«أحلام والفستان» قصة قصيرة للكاتب سيد جعيتم

الكاتب سيد جعيتم
الكاتب سيد جعيتم

 

 أمها تتعجلها:

-        شهلي يا أحلام، ها تتأخري.

 

 اليوم هو الأول في وظيفتها، ارتدت بلوزة طويلة لتداري رتقًا في أعلى جيبتها.

 لاحقتها دعوات والديها بالتوفيق وأن يثبت الله قدميها في وظيفتها.

في الميكروباص، عادت بذاكرتها، لأيام الجامعة، وأحلام التخرج والوظيفة الكبيرة،  امتعضت عندما تذكرت زميلها الذي ارتبطت به، وسعيه لفتاة مستواها الاجتماعي أعلى.

 حذاؤها اشتكي من تنقلها بين الشركات في رحلة البحث عن عمل، ولولا مرض أبيها عائلهم الوحيد ما قبلت هذه الوظيفة.

 أعطتها المشرفة معطفًا رمادي اللون لترتديه فوق ملابسها، مارست أول طقوس عملها في تنظيف الأرض.

فتح باب الصالة لاستقبال الزوار، كلهم يرتدون أفخر الثياب، التدخين صفة مشتركة للجميع، تسللت لأنفها روائح مختلفة لأغلى أنواع العطور مختلطة برائحة العرق والتبغ، شعرت بالاختناق.

يرن رجل المزاد جرسه معلنا بدء العرض الرئيسي علي فستان الملكة ماري أنطوانيت .

سرحت كيف سيكون شكل فستانها وقد كانت رمزاً للجمال والأناقة، غصة في معدتها ذكرتها أنها لم تتناول طعام الفطور.

الجرس يرن، رجل المزاد يعلن عن عرض الثوب:

-        فستان الملكة ماري أنطوانيت من عام 1793كانت ترتديه عند إعدامها.

سرت همهمة بين الحاضرين وتسابقوا لمشاهدة الفستان المحفوظ في صندوق زجاجي.

 

 اقتربت مع الجمهور، فستان لونه فضي، صدره عار، مع تلبيسه للأكتاف، يد المشرفة تسحبها للخلف وأوقفتها حيث يجب أن تكون.

 

الجرس يرن ثانيًا : ردد الرجل الكلمات المعتادة وفتح المزاد علي عشرين ألف جنيه.

صعقت الفتاة، دهشت بشدة، هذا فستان قديم، يشابه الملابس التي تباع بسوق الملابس القديمة، أكيدًا لن يشتريه أحد.

-        خمسة وعشرون ألف جنيه.

-        خمسين ألف.

بدأت تهيئ ذهنها حملقت في الوجوه سيطر عليها الفضول، بينما التنافس علي أشده، السعر يرتفع بصورة خيالية، تبسمت، مع استمرار رفع المزايدون للأسعار تحولت تنهداتها لحزن وإحباط وغضب مكبوت.

 نبهها المشهد التنافسي الكوميدي بآلاف الجنيهات لاقتناء فستان قديم، راحت تتفرس في الوجوه الجامدة، يرفعون السعر دون أن يهتز لهم رمشًا، أقصى ما يظهر علي أحدهم أن يميل برأسه ويرفع حاجبيه ثم يزيد السعر، والرجل يصيح:

ـ نصف مليون جنيه من يزيد؟.

بعد ثلاث خبطات بالمطرقة أعلن انتهاء المزاد.

 تحسست رتق ثوبها، تعجبت، من جنان هؤلاء الناس.

 سؤال يلح عليها:

ـ(لو خيروها بين الثوب المعروض، وثوبًا جديدًا أيهما تختار؟!)-

 أفاقها صوت المشرفة لتقوم بعملها.

نظفت الصالة منهم.