمل وتخريج العمالة الفنية المدربة التى يمكن أن تجد بسهولة فرصًا للعمل بالداخل والخارج.

◄ لجنة من رجال الصناعة للتعرف على مستويات الطلاب قبل التخرج

◄ وزير التعليم: مشاركة رجال الصناعة ساهمت في رفع تصنيفه عالميا

◄ مكاسب مشتركة للتعليم ورجال الصناعة ونجحنا في تغيير صورة الدبلومات الفنية

◄ نجدي: يجب البحث عن حلول تضمن استمرار مجانية الدراسة

ودائمًا ما كانت المطالبات تتعدد بضرورة دخول الصناعة كطرف رئيسي وشريك في التعليم الفني، إلى الدرجة التي تحدث فيها البعض عن إمكانية نقل تبعية بعض المدارس لاتحاد الصناعات أو وزارة الصناعة والتجارة باعتبارها الأكثر دراية باحتياجات سوق العمل، وبدا أن الوصول إلى صيغة مشتركة تتداخل فيها أدوار وزارة التربية والتعليم التي تقوم بالأساس على توفير الجوانب التربوية والتعليمية إلى جانب رجال الصناعة ممن يبحثون عن الأيدي المدربة لتطوير منشآتهم الصناعية حلاً مناسبًا، لكنه يواجه بعض المشكلات في تطبيقه على أرض الواقع بحسب عدد من الخبراء الذين تواصلنا معهم في هذا التحقيق.

◄ الشراكة

ويشارك رجال الأعمال والهيئات الصناعية الحكومية والخاصة في الوصول بعدد المدارس التطبيقية التكنولوجية إلى 72 مدرسة موزعة على 19 محافظة مختلفة، وفي ظل إقبال متزايد ومستمر من الطلاب على تلك المدارس التي تشترط الحصول على مجاميع مرتفعة أغلبها يفوق ما تطلبه مدارس الثانوية العامة، إلى جانب الاختبارات التي تعقدها للمتقدمين للاختيار بينهم.

ويمكن تعريف المدارس التكنولوجيا التطبيقية بأنها مدارس فنية نموذجية تهتم بالتخصصات التكنولوجية متسارعة التغيير في سوق العمل، إلى جانب تطبيق كافة وسائل التقييم والمتابعة التي تضمن درجة عالية من الجودة، وهي تقوم بالشراكة بين وزارة التعليم والقطاع الخاص أو العام للارتقاء بمنظومة التعليم الفني، وإعداد خريجين مؤهلين لسوق العمل المحلي أو الدولي، حيث تُعد مدارس التكنولوجيا التطبيقية هي مدارس حكومية نموذجية للتعليم الفني بنظام الثلاث سنوات وتخضع جميعها لمجانية التعليم، وتتبع مدارس التكنولوجيا التطبيقية المعايير الدولية في طرق التدريس والتدريب، وتستهدف وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني زيادة عددها لـ 200 مدرسة قريبا على مستوى الجمهورية.

وخلال الأسبوع الماضي افتتح الدكتور رضا حجازي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، أكاديمية السويدي وبنك التعمير والإسكان الفنية بمدينة السادات الصناعية، وعلى هامش الافتتاح أكد الوزير أن مشاركة أصحاب العمل ورجال الأعمال والصناعة والبنوك يعد أحد أسباب النجاح الحقيقي لتطوير التعليم الفني وأسهم بشكل كبير في تغيير تصنيف التعليم الفني في مصر من المركز ١١٣ ليصبح ٤٦.

وأوضح الوزيـر أنه انطلاقـًا من ربط التعليم بالاستراتيجيات، والخطط الاقتصادية، والاجتماعية التنموية للدولة، واعتماد رؤيـــة الوزارة في اعتبار التعليم ركيزة أساسية لتنمية المجتمع، سعت الوزارة إلى تطوير منظومة التعليم الفني وفق رؤية مصر ٢٠٣٠؛ ليكون محور التقدم الصناعي في مصر، مضيفًا أن الخطة الاستراتيجية للوزارة (2024- 2029) أحد أهدافها الأساسية التشغيل وربطه بسوق العمل.

وأشار حجازي إلى أن الشراكة القوية مع القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية والمجتمع المدني تمثل إحدى أهم سياسات الوزارة وعلى رأس أولويات خطتها الاستراتيجية 2024 / 2029، بما يؤدى إلى تعظيم الموارد ويحقق الإنتاجية الأفضل، موضحا أن هناك إقبالا كبيرا من الدول الأجنبية على الاستعانة بخريجي هذه المدارس، كما أن مدارس التعليم الفني تقوم بتقديم خدمات متميزة وإنتاج منتجات عالية الجودة بأسعار منافسة تساهم في رفع قيمة المنتجات المحلية.

◄ مصالح مشتركة
وأكد الدكتور عمرو بصيلة رئيس الإدارة المركزية لتطوير التعليم الفني ومدير وحدة تشغيل وإدارة مدارس التكنولوجيا التطبيقية، إن تلك المدارس تستهدف تحقيق الأهداف المشتركة بين وزارة التربية والتعليم ورجال الأعمال عبر تحقيق مكاسب يستفيد منها الطرفان في مقدمتها حاجة رجال الصناعة لتوفير عمالة فنية متميزة تساهم في الارتقاء بالقلاع الصناعية التابعة لهم مع تعدد الشكاوى من عدم وجود عمالة لديها التدريب الكافي للانخراط مباشرة في سوق العمل، في مقابل هدف أساسي لوزارة التربية والتعليم يتمثل في الارتقاء بالتعليم الفني وتطوير مهارات خريجيها.

وأضاف أن العلاقة بين التعليم ورجال الصناعة قائمة على المكاسب المشتركة، لأن كثيرا من رجال الأعمال وأصحاب المصانع وبعض مؤسسات وهيئات القطاع العام يلجأون إلى الوزارة لتوفير العمالة المدربة، في حين تعمل الوزارة للتأكيد على أنها تقدم خدمة تعليمية جيدة يمكن من خلالها أن تغير الصورة النمطية للتعليم الفني، وهو أمر تحقق بالفعل بقدر كبير لأن عدد الطلاب الملتحقين بالدبلومات الفنية في العام 2018 كانوا يشكلون 45% من إجمالي طلاب التعليم العام قبل المرحلة الثانوية فيما بلغت النسبة الآن 57%.

وأشار إلى أن الوزارة يكون عليها توفير المدرسة والإشراف على عملية تقديم الطلاب والمدرسين والإداريين، فيما تتشارك الهيئات الصناعية في عملية وضع المناهج إلى جانب خبراء وزارة التربية والتعليم، بما يضمن مواكبة تطورات سوق العمل، كما أن المصانع تشترك مع وحدة تشغيل المدارس التطبيقية بوزارة التربية والتعليم في عملية تشغيل المدرسين، ويكون هناك عضو رئيسي من الشركة والمصنع يراجع عملية تخريج الطلاب لضمان حصولهم على التدريب الملائم واستحقاقهم للاندماج في سوق العمل.

وأوضح بصيلة أن الشراكة بين التربية والتعليم ورجال الصناعة لا تتوقف فقط على المدارس التطبيقية التكنولوجية، إذ هناك مساهمة لقطاع الصناعة في لجان اختبارات طلاب الدبلومات الفنية للتأكد من إجادتهم المهارات الرئيسية التي تؤهلهم لسوق العمل، إلى جانب العديد من شراكات التدريب التي تستهدف دمج الطلاب في المصانع قبل تخرجهم لإكسابهم المهارات المطلوبة، مشيراً إلى أن وزارة التربية والتعليم تعمل في الوقت الحالي على تقييم تجربة المدارس التطبيقية التكنولوجية للتعرف على أعداد الطلاب الذين التحقوا بالفعل بالمصانع التي تدربوا فيها أثناء الدراسة.

◄ النموذج الألماني
وفي المقابل أكد صالح نجدي وهو خبير في مجال التعليم الفني، أن الشراكة بين وزارة التربية والتعليم ورجال الصناعة ذات أوجه عديدة، فهناك العديد من رجال الأعمال الذين كان لديهم رغبة صادقة في تخريج أجيال لديها مهارات جيدة، لكن آخرون تعاملوا مع الأمر من مبدأ التسويق والترويج والتأكيد على المشاركة المجتمعية دون الاهتمام بتفاصيل العملية التعليمية، مشيراً إلى أن نجاح الشراكات بين التعليم والصناعة يتطلب التحول إلى النموذج الألماني الذي يمنح الفرصة للطالب اختيار المجال الذي يهدف للعمل ثم توفير أماكن للتدريب مشتركة لهؤلاء ويكون ذلك تحت رعاية جهة صناعية.

وأوضح أن نموذج المدارس التطبيقية التكنولوجية جيدة للغاية لكن الأزمة تبقى في التطبيق، لأن الفكرة حينما طرأت كانت تتعلق بأن يدخل رجل الأعمال لتوفير تدريب متميز لطلاب المدارس الفنية تتماشى مع المهن والقطاعات التي يعملون بها ويكون التدريب تحت إشراف صاحب المنشأة، وفي تلك الحالة كان المشروع سيكون بمثابة مشاركة مجتمعية حقيقية من رجال الأعمال غير أن ما حدث هو دخول أطراف أخرى تدعم تكلفة تدريب الطلاب في حين أن وزارة التربية والتعليم هي من توفر المدرسة والطلاب والمعلمين وبالتالي تبقى الشراكة منقوصة ويشارك فيها طرف بجهد أكثر من الآخر.

وأكد أنه مع انتهاء المنح التي تقدمها الجهات الدولية لتدريب الطلاب في المصانع سيبقى هناك أزمة لأن مصروفات المدارس ستكون مرتفعة وهو أمر حدث بالفعل في مدارس «وي» بعد انتهاء المنحة المقدمة من الوحدة الإنمائية الألمانية إذ يدفع الطلاب الآن مصروفات تبدأ في الصف الأول الثانوي بـ 6000 جنيها وتتزايد كل عام حتى التخرج، وذلك لا يتماشى مع طبيعة الطبقات التي تبحث عن إدخال أبنائهم للتعليم بمدارس الدبلومات الفنية هربًا من مصروفات الثانوية العامة.

◄ مراجعة ورقابة
وأشار إلى الاعتماد على وزارة التربية والتعليم لتحديد المبنى الدراسي يأتي على حساب باقي مدارس التعليم الفني، لأن الوزارة تبحث عن مبانٍ تتوافر فيها الاشتراطات وفي كثير من الأحيان يتم اجتزاء جزء من مدرسة وتحويلها إلى مدرسة تطبيقية تكنولوجية أو تحويل إحدى مدارس المرحلة الإعدادية إلى مدرسة تطبيقية تكنولوجية وفي النهاية لا يتم بناء مدارس جديدة، ولم نحل مشكلات الكثافات المستمرة بعد أن وصلت في مدارس التعليم الفني إلى 80 طالبا في الفصل الواحد.

وأوضح أنه يتم الاستعانة أيضا بمعلمي مدارس التعليم الفني في ظل العجز الكبير بأعداد المعلمين، ويلقى ذلك بظلال سلبية على مدارس النظام العام بالتعليم الفني، والأخطر من ذلك أنه لا يوجد حتى الآن بيان إحصائي بأعداد الطلاب الذين اشتغلوا بالفعل في المصانع عقب تخرجهم من المدارس التطبيقية التكنولوجية، ولابد أن يكون هناك مراجعة والتأكد من التزام المصانع بتشغيلهم، مع أهمية أن يكون هناك رقابة من جانب وزارة التربية والتعليم على أنواع التخصصات التي يطلبها سوق العمل ومنح أولوية للمجالات التي بها عجز في العمالة المدربة.