"الشعب يريد إسقاط النظام".. شعار ردده المتظاهرون السوريون هذا الأسبوع في شوارع المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية المسلحة.. منتهزين فرصة دخول الهدنة حيز التنفيذ، وهو ما يمثل معضلة للنظام والمعارضة المسلحة على السواء.

هذا ما ذكرته مجلة التايم الأمريكية -في سياق تقرير أوردته على موقعها الإلكتروني ،السبت 5 مارس، والذي قالت فيه "رغم الهدنة الهشة السارية في سوريا حاليا، إلا أن شرر الاحتجاج المدني يبرز أصول الحرب، والإستراتيجية الأكثر قتامة التي تتبناها حكومة الأسد".
ورصدت المجلة الأمريكية ظهور المتظاهرين المدنيين مجددا في الشوارع الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية هذا الأسبوع مستغلين سريان الهدنة وهذه اللحظة النادرة التي يتوقف فيها دوي القصف، للمطالبة بإنهاء النظام الاستبدادي الذي يقوده بشار الأسد..مرددين الشعار الشهير "الشعب يريد إسقاط النظام" ليؤكدوا أنها ثورة وليست حربا أهلية كما يروج البعض.
وأشارت إلى أنه في فترة وجيزة منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 27 فبراير الماضي، ما لبث المتظاهرون المدنيون أن ظهروا مجددا في المشهد ليعيدوا إلى الأذهان الأيام الخوالي للثورة السورية ضد الأسد والتي بدأت في عام 2011، قبل أن يتحول المشهد إلى عصيان مسلح وحرب أهلية.
وقالت تايم إن هذه المشاهد أظهرت الصراع السياسي الكامن بين النظام والمعارضة المدنية التي كانت بذرة للحرب السورية التي راح ضحيتها أكثر من 250 ألف شخص وأجبرت أكثر من 11 مليونا على الفرار من منازلهم منذ 2011.
ولفتت المجلة إلى أن النظام وحلفاءه يروجون إلى أن الحرب ضد الجماعات المسلحة هي جزء من صراع ضد الإرهابيين، بما في ذلك داعش، ولكن المظاهرات السلمية التي خرجت هذا الأسبوع أثبتت أن المعارضة المدنية للنظام لا تزال مستمرة، حتى على الرغم من وحشية الصراع.
ونوهت إلى أن الاحتجاجات المدنية أظهرت جزءا من المنطق الكامن وراء هجوم النظام المدعوم من روسيا، والذي يتميز بالقصف المكثف للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة، والحصار الهادف للتجويع، والتكتيكات العشوائية الأخرى.
ويقول محللون ونشطاء إن العقاب الجماعي الذي يقوم بها نظام الأسد ضد المدنيين في الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة، هو محاولة للقضاء على التأييد الشعبي للمعارضة المسلحة، فمن خلال جعل الحياة العادية مستحيلة في مناطق المعارضة المسلحة، يمكن للنظام سحق أي محاولة لإقامة حكومة للمعارضة هناك، وحرمان مسلحي المعارضة من أحد عناصر نجاح أي معارضة مسلحة: وهو وجود تأييد شعبي لهم في المناطق التي تخضع لسيطرتهم.
ويؤكد محللون أن نظام الأسد يسعى عمدا إلى "تغيير التركيبة وإضعاف معنويات" المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا، من أجل طمس المشروع السياسي للمعارضة.. لافتين إلى أن النظام السوري يهدف إلى إخلاء مناطق المعارضة من المدنيين لعدم وجود إمكانية لإقامة حكومة في هذه المناطق.
ويقول محللون آخرون إن محاولات النظام لسحق المعارضة المدنية قد تمهد للمرحلة النهائية للصراع، وتأمل القوى الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، للتوصل في نهاية المطاف إلى إنهاء الحرب من خلال المفاوضات بين النظام والمعارضة. ولكن التركيبة السكانية المتغيرة في سوريا باتت حجة في يد النظام من أجل البقاء- وفي نهاية المطاف، تكون هذه التركيبة السكانية سببا لتفوق النظام.
ويريد الأسد إيصال رسالة مفادها: "لا أحد يعيش في المناطق التي تخضع لسيطرة المعارضة المسلحة، وأن السواد الأعظم من المدنيين يعيش في المناطق التي يسيطر عليها النظام الأسدي".
واختتمت المجلة بقولها "في الوقت الذي تقدم فيه الهدنة للمدنيين في المناطق التي يسيطر عليها المعارضة المسلحة فترة نادرة لالتقاط الأنفاس، فإن استئناف الاحتجاج السياسي يشكل معضلة بالنسبة لكل من النظام والمعارضة المسلحة، حيث إن الاحتجاجات المدنية التي خرجت هذا الأسبوع تذكر بكيفية بدء الصراع -وأيضا تعد فرصة للمدنيين لتحدي هيمنة الجماعات المسلحة التي تختلف معهم في قضايا الحكم وكيف ينبغي أن تُحكم سوريا في المستقبل".