معان حقيقية

أمى وغزة والجيش

محمد الحداد
محمد الحداد

عاش ابى فى مدينة رفح والعريش والقنطرة شرق بمصر وكان بيتنا ككل بيت رفحاوى تحيطه شجرة عين الجمل والزيتون والتين والعنب والبرتقال والليمون والجوافة مع نخلتين مثمرتين   ..

وحين كانت امى تطلب منه ان يخرج بنا للنزهة كان يأخذنا وندخل فلسطين  لأن المسافة اقرب الينا من القاهرة فنزور المدن الفلسطينية الحبيبة الغالية الى قلوبنا ..

وكانت امى تحكى لنا عن جارتنا الفلسطينية التى قامت بدور الطبيبة والداية عند ولادتها لشقيقتى الكبرى فاطمة الزهراء رحمها الله .. كانت جارتنا الفلسطينية اسمها (اخت الرجال فاطمة الزهراء).. وكانت بمثابة الام الرءوم لأمى لان امى كانت شابة صغيرة تزوجت كعادة بنات عصرها فى الرابعة عشرة من عمرها

انجبت امى عشرة بطون تسعة من الرجال وبنت واحدة هى فاطمة الزهراء على اسم الجارة الفلسطينية  فعاشت اختى الكبيرة وسطنا أخت الرجال فاطمة الزهراء..

حين عدنا الى القاهرة لم يتبق من العشرة أولاد إلا أربعة رجال وبنت واحدة اما الباقون فقد دفنوا  بالعريش ورفح ..وتعلمت امى من المرأة الفلسطينية  من غزة القوة والجلد والعزم والمثابرة والصبر والدأب وحسن رعاية الزوج فأنبتتنا كما تعلمت من الفلسطينية وكأنها تربى معسكرا يصنع الرجال وكان ذلك يتوافق مع حياة ابى العسكرية التى كان لها ارتباط وثيق  بالمخابرات الحربية كموظف مدنى مصرى يعمل بجيش خير اجناد الارض بكل الفخر 
كانت أمى توقظنا  بأحلى الكلام قائلة : الف مبروك .. اليوم الجديد جاء والشمس طلعت ... قوموا يارجال شوفوا النور واكتبوا مجدكم على ناصية التاريخ  .. الامل فيكم وفى الشمس اللى طالعة بالامل ينور قلوبكم  

كانت امى تحت تأثير حبها لغزة العزة وابى رجل الجيش المصرى يشكلون القوة الضاربة التى نستمد منها اليقين والايمان والعزم على كتابة مجدنا على ناصية التاريخ 

انبتتنا ام الرجال امى مع اختنا الكبيرة اخت الرجال فاطمة الزهراء وكأنها تعدنا للعمل فى كتيبة عسكرية تتابع وتراجع وتراقب عن كثب كل انشطتنا المحكومة برقابتها الشرية والصارمة  .. رحم الله امى وانزل على غزة اللطف والثبات وبارك لنا فى خير اجناد الأرض جيشنا العظيم