كنوز| الساخر الأعظم يتنبأ بالذكاء الاصطناعى والعقل الإليكترونى !

أحمد رجب يحاول حل مسألة فى زمن الذكاء الاصطناعى
أحمد رجب يحاول حل مسألة فى زمن الذكاء الاصطناعى

تسعة أعوام غابها عنا صاحب القلم الساحر الساخر المبدع أحمد رجب، عندما رحل عنا فى 12سبتمبر 2014، وفى ذكرى رحيله نقدم لقراء «كنوز» إنفراداً يثبت أن ساخرنا العظيم من أوائل من تنبأوا بمشكلة الذكاء الاصطناعي، فكتب ساخرا عما سيحدث فى مقال فى كتابه «توتة توتة» يقول فيه:

- سيتطور العقل الاليكترونى بالذكاء الإصطناعى من مرحلة عمليات الاحصاء والمراجعة والفرز إلى مرحلة البصبصة وكتابة الرسائل الغرامية ومغازلة الستات دون أن يقع تحت طائلة مكتب الآداب ، ففى قسم الاليكترونيات بجامعة ميامى صنع الطلبة عقلاً الكترونياً فى منتهى الهلس ، يقول رأيه فى كل قبلة بين رجل وامرأة : « هذه بوسة فاترة ، وهذه تمام ، وهذه كذب فى كذب «، وأصدر مدير الجامعة قراراً بمنع استعمال هذا العقل المسخرة بعد أن انتشرت القبلات علناً فى فناء الجامعة ومعاملها بحجة تجربة هذا العقل لوجه العلم وحده !

وفى جامعة أيوا الأمريكية عقل الكترونى يقوم بوظيفة خالتى أم سعد الله الخاطبة ، الطالب يسألها عن أنسب زوجة له بين زميلاته فتجيب أم سعد الله الألكترونية بأن أنسب زوجة هى فلانة الفلانية ، وترد على أى طالبة تسألها عن عريس ان كان ابن حلال ، أومبذر وسفيه ، أو بخيل ، أو جدع أو خبيث ، وهناك عقل الكترونى مهمته حل المعضلات ، وعقل متخصص فى تزويد المحبين بأحلى كلام فى الحب ، إذ يسأله العاشق مثلا كيف يرقق قلب فتاته بعد الصدود فينصحه بأن يعطيها قزازة زيت حر!

غير أن تطور الذكاء الاصطناعى لم يقف عن هذا الحد ، فقد تمكن العلماء من صنع عقول اليكترونية تؤلف الكتب وتكتب المسرحيات وتنظم الشعر، وتقوم بمهمة لجنة التحكيم فى مسابقة القصة ، وفى جامعة كاليفورنيا صنع انسان اليكترونى بهلوان يقوم بألعاب السيرك ، وجامعة كورنيل صنعت سكرتير اليكترونى يفض الخطابات ويرد عليها ويلخص للمدير أهم ما فى الصحف، وفى معهد ماساشوستش تم تصنيع الخادم الأليكترونى الذى يقوم بكل أعمال البيت ويأتمر بأى أمر تصدره ست البيت!

عالم الغد سيمتلئ بالناس الاليكترونيين فى البيت والغيط ، وسوف يوجد فى المستقبل مخرجون ومطربون وممثلون ولعيبة كرة اليكترونيون ، سيعود خميس فجلة إلى شغلته القديمة : تومرجى يهبش من هذا نص ريال ، ومن تلك نص فرخة ، وسوف تختفى المطربة فتكات رمش العين ، فلا بأس من صنع مطربة اليكترونية مزوقة كعرايس المولد بحواجب تلعب اليكترونياً ، ووسط اليكترونى رقاص، وطرب اليكترونى ماركة « آه يا وله.. آه يا وله «، وسوف نرى فى الملعب 22 لاعباً اليكترونيا لن يكون بينهم لاعب واحد ينتمى إلى القبيلة البارباطوزية التى ينتشر عدد كبير من أبنائها فى الملاعب ، وكل واحد منهم قد هد حيله سهر الليالى فى طلب التسالى ، وتقطعت أنفاسه من الهلس والهباب وجوزة مركب عليها غاب!

وإذا كانت هذه هى الصورة الحلوة لبكره ، فإن الوجه الآخر للصورة مش ولابد ، بل قبيح ومخيف ، فإذا كان الإنسان هو صانع العقل الاليكترونى فمن الغريب أن يصبح الإنسان الأليكترونى أكثر ذكاء ، ومن المدهش أن تصبح الآلة أذكى من الإنسان ، وقبل ذلك منح الإنسان الآلة قوة مادية خارقة تفوق قواه العقلية بمراحل ، واليوم يمنحها الذكاء الاصطناعى لتتسلط وتسيطر ، فالإنسان الاليكترونى سيقتل كل ملكات التفكير عند البنى آدم ويحيله إلى انسان عبيط رغم أنه صانعه ، إنسان العصر سوف يركن مخه على الرف طالما وجد من يفكر له بشكل أذكى وأسرع ، فالعقل الاليكترونى مسخر لخدمته ذهنياً وعضلياً .
كان للإنسان ذيل يهش به الحشرات والهوام عندما كان يمشى على أربع ثم انقرض الذيل بعد ان تمكن من استعمال اليدين لما انتصبت قامته ، كذلك كان الشعر يغطى جسمه كله ليقيه من البرد والحر، ثم انقرض الشعر عندما عرف الملابس ، وسوف يقال ان الإنسان كان له مخ يفكر به ثم انقرضت فاعلية هذا المخ بعد أن اعتمد فى كل تفكيره على الإنسان الاليكترونى !

عالم الغد سيسيطر فيه الذكاء الاصطناعى فى كل مكان، البيت والمصنع والحقل والمكتب والاستديو، وسنكتفى بالفرجة والتنبلة، ولا أحد يتنبأ بما سيتطور إليه الذكاء الاصطناعى ، فمن المحتمل أن يجلس الإنسان الاليكترونى واضعاً ساقاً على ساق وهو يدخن السيجار، ويمشى وراء كل واحد منا فى الشارع عيال اليكترونيون يقولون « العبيط أهوه « !

وإذا كان الإنسان الاليكترونى قد وصل إلى مرحلة القدرة على كتابة الرسائل الغرامية والتغزل فى المرأة بأحلى كلام ، فمعنى هذا أن رجال اولاد آدم عليهم العوض، ففى الوقت الذى يكون فيه هؤلاء الرجال قد فقدوا كل ملكات التفكير وارتفعت درجة غباوتهم ، ستتحول البنات إلى حب الشبان الاليكترونيين والزواج منهم ، وسوف تظهر الإعلانات وفيها هذه العبارات : «مصنع طومسون للأليكترونيات يقدم إليك فتى احلام اليكترونى من طراز أدونيس 19 ، رمزالرجوله والوسامة عن الإغريق، مطيع ، مهذب ، يقول لك أحلى كلام فى الحب ، لا ينسى أن يقبلك فى الوقت المناسب ، لا يعرف القبلات الروتينية التى يؤديها الأزواج البنى آدميين بقرف ، اجتماعى، يجيد الحديث الساحر فى السهرات ، باسم الوجه باستمرار، يجيد جميع الرقصات ، يمتاز على أدونيس 18 بصوت يغنى لك أعذب أغانى الحب ، زوج مثالى ، يجيد كل أعمال البيت ، طباخ ماهر، يغنيك عن الكهربائى والسباك والنجار، يصلح لك التليفزيون والراديو ويسلك البلاعة ويصلح الحنفيات والسيفونات ، أدونيس 19 هو عريس الأحلام الذى تتمناه كل فتاة فى الدنيا ، لا يغضب ولا يثور إذا فقدت أعصابك ، يمتاز بأنه يحب حماته ويرحب بها بحرارة ، احجزى عريسك أدونيس 19 من الآن− الثمن ألف دولار «.

شئ طبيعى أن تتحول البنات إلى حب الشبان الأليكترونى مثل أدونيس 19 فهو لن يصاب بعد شهور من الزواج بعاهة الخرس المنزلى التى تصيب الزوج البنى آدم الذى لا تنفك عقدة لسانه إلا إذا اكتشف أن زرار القميص مقطوع فيلعن أبو العيشة ، وعاهة الخرس تشكو منها معظم الزوجات وتتمنى كل زوجة أن يتحول زوجها إلى راديو يقول لها كل ربع ساعة « أحبك يا وهيبة « ! والزوج الأليكترونى أذكى من أن يصاب بعاهة الخرس المنزلى فهو يعرف أن هذه العاهة سوف تدفع الزوجة الى أن تقول لصديقاتها : أنها زوجة سعيدة طول ما المدعوق مش فى البيت ، الزوج الاليكترونى سوف يجلس الى جوار زوجته وقد أحاطها بذراعه مقبلاً يدها كل ثانية .

وقبل أن تقول له سمعنى كلامك الحلو، ينطلق الاليكترونى فى كلام أحلى من العسل تسبل له الاجفان وهى تتنهد « قول كمان «! مع ملاحظة ان ذكاءه الخارق لن يغفل أن المرأة تريد من الرجل أن يكون كساعة جامعة القاهرة ، عليه أن يدق كل ربع ساعة بكلمة « أحبك « ، ويغنى لها بصوته الإليكترونى العذب أغانى دافئة فإذا ما انتهى من الغناء وشبعت الزوجة من التسلية وبرامج المنوعات ، تقول له « قوم أغسل الصحون ، أو قوم خدلك فم غسيل ، أو قوم قشر البامية ، أو قوم طرقع لى صوابعى ..

أو قوم اتلهى ونام « ، وهو فى كل أمر من هذه الأوامر ينفذ فوراً وبسرعة ، ومع ذلك فليس عجيباً ولا مدهشاً ان تصحب الزوجة الاليكترونى الى الشركة التى انتجته لتتركه هناك وتأخذ بدلاً منه الأليكترونى طراز 21 الجديد بعد أن زهقت من خلقة طراز 20 لأنه قاعد فى بوزها طول النهار.
أحمد رجب من كتاب توتة توتة