فى ذكرى التحرير| 25 أبريل.. «أيقونة» السلام على أرض الفيروز

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تحتفل مصر والقوات المسلحة فى الخامس والعشرين من شهر أبريل  من كل عام بذكرى تحرير سيناء فى عام 1982، وقد اكتملت ملحمة التحرير بعودة طابا عام 1988.. وقبلها خاض الجيش المصرى معارك كبيرة ضد الاحتلال الإسرائيلى فى حرب الاستنزاف، ومن بعدها جاءت معركة التحرير الكبرى فى نصر أكتوبر 1973، ثم معركة دبلوماسية بين مصر وإسرائيل.

كانت بدايتها المفاوضات للفصل بين القوات العسكرية للبلدين عام 1974 وعام 1975، ثم مباحثات (كامب ديفيد) التي مهدت الطريق لإطار السلام فى الشرق الأوسط، وبعدها تم توقيع معاهدة السلام «المصرية - الإسرائيلية» عام 1979، وقد استردت مصر أرض سيناء بعد انسحاب آخر جندى إسرائيلى منها، ما عدا مدينة طابا التى عادت إلى مصر لاحقاً بالتحكيم الدولى فى 15 مارس 1989، حتى اكتملت ملحمة التحرير مع رفع العلم المصرى على طابا التى تعد آخر بقعة تم تحريرها من الأرض المصرية.

وفى السنوات الأخيرة، خاض الجيش المصرى معركة أخرى على أرض الفيروز وكانت هذه المرة ضد التنظيمات الإرهابية، وقد تمكنت القوات المسلحة من تطهير أراضى سيناء بالكامل من الإرهاب، ومن بعد ذلك بدأت ملحمة التنمية والتعمير فى عبور جديد نحو الجمهورية الجديدة.

درع مصر

وأشاد اللواء نصر سالم رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق بالقوات المسلحة بتوجه الرئيس السيسى نحو إعمار سيناء بالبشر قبل  التنمية الكاملة، حيث تعد سيناء درع مصر الشرقية، وطبيعة وطبوغرافية أرض سيناء لا يمكن الاستغناء عنها بأى شكل من الأشكال فهى تشتمل على ٣ مصفوفات جبلية كل مصفوفة منها تشكل حائطاً جبلياً من أول الحائط الشرقى إلى الأوسط نهاية بالحائط الغربى وهو خط المضايق، ومن خلال هذه الحوائط الجبلية تستطيع مصر الدفاع عن نفسها.

وأوضح اللواء سالم أن سيناء كانت مطمعاً لإسرائيل وقد أشارت الدراسات السابقة إلى أن إسرائيل والإخوان بجانب الولايات المتحدة الأمريكية وضعوا مبادرة أو دراسة لفكرة تبادل الأراضى عن طريق إقامة دولة فلسطينية على أرض سيناء، وكانت أطماعهم تخيل لهم أن سيناء جزء من الحل أو الحل نفسه للقضية الفلسطينية، وبالتالى أنهى الرئيس السيسى هذه الأطماع واتخذ قراره المهم فى ملء الفراغ السكانى لسيناء لمنع أى أطماع خارجية وقطع الطريق أمام أى أحلام للطامعين، والدليل على ذلك مخطط التهجير للفلسطنيين الى رفح والذى تم أفشاله تماماً على يد القيادة المصرية الواعية، فكان الإجراء المهم بتعمير أرض سيناء بالبشر، حيث تم تخصيص ٧٠٠ مليار جنيه لإنهاء الفصل القسرى بين سيناء وبين الوطن الأم من خلال الـ ٦ أنفاق التى تم حفرها أسفل قناة السويس بخلاف نفق الشهيد أحمد حمدى لكى يتم العبور للجانب الشرقى فى دقائق معدودة إضافة إلى مشروعات البنية التحتية التى تستوعب أى عدد من السكان، كما تم توفير ٢ مليون متر مياه منقاة من مياه النيل تعبر تحت الأنفاق بالإضافة الى المدن المليونية واستزراع الأراضى وتأهيل بحيرة البردويل والتى تعد أكبر بحيرة طبيعية لزراعة الأسماك إلى جانب التجمعات البدوية التى تم إنشاؤها لتشجيع الزراعة واستكمال مشروعات البنية التحتية.

إعمار سيناء

وأشار رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق إلى أن هناك عدداً من المشاريع الكثيرة تم تنفيذها ويجرى تنفيذ أخرى لإعمار سيناء لتستوعب من ٦ الى ٨ ملايين نسمة بحلول عام ٢٠٥٠ طبقاً لخطة إعمار الدولة، وقد أصبحت سيناء الآن منطقة جذب للسكان، ولن يكون هناك أى مطمع فى أرض سيناء بعد الآن.

وقال اللواء سالم: إن ذكاء القيادة السياسية وفكر الرئيس عبدالفتاح السيسى عمل على تحويل سيناء لمنطقة جذب سكانى من خلال البناء والتنمية والتعمير، وهو الأمر المهم والأساسى فى عملية التصدى لأى مطامع فى هذه الأرض التى حباها الله بنعم عديدة وجعلها أرض أمن وسلام، وهذا تكليف من المولى - عز وجل - وهو ما يلقى مسئولية كبيرة على كل شعب مصر بأن يحافظوا على مصر مستقرة وآمنة لكل من يريد أن يدخلها، ولتبقى سيناء درع مصر الشرقى.

وشدد على أن تحرير سيناء أعاد السلام للأرض التى لم ولن يفرط فيها المصريون مهما كلفهم من تضحيات، حتى جاء تطهيرها من التكفيريين على أيدى أبطالنا من القوات المسلحة ومن الشرطة المدنية والشرفاء من المواطنين، وقد روت دماؤهم الزكية هذه الأرض، ليؤكد التاريخ أن الأرض أرضنا وشرفنا، لا نفرط فى ذرة رمال واحدة منها، لتفشل كل محاولات الطامعين الذين أرادوا تنفيذ مخطط أهل الشر لتبادل الأراضى وبأن تكون سيناء أرضاً للدولة الفلسطينية.

يوم تاريخي

من جانبه، أوضح اللواء طيار دكتور هشام الحلبى المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية  أن 25 أبريل يُعد يوماً مهماً فى حياة المصريين مع اكتمال تحرير سيناء بعد حرب 1973 وصولاً إلى التحكيم باسترداد آخر شبر من طابا، وعودة الأرض كاملة كانت نقطة فارقة تماماً، وهى الأساس لعملية السلام، حتى تمكنا من كسر نظرية الحدود الآمنة خارج الحدود من موانع طبيعية وصناعية، وتم فرض السلام من جانب مصر من منطلق القوة، فرضتها قوات مسلحة قوية وقادرة، وتحرك على إثره عمل دبلوماسى وسياسى ناجح.. وأكد الحلبى أن القوات المسلحة القوية هى الأساس لحماية الدولة، والقوة الصلبة المتمثلة فى القوات المسلحة تدعم القوة الناعمة والعمل الدبلوماسى والسياسي، وهو يمثل النموذج المحترف المعروف باسم «القوة الذكية»، وصولاً إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية للدول، مشيراً إلى أن الرئيس السادات هو أول من استخدم القوة الذكية، حتى تحقق النصر وتحررت آخر ذرة رمال من أرض سيناء الغالية التى تشهد حالياً نهضة تنموية غير مسبوقة جميعها تهدف إلى جذب الاستثمارات، وبالتالى تحقيق الاستقرار والحياة للمواطنين.. وشدد على أهمية المشروعات التنموية التى بدأت القيادة السياسية التخطيط والتنفيذ لها ليتم ربط سيناء بالوطن الأم، وهو ما يعمل على تنمية سيناء بالكامل من خلال مشروعات تنموية قومية عملاقة.

ملحمة التحرير

وفى سياق متصل، قال اللواء أركان حرب على حفظى محافظ شمال سيناء الأسبق: إن ذكرى 25 أبريل، مرتبطة بملحمة أكتوبر التى تعد من أعظم الملاحم التى قامت بها مصر فى التاريخ المعاصر، فهى تعطى دلالات واضحة عن الشرف والكرامة والعزة والتضحية والفداء والإخلاص، من أجل مصر والمحافظة على كل ذرة تراب من أرض مصر.

وأضاف  أن مراحل تحرير سيناء الثلاث، العسكرية والسياسية التفاوضية وأخيراً المرحلة الخاصة بالتحكيم استمرت جميعها نحو 22 عاماً، وحرب السادس من أكتوبر استمرت 22 يوماً، وهى الملحمة الثانية التى تمت باستعادة شرف العسكرية المصرية لتمثل الإعجاز والإنجاز والبراعة المصرية، حيث أن انتصار السادس من أكتوبر يمثل المفتاح الذى أعاد عظمة مصر ومكانة الإنسان المصري، وأصبح محل تقدير واحترام العالم كله.

وأكد اللواء حفظى أن سيناء تمثل قدس الأقداس مثلما عبر عنها الراحل جمال حمدان، لأن سيناء على مر التاريخ هى الدرع الذى حمى مصر من الغزاة والطامعين، فهى الأرض التى حباها الله - عزل وجل - بالكثير من نعمائه من الثروات والخيرات، وبوركت بالرسل والأنبياء على مر التاريخ.