وزير الأوقاف: من حسن الخاتمة تثبيت الله لعباده المؤمنين بالقول الثابت في الدنيا والآخرة

وزير الأوقاف
وزير الأوقاف

أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، أن القرآن الكريم هو كتاب الكمال والجمال في كل شيء، فكما تحدث عن ”العطاء الجميل”، و”الدفع الجميل”، و”القول الجميل”، تحدث أيضا عن "التحية الجميلة"، فقال تعالى: ”وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا “، والتحية الجميلة هي القول الجميل ، هي تحية الإسلام ، هي السلام ، فالإسلام دين السلام ، ونبينا (صلى الله عليه وسلم) نبي السلام، وتحيتنا السلام، وتحية أهل الجنة في الجنة السلام، قال تعالى: ”وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ”، وقال سبحانه: ”وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ”فهذه هي تحية الإسلام، ويجب أن نردها بمثلها أو بأحسن منها، ولا نكون ممن يبتغون الدنيا بعمل الآخرة؛ فيفرقون في رد السلام بين أناس وآخرين، تحكمهم المصالح الدنيوية في هذا، يقول القائل: يُحيّا بالسلام غني قوم ويُبخل بالسلام على الفقير أليس الموت بينهما سواء إذا ماتوا فصاروا في القبور.

اقرأ أيضاً|وزير الأوقاف: القرآن الكريم دعانا إلى القول الطيب والكلم الطيب

وقال وزير الأوقاف خلال رابع حلقات برنامج: (في رحاب القرآن الكريم) اليوم الخميس 4 رمضان 1445هـ الموافق 14 مارس 2024م والذي يذاع على قناة النيل الثقافية أنه ينبغي رد السلام بالتي هي أحسن ، بل لو قصد من خلال السلام جبر خاطر الفقير أو المسكين كان الثواب أعلى وأعظم، وفي هذا يقول الشاعر:  تَهَلَّلَ قَبلَ تَسليمي عَلَيهِ ، ويقول الآخر : وإذا طلبت إلى كريم حاجة فَلِقَاؤُه يَكْفِيكَ وَالتَّسليمُ

وأضاف جمعة "قد قالوا: ”البر شيء هين ، وجه طلق و قول لين“، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم ) : ” لا تَحقِرَنَّ مِنَ المَعْرُوف شَيْئًا، وَلَو أنْ تَلقَى أخَاكَ بوجهٍ طليقٍ، وكما تحدث القرآن الكريم عن ” التحية الجميلة” تحدث أيضًا عن “العيشة الجميلة الطيبة” عيشة أهل الجنة ، يقول تعالى : ” فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ، إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ ، فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ ، في جنة عالية قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ ، كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ” ، والمعيشة أمر معنوي ، وتكون مرضية ، لكن القرآن الكريم عبر باسم الفاعل (رَّاضِيَةٍ) في موضع اسم المفعول (مرضية) تأكيدًا على منتهى الرضا في هذه المعيشة ، حتى إن العيشة نفسها راضية عن أصحابها ، وكيف لا ! وهم في جنة عالية ، قطوفها دانية ، كما تحدث القرآن الكريم عما يوصل لهذه المعيشة الجميلة من خلال السعي الجميل ، فقال سبحانه : ” وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا”.

وتابع "قد تحدث القرآن الكريم عن ” اللقاء الجميل ” عندما تتلقى ملائكة الرحمن عباد الله المخلصين ، حيث يقول سبحانه : ” إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ، لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ ، لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ” ، كما تحدث القرآن الكريم عن ” الخاتمة الجميلة ” ، خاتمة أهل الاستقامة ، حيث يقول سبحانه : ” إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ” ، تتنزل عليهم لحظة الاحتضار ، مع أن نزول الملائكة (عليهم السلام) يكون للأنبياء والمرسلين (عليهم الصلاة والسلام) ، لكن هذه الآية الكريمة تحدثت عن نزول الملائكة على أهل الاستقامة ، تقول للعبد منهم : “لا تخف يا عبد الله ولا تحزن ، وأبشر بالجنة التي كنت توعد ، انظر إلى مقعدك في النار قد أبدلك الله به مقعدًا في الجنة ، لا تحزن على ما تركت من الأهل والأولاد والأزواج؛ فهم في كنف الله ورعايته وأمنه ، ولا تخف من الآتي ؛ فأنت في عفو الله وأمنه وستره وعطائه وفيض كرمه ، وهو وليّك في الدنيا والآخرة” ، فمم تخاف إذا كان الله هو وليَّك وولي أهلك في الدنيا والآخرة؟ ، يقول تعالى: ” نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ، نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيم ٍ”.

وذكر "من الختام الجميل تثبيت الله لعباده المؤمنين ، قال تعالى : ” يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ “، قال بعض أهل العلم : يثبتهم لحظة الاحتضار يثبت لسانهم بالنطق بالشهادتين، يثبت قلوبهم بالطمأنينة، وهذا حسن الخاتمة ، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ ” ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْم ِ: ما استعملهُ؟ قَالَ: ” يَهْدِيهِ اللَّهُ إِلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ قَبْلَ مَوْتِهِ، ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَى ذَلِكَ ” ، وكان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) دائمًا ما يسأل ربه حسن الخاتمة ، فيقول ( صلى الله عليه وسلم ) : ” يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك “، فتقول السيدة عائشة (رضي الله عنها ) : يا رسول الله ، إنك تدعو بهذا الدعاء ، قال : يا عائشة ، أو ما علمت أن القلوب - أو قال : قلب بني آدم - بين أصبعي الله ، إذا شاء أن يقلبه إلى هدى قلبه ، وإذا شاء أن يقلبه إلى ضلالة قلبه ” ، وقالوا : من قبض على شيء بعث عليه ، لا سيما الشهداء ، حيث يقول نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) : ” والذي نفسي بيده لا يُكْلَم أحد في سبيلِ اللهِ واللهُ أعلمُ بمن يُكْلَمُ في سبيلِه إلا جاء يومَ القيامةِ وجُرْحُه يَثْعَبُ دمًا, اللونُ لونُ الدمِ والريحُ ريحُ المسكِ ” ، وما أحسنها وأجملها من خاتمة!.

يأتي ذلك في إطار غرس القيم الإيمانية الصحيحة، وفي ضوء العناية بكتاب الله (عز وجل) وبيان مقاصده وأسراره.