«محامى الممولين» يرى النور بعد ١٩ عاماً من التعطيل

خبراء: المجلس الأعلى للضرائب يساهم فى وضوح السياسات الضريبية للدولة ودعم ثقة الممول.. وتحفيز الاستثمار

 د. محمد معيط
د. محمد معيط

 كتبت: أسماء ياسر

أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى قراراً بتشكيل المجلس الأعلى للضرائب، ليرى المجلس النور بعد 19 عاما من تعطيله، حيث نص قانون ضرائب الدخل الصادر عام 2005 على انشاء المجلس، الذى يعتبر محامياً للممولين أمام الادراة الضريبية، لكنه ذلك لم يتم حتى صدر القرار الجمهورى منذ أيام بتشكيل المجلس.

وأكد د. محمد معيط وزير المالية أن صدور قرار جمهورى بتشكيل المجلس الأعلى للضرائب برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية رؤساء اتحادات الصناعات والغرف التجارية والمستثمرين وممثلى مجتمع الأعمال والجمعيات الضريبية والمحاسبين، والخبراء فى المجالات الاقتصادية والمالية العامة والضرائب من أساتذة الجامعات يتكامل مع جهود الدولة فى مسار الإصلاح الاقتصادى لتمكين القطاع الخاص وتحفيز الاستثمار، وتشجيع المستثمرين على توسيع أنشطتهم الإنتاجية والتصديرية، على نحو يسهم فى تعزيز بنية الاقتصاد الكلى ورفع معدلات النمو، مدفوعةً بمساهمات أكبر للقطاع الخاص فى عملية التنمية الشاملة والمستدامة. 
 

أضاف الوزير، أن التمثيل القوى لاتحادات الصناعات والغرف التجارية والمستثمرين ومجتمع الأعمال والجمعيات الضريبية والمحاسبين والخبراء فى المجلس الأعلى للضرائب يجعل الممولين يشاركون فى صنع السياسات الضريبية، ومتابعة تنفيذها عبر آليات مؤسسية أكثر فعالية واستدامة؛ حيث أن كل أجهزة وجهات الدولة ملتزمة بتنفيذ قرارات وتوصيات هذا المجلس، الذى يتمتع بصلاحيات واسعة من أجل إرساء دعائم نظام ضريبى أكثر تطورًا وتحفيزًا للاستثمار، بشكل مستدام، والعمل أيضًا على ضبط العلاقة بين المستثمرين والدولة فى المجال الضريبي، ويختص بدراسة مشروعات القوانين الضريبية ولوائحها التنفيذية والموضوعات الضريبية التى يعرضها عليه مجلس الوزراء، والعمل على رفع كفاءة الإدارة الضريبية، ودفع جهود تعزيز الحياد الضريبي، والالتزام الطوعى الضريبى بسداد مستحقات الخزانة العامة للدولة، فضلاً عن تلقى شكاوى المجتمع الضريبي؛ لبحثها مع المصالح الضريبية، وكذلك دراسة أى تحديات ضريبية أمام مجتمع الأعمال، ووضع الحلول المناسبة لمواجهتها، وتقديم الدعم الفنى والمشورة القانونية لدافعى الضرائب والدفاع عن مصالحهم.
وأوضح الوزير أنه سيتم من خلال المجلس الأعلى للضرائب معاونة المصالح الضريبية فى إعداد أدلة العمل الضريبى، ومنها دليل القواعد الأساسية للفحص، ودليل إجراءات الفحص، ودليل الفحص بالعينة، والتى تساعد على توعية دافعى الضرائب وغيرهم من ذوى الشأن بحقوقهم والتزاماتهم الضريبية، والعمل أيضًا على إقرار وثيقة حقوق دافعى الضرائب، إضافة إلى القياس المستمر لمشروعات الإدارة الضريبية ومدى اعتمادها على الأساس الفعلى العادل فى تحصيل جميع أنواع الضرائب والجمارك، وإجراءاتها لتقليل المنازعات الضريبية.
وأضاف الوزير أنه سيكون هناك تنسيق دائم بين وزارة المالية والمجلس الأعلى للضرائب والمجلس الأعلى للاستثمار؛ لتعزيز استخدامات الضريبة كمحفز للنشاط الاقتصادى، مشيرًا إلى أن المجلس الأعلى للضرائب يختص باقتراح الآليات الكفيلة لمعالجة ظاهرة المتأخرات الضريبية فى جميع أنواع الضرائب، وسيلعب دورًا محوريًا فى تحقيق الإيرادات الضريبية المستهدفة، دون فرض أعباء جديدة، من خلال العمل على توسيع القاعدة الضريبية وتحفيز جهود دمج الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمى تحقيقًا للعدالة الضريبية.
رحبت جمعية خبراء الضرائب المصرية بقرار الرئيس عبدالفتاح السيسى بتشكيل المجلس الأعلى للضرائب، وقالت إن هناك 3 مهام عاجلة أمام المجلس الجديد، وهى وضع ادلة العمل الضريبي، واقتراح آليات معالجة ظاهرة المتأخرات الضريبية و توسيع القاعدة الضريبية.

وقال المحاسب الضريبى أشرف عبدالغنى مؤسس جمعية خبراء الضرائب المصرية إن قرار تشكيل المجلس الأعلى للضرائب جاء انتصارا لمبادئ العدالة الضريبية، ودليلا جديدا على قناعة الدولة بأهمية توسيع دور القطاع الخاص، لانه للمرة الأولى سيشارك الممولون فى صياغة السياسات الضريبية فضلا عن ضمان حقوق الخزانة العامة للدولة ووضع نظام ضريبى محفز للاستثمار و مشجع للإنتاج.

وأشار إلى أن المجلس الجديد أمامه 3 مهام عاجلة لضبط العلاقة بين أطراف المنظومة الضريبية، أولها وفقا لما أعلنه الدكتور محمد معيط وزير المالية عن وضع ادلة العمل الضريبي، ومنها دليل القواعد الأساسية للفحص، ودليل إجراءات الفحص، ودليل الفحص بالعينة لتوعية الممولين بحقوقهم وواجباتهم، ووضع قواعد واضحة لعملية الفحص التى تتسبب فى كثير من المنازعات، وتفسد العلاقة بين مصلحة الضرائب ومجتمع الأعمال.

وأكد أشرف عبدالغنى أن المجلس مطالب باقتراح آليات لمعالجة ظاهرة المتأخرات الضريبية، ووضع قواعد دائمة لتسوية المنازعات الضريبية دون اللجوء للمحاكم، حفاظا على حقوق الدولة ودعما للمراكز الضريبية للممولين، مضيفا أن الأولويات تتضمن أيضا التأكيد على عدم فرض اعباء ضريبية جديدة، وإقتراح آليات لتوسيع القاعدة الضريبية من خلال تقديم حوافز وتيسيرات لدمج الاقتصاد غير الرسمى الذى يزيد على 70% فى بعض القطاعات.

وأشار إلى أن هذه المهام الثلاث إلى جانب مناقشة مشروعات القوانين والسياسات الضريبية وإصدار وثيقة حقوق دافعى الضرائب ستساهم فى رفع معدلات النمو إلى ما يتراوح بين 6 إلى 8% وإيجاد بيئة داعمة للتشغيل لتوفير 8 ملايين فرصة عمل سنويا، و الوصول بالصادرات إلى 100 مليار دولار سنويا.

وأوضح د. عرفان فوزى الأمين العام للجمعية العلمية للتشريع الضريبى أن إنشاء مجلس أعلى للضرائب مطلب مهم وينادى به الخبراء منذ فترة كبيرة؛ نظرًا لأن قانون الضريبة على الدخل رقم 91 الصادر عام 2005 قد نص على إنشاء هذا المجلس ومنح المجلس الشخصية الاعتبارية، وأعطى له صلاحيات واسعة فى رسم السياسة الضريبية للدولة، ودعم الثقة بين الممول والإدارة الضريبية وتحفيز الاستثمار، وعلى الرغم من أهمية هذا المجلس فقد ظل هذا النص معطلًا منذ ذلك التاريخ لفترة كبيرة على الرغم من صدور قرار جمهورى فى عام 2010 بتشكيل المجلس، إلا أن هذا القرار لم يفعل، ولم يغفل قانون الإجراءات الضريبية الموحد رقم 206 لسنة 2020 النص على تشكيل المجلس، وأعطى له كافة الصلاحيات التى كانت مقررة بالقانون 91 لسنة 2005. 

وأضاف فوزى أنه بعد صدور قرار رئيس الجمهورية بتشكيل المجلس الأعلى للضرائب سيكون للمجلس دور مهم وحيوي فى دعم الثقة بين الممول والإدارة الضريبية، والحد من المنازعات الضريبية، وتحسين البيئة التشريعية التى تنظم قواعد فرض الضريبة، وتعزيز استخدامات الضريبة بما يجعلها تمثل حافزًا للمستثمرين.

ويقول محمد البهى رئيس لجنة الضرائب والجمارك باتحاد الصناعات إن تشكيل المجلس الأعلى للضرائب ورد فى قانون 91 الصادر عام 2005، وحتى الآن لم يكن تم تشكيله، وبالفعل طالبنا فى الحوار الوطنى بسرعة تفعيل القانون بتشكيل المجلس الأعلى للضرائب، لافتًا إلى أن مهمة المجلس مراجعة القوانين والقرارات، والنظر فى النزاعات بين مصلحة الضرائب والمستثمرين، كما يضع سياسات عامة للضرائب فى مصر، بالإضافة إلى أنه خطوة صائبة لإصلاح المسار الاقتصادي، موضحًا أن هذا المجلس يساعد على طمأنة المستثمر سواء الوطنى أو الأجنبي، ويؤكد أن هناك جهة أو مجلساً أعلى يفصل فى النزاعات ويضع سياسات لتسوية الخلافات. 

وأضاف البهى أن من شأن المجلس أيضًا وضع فلسفة للضرائب فى مصر، والبعد عن التقديرات الجزافية، والحفاظ على التطبيق العادل للضرائب، مؤكدًا أن وجود ممثلين للمجتمع المدنى فى المجلس يصنع قدرا كبيرا من التوازن بين حق الممول وحق الدولة.

ومن جانبه أكد المهندس أحمد الزيات عضو جمعية رجال الأعمال المصريين أن المجلس الأعلى للضرائب سيكون أحد الآليات لتفعيل الثقة فى مجتمع الأعمال، وسيكون مهمته الأساسية وضوح السياسات الضريبية خلال السنوات القادمة، ذلك الأمر الذى ينعكس إيجابًا على مجتمع الأعمال لوجود شفافية وحوكمة فى الإجراءات الضريبية ونسبة الضرائب فى الأعمال فى السوق المصرية، وبالتالى يساهم ذلك فى تشجيع وجذب الاستثمارات وضخ مزيد من التدفقات النقدية خاصًة الدولار؛ وذلك لوضوح السياسات الضريبية للدولة، وعدم وضع أى أعباء إضافية على القطاع الخاص وعلى مجتمع الأعمال، ليصبح حافزًا قويًا، ويخلق مزيداً من الثقة بين القطاع الخاص والدولة. 

وأشار الزيات إلى أن المجلس الأعلى للضرائب سيتشكل من عدد كبير من كيانات المجتمع المدنى بكافة أنواعها، ذلك الأمر الذى يساهم فى نقل الصورة كاملة وكل التحديات الموجودة فى مجتمع الأعمال.

ويقول أشرف حجر مدير مركز مصر والشرق الأوسط للدراسات المالية والاقتصادية ان صدور القرار الجمهورى بانشاء المجلس الأعلى للضرائب الذى نصت عليه مادة 139 من قانون ضريبة الدخل المعدل رقم 30 لسنة 2023 يمثل نقلة نوعية فى الفكر الضريبي، وذلك لضمان حقوق دافعى الضرائب على اختلاف أنواعها، ومعاونتهم على الوفاء بالتزاماتهم القانونية التى تفرضها عليهم القوانين الضريبية، وغيرها من القوانين ذات الصلة، كما أن المجلس يساهم فى تحقيق التواصل بين صناع السياسات الضريبية ومجتمع الأعمال فى صياغة سياسات ضريبية، ومتابعة تنفيذها على أرض الواقع، ودراسة مشروعات القوانين الضريبية ولوائحها التنفيذية والموضوعات الضريبية المطروحة عليه من قبل مجلس الوزراء.