وحى القلم

المسافة صفر

صالح الصالحى
صالح الصالحى

منذ عقود ماضية.. وتحديداً قبل عصر الإنترنت، كان التطور والتقدم فى شتى مناحى الحياة بطيئاً نوعاً ما.. ونستطيع أن نقول إنه كان ملحوظاً ويمكن متابعته.. وبالتالى منح الفرصة وأعطى متسعاً من الوقت للعديد من الدول لدخول المستقبل.. فكان من الممكن إذا فات دولة شىء من التطور أن تنظر إلى الخلف لإصلاح ما فاتها، يعنى يمكن للدولة أن تعود للماضى لتلملم ما فاتها، دون حدوث فجوة كبيرة أو مسافة شاسعة بين الماضى والحاضر والمستقبل.
وأقصد هنا الماضى الذى تخلفت فيه بعض الدول عن اللحاق بمقومات التطور، فأصبحت فى حاضر متخلف، واتسعت المسافة مع المستقبل.

أما الآن فالتطور سريع ومتسارع، ولا أبالغ إذا قلت إنه رهيب، ونقلت التكنولوجيا والإنترنت العالم سريعاً إلى المستقبل.

حتى وصلنا إلى عصر الذكاء الاصطناعى، الذى يعتمد على المعلومات. وأصبحنا فى عصر المعلومات.. فمن يملك المعلومات يملك مقومات التقدم والتطور، ويستطيع أن يدخل المستقبل بكل سهولة ويسر،.. ومن لا يملك المعلومات سوف يتخلف كثيراً عن الركب.. ولن يستطيع أن يلحق بقطار التطور السريع.. كما أن من يقف عند حاضره يفكر فى ماضيه وما فاته محاولاً لملمة ما تخلف عنه دون النظر للدخول فى عالم المستقبل، سوف يزداد تخلفاً ولن يستطيع أيضا تعويض ما فاته.. ولن يتمكن من ركوب قطار المستقبل، خاصة وأن المسافة الآن بين الحاضر والمستقبل تكاد تكون معدومة، أو بتعبير أدق المسافة بينهما صفر.

وبالتالى ومن الذكاء أن نركب قطار المستقبل متسلحين بمقوماته من معلومات وأجيال قادرة أن تتعاطى مع الإنترنت بمهارة وحرفية وإجادة تامة.. وهذا لا يعنى أن نترك ما فاتنا فى الماضى.. وهو التحدى الكبير، إدراك ما فاتنا فى الوقت الذى نسير فيه فى ركب التقدم والتطور الحادث فى الحاضر.. والذى يأخذنا إلى مستقبل أفضل وأكثر إشراقاً.. ونكون بذلك فى ركب الدول الكبرى والمتقدمة.

أعتقد أن هذا النهج وهذا التحدى هو ما اختارته الدولة المصرية الآن.. ووعت دروس الماضى جيداً.. فكان البصر ثاقباً نحو المستقبل القريب وما يخبئه لنا.. بأن نركب قطار المستقبل.. دون أن نغرق فيما فاتنا.. لأنه ببساطة شديدة إذا تركنا أنفسنا لدوامة الماضى دون التفكير فى المستقبل فلن نستطيع الخروج منها.. ولن نتمكن من تعويض ما فاتنا ولن نلحق بالمستقبل فتزداد الفجوة أو المسافة بين الحاضر والمستقبل، ونزداد تخلفاً.. وكان القرار الصائب بركوب قطار المستقبل بكل قوة وثقة.. ودخول التحدى بتعويض ما فاتنا فى الماضى.. فكان الاهتمام بالمعلومات وبالتكنولوجيا وعالم الإنترنت ضرورة لا غنى عنها.. من أجل مستقبل أفضل لنا ولأبنائنا.. ولنكون فى مصاف الدول المتقدمة والمتطورة.