فى الصميم

بايدن ونتنياهو.. والشراكة المدمرة

جلال عارف
جلال عارف

ستظل السياسة الأمريكية فى المنطقة تتخبط ما لم يتم الإقرار - وبسرعة - بالخطأ الفادح فى الانحياز غير المسبوق من جانب إدارة بايدن لإسرائيل بعد أحداث السابع من أكتوبر الماضى، والذى وصل لحد المشاركة الفعلية فيما تسميه إسرائيل وأمريكا بـ «العملية العسكرية فى غزة» ويسميه العالم كله حرب الإبادة على الشعب الفلسطينى.


الرئيس بايدن وإدارته تبنوا الرواية الإسرائيلية كاملة، ووضعوا كل الإمكانيات الأمريكية العسكرية والسياسية والاقتصادية فى خدمة حكومة نتنياهو التى كان الرئيس بايدن نفسه قد وصفها بأنها أكثر الحكومات تطرفاً فى تاريخ الكيان الصهيونى(!!).. والنتيجة أن القرار الأمريكى أصبح رهينة لدى نتنياهو، وأن كل محاولات واشنطن لإنقاذ موقفها يصطدم بالهوس الإسرائيلى وبإداك نتنياهو أن استمرار الحرب هو وحده ما يمنع سقوطه ومحاكمته.. وربما قضاء ما تبقى من عمره داخل السجن!
بالتأكيد.. كانت حسابات بايدن مختلفة، وكان يتوقع حرباً أقصر ودماراً أقل وعرفاناً بالجميل من جانب «اللوبى الصهيونى» يحسم له معركة الرئاسة القادمة. لكن الموقف لم يعد كذلك.. الكارثة غير مسبوقة، وأمريكا تحولت إلى شريك فى حرب إبادة يدينها العالم كله. والأخطر - بالنسبة لبايدن - أن الانتخابات تقترب، والمعارضة لاستمرار الإبادة الجماعية تشتد داخل الولايات المتحدة، ونتنياهو لا يخفى تفضيله لعودة ترامب ويقاوم بكل قواه كل محاولات التهدئة.
آخر استطلاعات الرأى تدفع الديموقراطيين لضرورة التحرك. لم تعد معارضة سياسة بايدن تجاه الحرب مقصورة على شباب الحزب ومجموعات عربية ومسلمة مؤثرة فى ولايات حاسمة، لكنها تمتد لكل الأقليات التى يعتمد عليها الحزب، وللأمريكان السود القوة الضاربة للحزب، وحتى لمجموعات يهودية تعارض سياسات نتنياهو وتراها مدمرة لإسرائيل.


وبالتأكيد.. لن يذهب بايدن لصدام كبير مع نتنياهو، لكنه لن يستطيع تجاهل أصوات هامة داخل وخارج حزبه تحذر من أن مصالح أمريكا لا يمكن أن تترك لما يقرره زعماء عصابات الإرهاب الإسرائيلى الذين لايعرفون إلا لغة الحرب والدمار. كما لن يستطيع تجاهل حقيقة أن نسبة تأييده فى استطلاعات الرأى تؤكد أنها الأقل بين كل الرؤساء الذين رشحوا أنفسهم لولاية ثانية وهم فى البيت الأبيض !!