البابا تواضروس: نقص المحبة سبب الإرهاب والجريمة والعنف الأسري والمجتمعي

 قداسة البابا تواضروس الثاني
قداسة البابا تواضروس الثاني

حل قداسة البابا تواضروس الثاني، مساء أمس الاثنين، ضيفًا عبر الهاتف على قناة “dmc” الفضائية، من خلال حلقة برنامج "مساء dmc" التي قدمتها الإعلامية إيمان الحصري، حيث أجاب قداسته أسئلة البرنامج التي دارت حول زيارته الأخيرة للڤاتيكان.

بدايةً تحدث قداسة البابا عن صحته فقال: أنا بخير الحمد لله، وأنا لي ملف صحي في أحد مستشفيات النمسا منذ خمسة عشر سنة، وأذهب لهناك كل عام أو اثنين لعمل “Check up” فحص عام بصفة عامة، ونشكر ربنا كل الأمور جيدة جدًّا.

,عن أهمية جولة قداسته الرعوية الأخيرة في أوروبا وتحديدًا في هذا التوقيت قال: الحقيقة أن العلاقة مع الكنيسة الكاثوليكية كانت متوقفة عبر خمسة عشر قرنًا من الزمان، منذ عام ٤٥١ إلى عام ١٩٧٣ ميلادية، لم يكن هناك لقاء أو تقابل بين الكنيستيْن على مستوى العالم، والبابا شنوده بدأ خطوة كبيرة بزيارة الڤاتيكان، ثم بعدها بسبعة وعشرين سنة في عام ٢٠٠٠ زار البابا چون مصر هنا، ثم عام ٢٠١٣ أنا زرت الڤاتيكان الزيارة الثانية، والبابا فرنسيس زارنا الزيارة الثانية في عام ٢٠١٧ ، ثم جاءت المقابلة في الشهر الحالي في الڤاتيكان..

واضاف " عودة العلاقة أولًا هي نوع من المحبة والسلام، ونوع من التآخي، فالإنسان دائمًا يحتاج الآخر من أجل أن يستطيع العيش معه، نشكر ربنا العلاقات طيبة جدًّا، والعلاقة على مستوى نمو حيث يوجد نوع من الحوار اللاهوتي بيننا وبين الكنيسة الكاثوليكية، وزيارات متبادلة، ويوجد محبة فنحن نبحث عن المحبة أولًا وأخيرًا.

عن الاستقبال الحافل والترحيب داخل الڤاتيكان وأهمية ذلك في توطيد العلاقة بين الكنيستيْن الأرثوذكسية والكاثوليكية قال: الڤاتيكان علاقته مع كل العالم علاقات طيبة ومع مصر علاقة طيبة، وعندما زارنا البابا فرنسيس في عام ٢٠١٧ استقبله السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومصر كلها استقبلته، وقضى يوميْن جيدين جدًّا، ولهما ذكريات طيبة، وعرضت عليه أن يأتي مرة ثانية، فقال أنه سيفكر في الأمر..

وتابع " نشكر ربنا أن هذه العلاقات الطيبة تُعطي سلام في الحياة، وتُعطي راحة في وسط عالم مليء بالحروب والصراعات والنزاعات، فوجود الأصل الإنساني أن الإنسان يعيش مع أخيه في محبة.

عن احتمال وجود زيارة مرتقبة قريبًا من البابا فرنسيس بابا الڤاتيكان إلى مصر بناءً على دعوة قداسة البابا له قال: لا أستطيع أن أقول أنها قريبة، ولكن عندما تكلمنا وأنا دائمًا أتكلم عن مصر وهو ذكر زيارته السابقة وسعادته بها فقلت له أن يأتي مرة ثانية فجاءت الدعوة في معرض الحديث، وهو غالبًا لا يزور البلاد مرتيْن، ولكن لا يوجد مانع لديه للتفكير في ذلك، ولكن لديه ظروف صحية وأتعاب كثيرة جدًّا في ركبتيه، والتي جعلته أغلب الأوقات يمشي خطوات معدودة - ربنا يعطيه الصحة، لكن العلاقة بصفة عامة حلوة، سواء على مستوى الڤاتيكان ومصر أو على مستوى الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة القبطية.

وعن العبارة التي قالها قداسته في الخطاب الذي ألقاه في الڤاتيكان عن شعار "المحبة لا تسقط أبدًا"، وتكراره في لقاءات قداسته مع الكنائس يوضح أن هذا الشعار هو الرسالة الأساسية التي قصدها قداسته في خطابه، قال: بالضبط هكذا، كنت أقصدها، فأنا أحاول أن أبني كل العلاقات على أساس المحبة، والعبارة المشهورة في المسيحية "اَللهُ مَحَبَّةٌ" هي آية في الكتاب المقدس، وكما نقولها باللغة الإنجليزية God is Love بمعنى أن المحبة هي الله، فغياب المحبة وتناقصها يعني أن الله غير موجود في أي موضوع، فعندما نقول "اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا" لأن الله لا يسقط أبدًا، وبالتالي عندما نبني علاقتنا كبشر رغم تنوعنا واختلافنا ورغم وجهات نظرنا ورغم أن هؤلاء يفكرون بطريقة شرقية والآخرين يفكرون بطريقة غربية عندما نبنيها على المحبة تدوم هذه العلاقات وتنمو وتكبر وتصير مريحة للإنسان، ففعلًا "اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا"، وأنا أؤكد على هذا في كل زياراتي ومقابلاتي، وأعتبرها شعارًا حتى لحياتي الشخصية أن "اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا".

وعن تراجع شعار المحبة بسبب الضغوط التي يعيشها العالم في السنوات الأخيرة، وجّه قداسته رسالة لكل المصريين في هذا التوقيت بالتحديد لاستعادة هذا الهدف وفكرة المحبة والتي هي فكرة مقدسة في كل الأديان، قال: بالظبط، عندما خلق الله الإنسان خلق الجسد والروح، والروح هي نسمة حياة من عند الله، وهو الذي أعطانا حياتنا وروحنا، ولأنه أعطانا حياتنا وروحنا فهذا يتضمن محبة الله لنا، فالله يحبنا لذلك خلقنا وأوجدنا، وعندما يوجِد الإنسان عن طريق المحبة الإلهية يجعل الإنسان أن يكون شعاره وعمله وحياته مبنية على أساس المحبة، لكي يشعر بإنسانيته ويشعر بكينونته كإنسان يعيش في العالم، والعالم اليوم بدأ يسرق هذه المحبة بالاختراعات والتكنولوچيا وبالأموال والمناصب والجمال، ويسرقها بأي شيء وضاعت المحبة، لذلك الإنسان يعيش متوترًا، وكما نعرف أن الأمراض النفسية على مستوى العالم في ازدياد، وهذا جاء بسبب تخلّي الإنسان عن المحبة، ولهذا النظرية العامة في العالم اليوم أن نقص المحبة هو السبب في خروج كل الضعفات الموجودة بما فيها الإرهاب والجريمة والعنف، سواء العنف الأسري أو المجتمعي أو على مستوى الدول، فنقص المحبة وغيابها أدّى لذلك.

واشار "  أما تواجد المحبة في حياة الإنسان كشخص وكأسرة وكمجتمع وكوطن وكأمة فوجود المحبة وتأصيلها يعني وجود الله في الموقف أو المجتمع، وهذا شيء مهم جدًّا والحقيقة أن الدين يساعد على ذلك.

واختتم " أنا أعتبر أن الإنسان هو نفسه الجائع للمحبة، فلا أستطيع أن أقول للشخص الذي يشعر بالبرودة أن يذهب ويُدفئ نفسه أو أن الله سوف يدفئك، بل يجب أن أعمل عملًا وأقف بجانبه وأقدم له غطاءً وطعامًا، حتى تكون المحبة عملية، فنحن لا نحب بالكلام أو باللسان بل نحب بالعمل والحق.