«حاجة اللسانيات العربية الحديثة إلى حروف دولية بالرسم العربي» بمؤتمرالخالدين 

أ.د.محمد خليفة الأسود (عضو المجمع الليبي)
أ.د.محمد خليفة الأسود (عضو المجمع الليبي)

واصل مؤتمر مجمع اللغة العربية بالقاهرة برئاسة أ.د.عبدالوهاب عبدالحافظ (رئيس المجمع) انعقاد جلساته الخميس 25 من أبريل 2024م تحت عنوان "اللغة العربية وتحديات العصر: تصورات، واقتراحات، وحلول"؛ حيث ناقش السادة أعضاء المؤتمر في جلسته المغلقة أعمال لجنة الألفاظ والأساليب، والمصطلحات المقدمة من لجنتي الجيولوجيا والحاسبات.

اقرأ أيضًا| "جهود مجمع اللغة العربية في التقريب بين الفصحى والعامية" بمؤتمر الخالدين

وفي جلسته العلنية التي رأسها وأدارها أ.د.محمد العبد (عضو المجمع) ألقى أ.د.محمد خليفة الأسود (عضو المجمع الليبي) بحثًا بعنوان "حاجة اللسانيات العربية الحديثة إلى حروف دولية بالرسم العربي" بيَّن فيه أنه لا يوجد حتى الآن  - حسب علمه - في الدراسات اللسانية حروف عربية متفق عليها في وصف الصوت اللغوي؛ لذلك يُضطر المحلل اللساني للصوت اللغوي عند  دراسة اللغة العربية أو لهجاتها، أو اللغات القديمة في الوطن العربي مثل الأمازيغية في شمال أفريقيا، أو الشحرية  في عُمان إلى استخدام الحروف الدولية التي أغلبها حروف لاتينية أو مصوَّرة  بأشكال  قريبة من اللاتينية؛ فتمثيل أصوات هذه اللهجات واللغات بالحرف اللاتيني يبعدها عن محيطها الاجتماعي والثقافي. ولا شك في أن استمرار اللسانيين في هذا النهج سيؤثر سلبًا في اللغة العربية، فالحروف الدولية المستخدمة الآن، وإن كان الهدف منها في البداية إصلاح الكتابة في اللغات اللاتينية؛ وذلك بأن لا يُكتب في الكلمة إلا الحرف الذي يُنطق، إلا أنه سرعان ما تغير هذا الهدف، وأصبح السعي إلى تغيير حروف بعض اللغات إلى حروف لاتينية مثل اللغة التركية التي كانت تُكتب بالعربية، وبعض اللغات الأفريقية.


ورأى د.الأسود ضرورة أن يسعى اللسانيون العرب إلى استحداث حروف دولية بالرسم العربي، واقترح أنموذجًا طبَّقه عند دراسته للغات القديمة في الوطن العربي مثل الأمازيغية والشحرية، والموسوم بعنوان  "الكتابة الصوتية بالحرف العربي". 


وعرَّف البحث الكتابة الصوتية بأنها كتابة ما يُنطق فقط، وهي شبيهة بالكتابة العروضية، إلا أن الكتابة العروضية خطوط مائلة ودوائر تشير إلى الصوامت والصوائت، والكتابة الصوتية حروف هجائية مقطَّعة تضع الحركة في السطر بعد الصوت الصامت، ومن حيث الوظيفة فإن حروف هذه الكتابة يمكن أن تقوم بما تقوم به الحروف الدولية (اللاتينية) في وصف المكتوب باللغة العربية  أو بغيرها من اللغات، وتعتمد الكتابة الصوتية رأي ابن جني في أن موضع الحركة في الكلمة بعد الصوت الصامت، واستدل ابن جني على ذلك بأن إدغام  المثلين في الكلمة لا يجوز إلا بتسكين الأول منهما؛ لأنه لو بقي الصامت الأول متحركًا لحالت الحركة بين إدخال الحرف الأول في الثاني، هذا والكتابة الصوتية ليست بديلًا عن الكتابة الهجائية بل مجالها التحليل الصوتي.


وبيَّن البحث أن الكتابة الصوتية تُستعمل في مجالات كثيرة منها: 1) تمثيل أصوات اللغات الأجنبية ليسهل تحليلها صوتيًّا، وصرفيًّا، ونحويًّا. 2) تصوير كيفية نطق الكلمة نطقًا صحيحًا في المعاجم وغيرها. 3) كتابة الأعلام  الأجنبية والمصطلحات العلمية كتابة صحيحة. 4) تصوير عمليات الإعلال والإبدال في الكلمة بوضوح. 5)  توحيد نطق الأعلام والمصطلحات العلمية في اللغة العربية.


وأضاف البحث أن الهدف من إنشاء حروف دولية بالرسم العربي هو أن تستغني اللغة العربية عن استعمال الحرف اللاتيني في أثناء التحليل الصوتي (الفونولوجي)، وأن يكون الحرف العربي برسمه وبشكله الهندسي حرفًا عالميًّا يمكن بواسطته دراسة أي لغة دراسة صوتية، وأن تطور الحرف العربي زاد من دقة إشارته للصوت في اللغة العربية. 


وأوضح د.الأسود أن من المعروف أن الحروف في اللغة العربية ذات أشكال متشابهة؛ فهناك الباء والجيم، والدال، والراء، وأن أبي الأسود الدولي قد استطاع تفريع هذه الحروف بواسطة الإعجام، كما وضع الخليل بن أحمد أشكالًا للحركات، وكل ذلك كان تطويرًا للحرف العربي وجعله أكثر دقة وتمثيلًا للصوت، وأكَّد د.الأسود أنه عندما تنشأ حروف دولية بالرسم العربي ستُعد خطوة إلى الأمام في تدعيم اللغة العربية، ونشرها في العالم بجعلها لغة صالحة لدراسة أصوات اللغات في العالم.


واختتم د.الأسود برجاء من مجمع الخالدين رائد المجامع العربية أن يتبنى مشروعًا لهذه الفكرة؛ لأن اللغة العربية مهما بُذل فيها من جهد تبقى قاصرة في الدرس اللساني الصوتي إذا لم تكتسب حروفا دولية برسمها.