القارئ الصيدلى أحمد محمود أبو الوفا الصعيدى: ورثتُ عمامة أبى.. وأحاول التطوير فى مدرسته

والدى من أولياء الله.. ودخل الإذاعة بشريط سمعه «فهمى عمر»
والدى من أولياء الله.. ودخل الإذاعة بشريط سمعه «فهمى عمر»

يتميز بصوتٍ قوى وإجادة تامة فى مخارج الحروف، وتمكّن من القراءات؛ يُشبه إلى حدٍّ كبيرٍ صوت والده الراحل، غير أنه لا ينخلع من جلباب أبيه، وإنما يجتهد ليشق لنفسه طريقًا خاصًّا به، يُطوّر فى الأداء، ويلتزم بآداب التلاوة، ويبنى طوابق على الأساس الذى شيده والده، رغم فوارق النفحات بينه وبين والده التى يُدركها المُستمع الحصيف؛ إنه القارئ الصيدلى أحمد أبو الوفا الصعيدي، الذى يكشف لنا العديد من أسرار والده القارئ الراحل محمود أبو الوفا الصعيدي، الجوهرة القرآنية التى خرجت من محافظة أسوان لتنشر ضوء القرآن فى العالم الإسلامي، والذى ترك لنا تسجيلات وتلاوات تبنى مزيدًا من الصروح فى دولة التلاوة المصرية:    

منهج حياة

يقول الشيخ أحمد أبو الوفا الصعيدي: كانت تلاوة القرآن الكريم رسالة ومنهج حياة لأسرتى جميعًا، وعلى رأسها فضيلة الشيخ الوليّ محمود أبو الوفا الصعيدي، وهذا هو المنهج الأساسى الذى ربانا عليه والدي، عليه من الله سحائب الرحمة والغفران؛ وقد ولد الشيخ محمود فى محافظة أسوان، مركز إدفو، قرية الصعايدة قبلي، عام ١٩٥٤م. وبدأ حفظ القرآن على يد والدته، جدتى منيرة، ثم انتقل إلى كتّاب القرية لاستكمال حفظ القرآن بالتوازى مع الدراسة، إلى أن حصل على دبلوم التجارة وعمل فى مصنع سكر إدفو.

ويوضح قصة انتشار والده، أنه وقتها بدأت تظهر موهبته بقوة، فأشار عليه وجهاء وعلماء القرية بضرورة التوجه إلى القاهرة لاستكمال دراسة القرآن وعلوم القراءات؛ وبالفعل انتقل إلى القاهرة، وأثناء استكمال الدراسة سجلت له شركة صوتيات وليد فون شريطا قرآنيا، ليفاجأ بأن هذا الشريط قد انتشر بقوة وسط شرائط كبار القراء، لتتوالى عليه العروض لتسجيل القرآن وإقامة الحفلات، وبالفعل قام بتسجيل كثير من الشرائط القرآنية التى غزت العالم شرقا وغربا؛ ووصل شريط منها إلى رئيس الإذاعة وقتها الأستاذ الكبير فهمى عمر ليستدعى والدى ليضمه إلى قراء الإذاعة.

ويواصل قائلًا: إن حالات أبى فى البيت كانت واحدة تقريبًا، فهو إما يُصلى أو يقرأ القرآن أو يذكر الله بالأوراد الخاصة به أو يُصلى على سيدنا رسول الله، وربما لهذا كان كثير المشاهدة لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، فى الرؤيا؛ كما كان أبى كريمًا وحنونًا وذا هيبةٍ شهد لها القاصى والداني، حتى إنه كان يقرأ فى يوم راحته قريبًا من الختمة كاملة، وفى بعض الأوقات أقول له يا أبى لو تنام أكثر فى يوم راحتك، فكان يجيبنى بأن القرآن عشق وراحة، والذى معه القرآن لا ينام كثيرا؛ لأن عشق القرآن يجذبه إلى التلاوة آناء الليل وأطراف النهار. 

رحلتى مع القرآن

ويقول: أما عن رحلتى مع القرآن، فقد بدأت مع الدراسة، فقد كنت مغرمًا بالاستماع إلى شرائط والدى أثناء المذاكرة، ولكن ظهور الموهبة كان أثناء دراسة كلية الصيدلة، فقد دعيت لافتتاح حفل نصر أكتوبر بالجامعة ومن ثم توالت الحفلات، وبعد انتهاء الكلية درست ما شاء الله لى من علوم القرآن والقراءات على يد الشيخ نبيل محمد على أحمد، شيخ مقرأة السيدة سكينة، رضى الله عنها وأرضاها، وكانت تأتينى الدعوات على مستوى المحافظات إلا أن والدى كان حريصًا على تأسيس الصيدلية، وأن أصل لمستوى معين فى القراءة قبل الانطلاق فى الحفلات، وقد صحبت أبى فى كثير من الحفلات وكان يوجهني؛ ولكن الانطلاقة الكبرى كانت بعد وفاة والدي، وقد رأى أحد الصالحين رؤيا أن أبى يلبسنى عمامته، ووقتها كنت ألبس البدلة وكان فى نفسى أنى أميل للبس العمامة، فكانت هذه الرؤيا بمثابة الإشارة للبس عمامة أبي، وكان بالنسبة لى ولجمهور والدى فرحة كبيرة.

بصمة الصوت

ويتابع قائلًا إن بصمة الصوت بحكم الجينات متشابهة مع أبي، ولكن لله الفضل والمنة فإننى أحاول التطوير فى مدرسة والدى إلا أنه هو الأساس؛ أما الالتحاق بالإذاعة فهو مكانة أدبية طيبة، ولنا الشرف أن نلتحق بها وإن شاء الله يكون لنا نصيب بها قريبًا، وقد سافر والدى إلى كثير من دول العالم، منها أستراليا وهولندا وتركيا والإمارات وكوديفوار؛ وبالنسبة لى فقد أتتنى دعوات من ليبيا وإيران وكندا وباكستان إلا أننى لم ألبّ أيًّا منها حتى الآن، وإن شاء قريبا نبدأ فى تلبية الدعوات الخارجية؛ وأحب الاستماع لغير تلاوات والدى للشيخين الكبيرين الليثى والمنشاوي، وكذلك باقى القراء. وأؤكد أن أعضاء مجلس نقابة القراء مجتهدون، وننتظر منهم أداء أعلى من هذا.