تداس بالأقدام.. المسئولون يتجاهلون الكنوز الأثرية بسوهاج 

مباني عشوائية أعلى المعابد والأماكن الأثرية للحفر والتنقيب عن الآثار

 أعضاء لجنة الإعلام والآثار والثقافة بمجلس النواب
أعضاء لجنة الإعلام والآثار والثقافة بمجلس النواب

كشف طلب إحاطة تقدم به النائب أحمد عبد السلام قورة- عضو الهيئة البرلمانية لحزب حماة الوطن بمجلس النواب، موجه إلى رئيس مجلس الوزراء ووزير السياحة، قدمه إلى لجنة الإعلام والآثار والثقافة بمجلس النواب عن مئات المواقع الأثرية بنطاق محافظة سوهاج، التي تحوى في باطنها الآثار المصرية القديمة «الفرعونية والقبطية والإسلامية وعصر ما قبل الأسرات»، منها ما تم اكتشافه وهم 3 مواقع فقط من بين مئات المواقع التي ما زالت في طي التجاهل والنسيان من قبل المسئولين، الأمر الذي أدى إلى قيام الحالمين بالثراء السريع بأعمال البناء العشوائي على المناطق الأثرية لحمايتهم عن الأنظار في أعمالهم الإجرامية في الحفر والتنقيب عن الآثار، وسط صمت متعمد، ومتجاهل للكنوز الأثرية وجعلها عرضه للحفارين والمهربين لآثار وتاريخ البلد.


هذا وأوصت لجنة الإعلام والآثار والثقافة بمجلس النواب، برئاسة النائب نادر مصطفى- وكيل اللجنة خلال اجتماعها بضرورة اطلاع وزارة السياحة والآثار بالحفاظ على الكنوز الأثرية بأخميم بمحافظة سوهاج، ونقل جبانة المسلمين واستكمال معبد أخميم الذى يعد طبقاً للدراسات أكبر مجموعة معابد في مصر.

كما أوصت اللجنة بتطوير الجزء المكتشف والمفتوح للزيارة وتطوير منطقة «جبل السلاموني» الذي يحوي «معبد آى» الذي شيده الملك آى التالي مباشرة للملك توت عنخ آمون والمقابر البطلمية ذات النقوش الفريدة، واستكمال مشروع تطوير معبد أتربيس بقرية نجع الشيخ حمد بمدينة سوهاج، وبناءأسوار وحماية التراث بالمنطقة وعمل رؤية بصرية ولوحات استرشادية، وربط المناطق السياحية وتطوير منطقة آثار أبيدوس، حيث ينقصها الكثير من الطرق الداخليه بالمنطقة الأثرية، ونظام إضاءة ولوحات استرشادية، مع الاهتمام بالسياحة الدينية والأديرة.

كشفت مناقشات اللجنة عن العديد من المفاجآت الصادمة إثناء إستعراض طلب الإحاطة المقدم من النائب أحمد قورة- عضو الهيئة البرلمانية لحزب "حماة الوطن"، عن تجاهل المسئولين للكنوز الأثرية الموجودة بمحافظة سوهاج وخاصة مدينة أخميم التي تضم العديد من المعابد الأثرية الكبرى التي طالتها العشوائيات، وبناء المساكن فوقها دون أي تحرك حكومي، رغم صدور العديد من قرارات الإزالة التي لم يتم تنفيذها منذ 15 عاماً.

آثار يُداس عليها بالأقدام    

وقال «قورة»: إننا أمام موضوع كبير وخطير يمس كنوزاً أثرية بمحافظة سوهاج «ندوس عليها بالأقدام»، وللأسف منذ عام 2005 وحتى الآن لم نجد أى جديد أو أي تحرك حكومي لإنقاذ تلك الكنوز الأثرية من النهب والسرقة، حتى أننا فوجئنا بأن «الخفر» الذين يحرصون ويؤمنون تلك الآثار أصبحوا «نودارجية» يعملون لصالح من يسرقون الآثار المردومة والمقامة عليها «البيوت العشوائية» والباعة الجائلين.

وتابع عضو الهيئة البرلمانية لحزب حماة الوطن النائب أحمد عبد السلام قورة: مع احترامي لممثلي الحكومة الموجودين معنا الدكتور محمد عبد البديع- رئيس الإدارة المركزية لآثار مصر العليا ، ورحمة حسن عليوة- عضو فنى الاتصال السياسي لمكتب الوزير، إلا أنني مع زملائي الذين يطالبون بحضور وزير السياحة والآثار، خاصة وأننا نريد الخروج بقرارات سريعة وتنفذ لإنقاذ الكنوز الأثرية ومنها على سبيل المثال لا الحصر «معبد أبيدوس»، مشيراً إلى وجود 100 أثر مفتوح، لكن للأسف القابل للزيارة ثلاثة مواقع فقط.

وهنا تسأل «قورة» كيف نترك آثارنا بهذا الشكل وندوس عليها بالأحذية ونتركها للسرقة والنهب؟.. ثم نتحدث عن اقتصادنا الذى يحتاج إلى دفعة للأمام في ظل الظروف الاقتصادية العالمية، وارتفاع قيمة الدولار في مواجهة الجنية قائلاً: "إن نهوض اقتصادنا لن يأتي إلا من خلال السياحة والاهتمام بالمناطق الأثرية".

وقال: نريد الاستفادة من المليارات التى أنفقت على الجمهورية الجديدة ومنها «سوهاج - قنا - أسوان»، ونريد الاستفادة من مطار سوهاج ، والبحر الأحمر والعديد من المحاور، مما يسهم بالايجاب في إنعاش الخزانة العامة للدولة.

كنوز أثرية مجهولة   

وتسأل عضو مجلس النواب مقدم طلب الإحاطة: أين الأجهزة المعنية من الآثار الموجودة بقرية نجع المشايخ بدار السلام، والتي يرجع تاريخها إلى العصرين الفرعوني والروماني؟، ويوجد بعض المقابر بها وتم إخضاعها لقانون حماية الآثار فى فبراير 2022، وأيضاً قرية «كوم اشقاو» التابعة لمركز طما بسوهاج، التي تعوم على كنوز أثرية مجهولة في قلب سوهاج، وتعتبر من أغنى المناطق والقرى نظرًا لكونها إحدى المقاطعات الفرعونية القديمة، بالإضافة إلى احتوائها على آثار قبطية وإسلامية، فماذا نحن فاعلون للأسف لا شيء!!.


كنوز أثرية عرضة للسرقة والنهب  

وتابع: للأسف بالرغم من مرور أكثر من 13 عام، مازالت مشكلة عودة دفن الموتى فى جبانة المسلمين القديمة بمدينة أخميم مستمرة حتى الآن، الأمر الذي بات يهدد كنوز أخميم الأثرية بالخطر والسرقة والنهب وضياع ملايين الجنيهات التى أنفقت على إنشاء الجبانات الجديدة بحي الكوثر فى الهواء.

هوس الرغبة فى الثراء السريع   

واستكمل النائب أحمد قورة: أنه لا بد من وجود إرادة قوية وقرارات جريئة بعيداً عن الروتين الحكومي، وأن يكون هناك حل توافقي بين المحافظة وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وتوجيه نداء آخر لمنظمة اليونسكو لانقاذ آثار أخميم قبل أن يأتي يوم نفاجأ فيه بخلو المدينة مما فى بطنها من كنوز فى ظل هوس الرغبة فى الثراء السريع.

وشدد عضو مجلس النواب، على ضرورة زيادة الوعي لدى المواطنين بأهمية نقل المقابر مرة أخرى إلى حي الكوثر، مع توفير حراسة أمنية مشددة على المقابر القديمة لمنع الدفن بها مرة أخرى، وتسليم المنازل الخاصة بالحفارين وضبط عمل الحفارين بالمقابر الجديدة حتى يتسنى لهم التواجد باستمرار.

عصر ما قبل الأسرات   

هذا وحذر البرلماني أحمد عبد السلام قورة، خلال استعراضه لطلب الإحاطة الموجه إلى الدكتور مصطفى مدبولي- رئيس مجلس الوزراء ، وأحمد عيسى- وزير السياحة والآثار، من خطورة الإهمال الجسيم بالمناطق الأثرية بشرق محافظة سوهاج، والتي يأتي من بينها أخميم «معبد ميريت آمون»، والتل الأثري بالديابات، والمقابر الأثرية بالحواويش، ومقابر السلاموني، والموجود بها أيضاً المعبد المقطوع في أعلي الجبل الذي شيده الملك «آي» للمعبود «مين»، والأحايوة شرق، التي تضم العديد من المقابر من عصر ما قبل الأسرات إلي جانب جبانة من عصر الانتقال الثالث ذات الشكل المقبي، والخازندارية.

أول مقبرة ملكية   

وأكد النائب أحمد قورة، في طلب الإحاطة، على ضم سوهاج للعديد من الكنوز الأثرية المدفونة فى باطن الأرض، وهو ما جعلها محطة هامة للتنقيب عن الآثار، لافتاً إلي أن أقصى جنوب المحافظة، تقع منطقة «أبيدوس»، التى كانت قبلة الحجاج المصريين القدماء، وبها كانت تتم الطقوس الجنائزية للملوك، وفيها أول مقبرة ملكية، وبها تم تصنيع أول مراكب للشمس، كما أنها كانت أول عاصمة للدولة الموحدة، ويقع بها معبد «سيتي الأول»، والد الملك «رمسيس الثانى»، ويجاوره نحو 120 منزلاً لأهالي قرية «عرابة أبيدوس»، ويوجد أسفل تلك المنازل كنوز لا تقدر بثمن.

«ميريت آمون».. أطول تمثال لسيدة فى العالم   

 هذا بالإضافة إلي شرق العاصمة سوهاج، حيث تقع مدينة «أخميم»، الغنية بالآثار المهمة للملك «رمسيس الثانى»، حيث شيد معبداً ضخماً، تم الكشف عنه بالصدفة، أثناء حفر أساسات معهد أزهري عام 1981، وتم استخراج أطول تمثال لسيدة فى العالم، بارتفاع 11 متراً، للملكة الفرعونية «ميريت آمون»، ابنة «رمسيس الثانى»، كما تم استخراج تمثال محطم للملك «رمسيس الثانى» نفسه، وتم تجميعه مؤخراً.

سرقة الكنوز الأثرية   

وأشار «قورة» إلي أن سرقة الكنوز الأثرية في سوهاج تنتشر وخاصة في مراكز أخميم وأبيدوس والمنشاة ودار السلام، وسوف تظل الآثار عرضة للنهب ولن تتوقف سوى بإرادة قوية من الدولة، وتبني خطة جادة لاستخراج الكنوز ونقلها إلي المتحف الأثري علي النيل.

وضع سوهاج على الخريطة السياحية   

موضحاً أن هذه الكنوز الأثرية يمكن أن تسهم في وضع سوهاج علي الخريطة السياحية بعد تطويرها وفتحها كمزارات سياحية، وهو ما عجز عنه كل المسئولين السابقين، فهل يأتي من يستطيع تحقيق ذلك!، مشدداً على أهمية الحفاظ على هذا التراث الذي يعزز هويتنا الثقافية ويساهم في تعزيز جودة حياتنا وبيئتنا المحيطة، فالآثار هي كنز قديم محفوظ على أراضٍ حديثة.

الآثار المدفونة   

واستطرد النائب أحمد قورة، قائلا: إن توقف أعمال التنقيب فى هذه الاكتشافات لأسباب مختلفة، يطرح العديد من التساؤلات، لعل أبرزها: متى تضع الدولة خطة محددة للكشف عن الآثار المدفونة فى «أبيدوس» و«أخميم»؟

500 موقع أثري   

واختتم النائب أحمد عبد السلام قورة، طلبه بالإشارة إلي وجود أكثر من 500 موقع أثري في سوهاج تمثل التاريخ المصري عبر جميع العصور الفرعونية يمكنها أن تستقبل نحو 200 ألف سائح يومياً في حالة استغلالها واستخراج كنوزها وتشغيل المتحف الأثري الذي توقف العمل به أكثر من مرة منذ سنوات طويلة، برغم ما أنفق علية حتى الآن والتي يزيد عن 100 مليون جنيه.. ويضيف: للأسف من بين ذلك كله هناك 3 مواقع فقط مفتوحة أمام السائحين وهي منطقة أبيدوس الأثرية بمركز البلينا وموقعان بأخميم، ويصل عد المترددين عليهم سنوياً أعدادا لا تناسب الأثر الموجود بهم فقط.

من جانبه أشاد الدكتور محمد عبد البديع- رئيس الإدارة المركزية لآثار مصر العليا ممثلا عن وزارة السياحة والآثار، بحرص النائب أحمد قورة  على كنوز مصر الأثرية، واصفاً طلب الإحاطة بأنه يعد دراسة شاملة ومتميزة عن كافة المناطق الأثرية بمحافظة سوهاج.

كنوز أثرية لم يعلم عنها أحد    

وقال رئيس الإدارة المركزية لآثار مصر العليا، لم يكن أحد يعلم عن الكنوز الأثرية بمحافظة سوهاج شرق النيل  إلا مع عام 2019، بعد أن قمنا بعمل بعض الحفائر ، مشيراً إلى أن عدد المواقع الأثرية الصالحة للزيارة ارتفعت من موقعين إلى أربعة مواقع من بين مائة موقع.

مساكن ومنشآت فوق المعابد الأثرية   

وأضاف: هناك مركزين بمحافظة سوهاج مقامة عليها مدارس ومستشفيات وبنية أساسية ومساكن فوق العديد من المعابد الأثرية، ومن بينهم منطقة أخميم التي يقطنها 6200 أسرة، وقد طالبنا إزالتهم من المحافظة منذ عام 1988، مع دفع التعويضات للأهالي، وللأسف لم تنفذ الإزالات منذ 36 عاماً وحتى الآن.

كنوز أثرية أسفل المقابر   

وأشار عبد البديع، إلى أنه تم إنشاء مقابر جديدة للأهالي بمدينة الكوثر؛ لوقف الدفن بالمقابر القديمة التي يوجد أسفلها كنوز أثرية ورغم ذلك رفض الأهالي دفن ذويهم في المقابر الجديدة، وما زالوا للأسف يقومون بالدفن في المقابر القديمة التي تعوم على الآثار.
وقال إننا نحتاج إلى تضافر جهود كافة الأجهزة  التنفيذية؛ حتى يمكننا الحفاظ على تلك المعابد والجبانات التي تحتوى على الكنوز الأثرية.