«المحفظة» قصة للأطفال للكاتبة الدكتورة حنان إسماعيل

الدكتورة حنان إسماعيل
الدكتورة حنان إسماعيل

خرج رجب من المدرسة بعد عناء يوم طويل، فوالده لم يشتر له الطلبات الدراسية السنوية ، شأنه شأن رفاقه في الفصل.

راجعت المعلمة الطلبات التي أحضرها كل تلميذ على حده ثم وضعتها في دولاب خاص به، وعندما جاء دوره اغرورقت عيناه وأطرق برأسه في خجل، وقال:

- إن أبي لا يملك من المال ما يكفي لشراء ما يلزمني، لكنه وعدني بشرائها أول الشهر عندما يتقاضى راتبه. ربتت المعلمة على كتفه، وقالت:

-لا بأس يا رجب.

لكن الأذى النفسي الذي حاق ب رجب؛ جعله ينكس رأسه في الأرض، ولا يقوى على رفعها في أعين زملائه.

نظر إلى ملابسه وملابس زملائه، فزاد ذلك من خجله .

وبينما هو يسير في طريقه إلى المنزل، سقطت محفظة عم سعيد صاحب محل التموين من جيبه دون أن يشعر.

التفت يمينا ويسارا، لم يجد أحدا، مد يده سريعا؛ أخذها ووضعها في حقيبته، وجرى مسرعا إلى داخل المنزل.

أغلق حجرته، أخرج المحفظة وطفق يعد ما بها من أموال، ظل يعد ويعد حتى تعب، وراح يتخيل نفسه وهو بملابس مدرسية جديدة، وملابس أخرى للعيد، أيضا هذا الحذاء البالي سيتخلص منه ويستبدله بآخر جديد، ويخصص لنفسه مصروفا كبيرا كزملائه، ليشتري به آيس كريم وسندويتشات اللحم المشوي من بوفيه المدرسة، ورأى نفسه وقد اشترى جميع المستلزمات التي كتبتها له المعلمة وهو يعطيها إياها لتضعها في دولابه ويأخذ بيده مفتاحه .

لكن ماذا سيقول لوالده؟

من أين جاء بهذه الأموال؟

هل سيكذب على والده؟ ويقول أنه وجدها في الشارع ولا يعلم صاحبها؟

لكنه يعلم جيدا أنها محفظة الحاج سعيد جارهم، وربما يكون سيشتري بها بضاعة لدكانه.

في الواقع لم يستطع رجب النوم في تلك الليلة بعد أن كان سريع النوم من ذي قبل، حتى لم يعمل واجباته.

وفي صباح اليوم التالي بينما كان يسير رجب إلى المدرسة سمع نواح عم سعيد وهو يجلس على عتبة البيت ويقول إنه اقترض تلك الأموال ليجري جراحة لوالده المريض، فتوجه في توه نحو منزل الحاج سعيد.