فى الصميم

.. ومازالت أمريكا فى المسار الخطأ !!

جلال عارف
جلال عارف

تظل الخلافات التى أصبحت علنية بين الرئيس الأمريكى بايدن ورئيس حكومة عصابات اليمين فى إسرائيل نتنياهو.. من باب الخلافات داخل العائلة الواحدة. وتظل أمريكا ـ حتى الآن ـ مع استمرار حرب الإبادة على شعب فلسطين رغم "اكتشاف" بايدن المتأخر جداً أن مركز أمريكا الأخلاقى يسقط فى العالم بسبب هذا الانحياز الذى تحول لمشاركة كاملة فى الحرب الإجرامية التى راح ضحيتها حتى الآن ١٨ ألف شهيد خلاف الذين مازالوا تحت الأنقاض!!

بعد ساعات من نشر بعض تصريحات الرئيس الأمريكى فى اجتماع مغلق مع أنصاره الديمقراطيين من أجل جمع التبرعات الانتخابية، وبالتالى تحدث بايدن "على راحته!" مبدياً خشيته على مستقبل إسرائيل فى ظل حكومة تضم أمثال "بن غفير"، وإن كان قد أكد دعم أمريكا لإسرائيل الذى لا يتزعزع مطلقاً..

بعد ساعات قليلة كان اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة لاستنئاف بحث الموقف بعد فشل مجلس الأمن فى التوافق على قرار وقف الحرب بسبب الڤيتو الأمريكى. ومرة أخرى جاء موقف أمريكا مصمماً على البقاء فى الجانب الخطأ مع إسرائيل وحربها الجنونية، وضد إرادة العالم بأكمله!

١٥٣ دولة تمثل حوالى ٨٠٪ من أعضاء الجمعية العمومية للأمم المتحدة وقفت مع مشروع القرار (الذى أعدته مصر) وتم تقديمه باسم المجموعتين العربية والإسلامية. بينما وقفت أمريكا مع إسرائيل وثمانى دول أخرى فقط (نصفها من الجزر الصغيرة) تعارض القرار، وتصر على استمرار الحرب التى تحولت ـ بدعم أمريكا وأسلحتها ـ إلى مذبحة للأطفال والمدنيين..

والأرقام هنا مهمة لأنها تعكس افتضاح الأكاذيب الإسرائيلية وانهيار التأييد لحرب الإبادة التى تخوضها. فمنذ أسبوعين فقط كان من أيد القرار السابق للأمم المتحدة بشأن الهدنة الإنسانية المؤقتة ١٢٠ عضواً، بينما تؤيد الآن ١٥٣ دولة الإيقاف الكامل والسريع والنهائى للقتال.

إرادة العالم واضحة. لم تعد الشعوب فقط هى التى تدين المذبحة وتطلب الحرية والسلام لفلسطين، وإنما حكومات العالم كلها أصبحت تدرك أن القضية لم تبدأ فى ٧ أكتوبر بل مع عشرات السنين من احتلال عنصرى استيطانى لم يتوقف يوماً عن ارتكاب جرائم الحرب ضد شعب فلسطين وضد الإنسانية.. وهو يواصل الآن هذه المهمة بدعم أمريكا الذى يخبرنا الرئيس الأمريكى نفسه أنه يقود إلى السقوط الأخلاقى لبلاده.. ومع ذلك مازال يؤكد على استمراره!!

وتبقى حقيقة أن القرار الذى أعدته مصر ونال ثقة ٨٠٪ من دول العالم ولم تعترض عليه إلا أمريكا وإسرائيل (بالضرورة) وثمانى دول أخرى (بالتبعية) ليس قراراً اعتيادياً، بل هو قرار استثنائى تم اتخاذه فى إطار "الاتحاد من أجل السلام" ليعالج فضيحة "الڤيتو" الأمريكى السابق فى مجلس الأمن، وليكشف عزلة أمريكا وإسرائيل عن عالم يرفض استمرار حرب الإبادة التى ستتوسع حتماً إذا لم تراجع أمريكا موقفها دون تأخير أو مناورة!!