السفير حمدي صالح يكتب من واشنطن : الأزمة والمأساة.. وفرصة تحديد الهدف          

السفير حمدي صالح
السفير حمدي صالح

من المهم ألا تنتهي هذه المأساة في غزة دون أن يكون هناك هدف محدد يمكن تحقيقه لصالح القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني.
فدماء الشهداء، يجب أن لا تضيع هدراً، لكن يجب للسياسة العاقلة أن تحقق أكثر الأهداف واقعية في هذه الظروف.

تتزايد القوى الدافعة نحو إيجاد مخرج للأزمة والمأساة في المدى القصير، بالوصول إلى وقف فوري لإطلاق النار وحماية الأبرياء.
لكن بدأ أيضاً يظهر اقتناع عالمي بأن هذه المأساة يجب أن تنتهي بحل مقبول للشعب الفلسطيني.

وهنا تأتي أهمية دعوة الرئيس السيسي بضرورة الإعلان عن دولة فلسطينية معترف بها عالمياً، وهي دعوة تمثل نقطة تحول رئيسية في الأزمة والمأساة.

إن الجهود التي بذلتها مصر وقطر في التفاوض للوصول إلى هدنة موقتة وتبادل للأسرى من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، كانت نتاج دبلوماسية متوازنة تفتح خطوط الاتصال مع جميع الأطراف، وهي أيضاً يمكن أن تكون نقطة بداية بجهد مشترك لعقد مؤتمر دولي عالمي لحل القضية والوصول إلى نتيجة عملية مقبولة من الشعب الفلسطيني.

وعلى ضوء ما دعا إليه الرئيس السيسي، ظهرت أصوات تتحدث عن أهمية التحرك لتحقيق هدف قيام دولة فلسطينية معترف بها عالمياً.

من هذه الأصوات ما كتبه المفكر العربي علي الشرفاء بأنه يجب أولاً نتحرك لتوحيد الصف الفلسطيني، وتكوين حكومة فلسطينية موحدة مقبولة من كل الفصائل الفلسطينية، وهو ما يجب أن تعمل عليه الأطراف المعنية بأسرع وقت ممكن، حتى لا تضيع الفرصة التي يمكن الاستفادة منها، ولتحقيق هذه الغاية المهمة الأمر يتطلب عقد مؤتمر فلسطيني - فلسطيني للاتفاق على تمثيل موحد الفلسطينيين.

هذه القوة الدافعة يجب أن يستفيد منها الجانب العربي والفلسطيني في تحقيق أهداف واقعية وتعد مبادرة الرئيس السيسي نقطة فاصلة سيلتف حولها المؤيدون من العالم غرباً وشرقاً، وبناء على هذه الدعوة يمكن التحرك في أكثر من اتجاه من خلال:

أولاً:
الدفع نحو توحيد الصف الفلسطيني عبر مؤتمر تصالحي فلسطيني.
ثانيا:
إيجاد صيغة يتفق عليها الجانب العربي والفلسطيني يجري طرحها عالمياً.
ثالثا:
تنظيم مؤتمر دولي لاتخاذ موقف مؤيد للدولة الفلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية.

لقد حدث تحول ظاهر ومؤثر في مواقف الدول الأوروبية رسمياً وشعبياً، كما بدأ يحدث تحول مشابه في الولايات المتحدة، لكن بدرجة أقل.

ويمثل الموقف الأميركي نقطة تحول أخرى مهمة، فالرئيس الأميركي يتحدث عن ضرورة وقف الاعتداء على المدنيين وضرورة تقديم المساعدة الإنسانية بشكل كافٍ، ثم يؤكد ضرورة الوصول إلى حل الدولتين، إلا أن الإدارة الأميركية تقع تحت ضغوط هائلة من داخل الحزب الديمقراطي ومن القوى الشعبية لكي تتحرك في الاتجاه السليم لإنهاء المأساة وتحريك مسار السلام.
من هنا فإن الوقت قد حان ليتحرك الجانب العربي بشكل سريع وفعال.

ومن بين قوى الدافعة الجديدة التي تشجع على التحرك نحو الأمام، ما أعلنه منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الذي تحدث عن ضرورة وقف فوري لإطلاق النار وأنه يجب أن يكون هناك مسار سياسي لحل القضية الفلسطينية.

ويحذر بوريل من تزايد العمليات الإرهابية والتطرف في أوروبا لو استمرت الحرب.

كما يعتبر تحرك رئيسا وزراء بلجيكا وإسبانيا وزيارتهما إلى مصر ومعبر رفح ومقابلتهما للرئيس السيسي وتصريحاتهما بضرورة موقف إطلاق النار الفوري وحماية المدنيين تعد خطوة مهمة في التحرك الأوروبي، بل إن رئيس وزراء إسبانيا أشار إلى أن بلاده ستعترف بالدولة الفلسطينية حتى في حالة أن الاتحاد الأوروبي لم يتحرك في هذا الاتجاه.

«كاتب المقال: سفير مصر الأسبق في واشنطن ومساعد وزير الخارجية المصري الأسبق»