وزيرة الاستثمار بالسودان: الإرادة السياسية بين قادتنا ساهمت فى متانة العلاقات| حوار

وزيرة الاستثمار فى السودان خلال حوارها
وزيرة الاستثمار فى السودان خلال حوارها

كشفت أحلام مدنى وزيرة الاستثمار فى السودان عن عمق العلاقات المصرية السودانية فى كافة المجالات عززها التاريخ المشترك والروابط الاجتماعية الممتدة عبر العصور، مشيرة إلى أن الإرادة السياسية بين قادة البلدين أسهمت فى توطيد ومتانة العلاقات بين مصر والسودان، وأشارت وزيرة الاستثمار إلى أن مصر دولة كبيرة تربطها مع السودان علاقات سياسية واقتصادية قائمة على منفعة البلدين، مرحبة فى الوقت ذاته بالاستثمارات المصرية على أرض السودان. وأكدت أحلام مدنى وزيرة الاستثمار فى السودان فى حوارها ل «الأخبار» على أن خروج السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ساهم فى عودة رءوس الأموال الأجنبية للبلاد، مؤكدة أن السودان بما يملكه من موارد طبيعية ضخمة وفرص استثمارية واعدة يمكن اعتباره سلة غذاء العالم ويعتبر من الدول المهمة فى تحقيق الأمن الغذائى.

ما الآمال والطموحات التى تتمنون تحقيقها لمستقبل الاستثمار فى السودان؟
فى البداية أزجى لكم أجمل التهانى والتبريكات لشعبى وادى النيل الكريمين وأهنئهما بالعام الجديد كل عام وبلدينا تنعم بالخيروالرفاهية والأمن والاستقرار، فعلا استلمت حقيبة الاستثمار فى ظروف استثنائية صعبة كما تفضلتم، مما تطلب ذلك بذل المزيد من الجهود للخروج بالاستثمار إلى رحاب أوسع وأفق جديدة.

فقد كانت لدينا العديد من الملفات التى نحتاج الوقوف عندها كثيرًا، وقد قمنا بترتيب البيت الداخلى أولا، ومن ثم قمنا بتقريب وجهات النظر وإجراء حوار كاشف وشامل ومنظم مع المستثمرين من خلال سفاراتهم بالسودان.

ولقد تكللت جهودنا بالتوفيق والنجاح من الوقوف على المعوقات التى يعانى منها مستثمرو هذه الدول ورجال الأعمال لخلق شراكات حقيقية من أجل بناء اقتصاد قوى يقوده التشاور والأفكار المتبادلة لتحقيق سياسات الدولة السودانية من أجل نهضة البلاد من خلال تنمية الاقتصاد السودانى.


ماذا عن دور القطاع الخاص السودانى فى الاقتصاد الوطنى؟
لم نغفل دور القطاع الخاص السودانى، نظرًا لأهميته فى تكامل الأدوار بما يشكله من أهمية قصوى فى الانسجام مع وزارة الاستثمار والتعاون الدولى حيث يعتبر شريكًا أساسيًا فى بناء الاقتصاد الوطنى السودانى ويلعب دورًا أساسيًا فى تكامل المشروعات القومية فى البلاد.


خطوات جادة 
كيف تصبح وزارة الاستثمار قاطرة التنمية والتطور فى السودان؟
سؤالك دقيق وبالفعل بدأنا خطوات جادة ومنظمة فى هذا الأمر من خلال العمل على جذب العديد من الاستثمارات العربية والأجنبية للاستثمار فى السودان ومساعدتها للاقتصاد السودانى وخلق شراكات ذكية تعمل على تقوية اقتصاد بلدنا.


لكن الأمر يحتاج إلى تعديل فى القوانين وإجراء إصلاحات إدراية وتشريعية تواكب هذا التطور؟
نعم هذا صحيح، مسئولية صناعة فرص الاستثمار تعتبر همًا وطنيًا، لذلك قمنا بالعديد من الإصلاحات الإدارية والتشريعية حتى تواكب المستجدات التى يشهدها السودان الآن مما يفتح الباب أمام المستثمرين للدخول فى الاستثمار بالسودان، فالسودان الآن أصبح الواجهة للاستثمارات الذكية والفرص الواعدة، فهو أرض الفرص البكر اللامتناهية.

وذلك لما يتمتع به من موارد ضخمة فالفرص التى تنتظر السودان كثيرة ليقوم بتقديم نفسه للعالم كدولة بها شعب مسالم ومحب للسلام وعلى استعداد للعمل مع الشعوب والحكومات الصديقة بما فيه الخير للجميع.


أول قرارات عملكم بالوزارة تشكيل لجنة عليا لمراجعة قانون الاستثمار بعد ظهور الكثير من القصور فيه ما رأيكم؟
نعم قمنا بتشكيل لجنة لتعديل بعض بنود مسودة قانون الاستثمار، وذلك بعد ظهور عدد من القصور فيه حيث عقدنا ورشة سميت وأخرى لتعديل مسودة قانون الاستثمار لعام ٢٠٢٢، ضمت العديد من الجهات ذات الصلة وسط حشود من الجهات الحكومية والهيئات والخبراء والمهتمين من رجالات الاقتصاد والقانون والإعلام.

وقد شمل التعديل عددًا من بنود القانون خاصة الجوانب المتعلقة بالضمانات والتسهيلات، إضافة إلى بنود حماية الاستثمار والمستثمرين وأعطت المستثمر الحق فى التقاضى فى حالة النزاعات والرجوع إلى القضاء، فقد أنشأت الدولة محكمة مختصة للفصل فى قضايا الاستثمار.

وكذلك لم تغلق مسودة تعديل قانون الاستثمار العلاقة بين المركز والولايات.. أيضًا اقترحت المسودة إنشاء لجنة خاصة لقضايا مشاكل الاستثمار وأفردت لها بابًا خاصًا بالمسئولية المجتمعية لسكان مناطق المشاريع لمتابعتها، وقد استعانت لجنة مسودة تعديل قانون الاستثمار بقوانين الاستثمار فى عدد من الدول العربية.


ماذا عن إنشاء منظومة استثمارية طموحة فى السودان؟
أجرت وزارة الاستثمار والتعاون الدولى عددًا من الإصلاحات الإدارية والتشريعية كما ذكرت سابقًا كان أبرزها تعديل بعض بنود قانون الاستثمار لعام ٢٠٢٢ حتى يواكب كل المستجدات.

وفالإصلاحات التى قامت بها الدولة كانت فرصة لإصلاح قطاع الاستثمار والقطاع المصرفى والمالى فى السودان ساعدت على الاندماج فى المؤسسات المالية والمصرفية العالمية، فأصبح السودان جزءًا فاعلاً ومهمًا فى المجتمع الدولى مما ساعد على جذب المستثمرين للاستثمار فى مختلف القطاعات المهمة بالسودان ممثلاً فى مجالات الطاقة والزراعة والطرق والبنى التحتية وخطوط السكة الحديدية وإبراز فرص الاستثمار فى القطاعين العام والخاص، فالسودان بلد واعد ينتظر ولوج المستثمرين إليه وهو ما تقوم به وزارة الاستثمار الآن من خلال الترويج للاستثمار.


خارطة استثمارية 
ماذا عن الخارطة الاستثمارية القومية فى السودان؟
قامت وزارة الاستثمار بوضع مصفوفة مهمة تضمنت مشاكل الاستثمار والمعوقات والمطلوبات لتحسين البيئة الاستثمارية والتى من ضمنها وضع خارطة استثمارية حقيقية ولتحقيق وذلك تم ابتعاث فرق متخصصة للولايات السودانية جميعها لجمع المعلومات من خلال مسح ميدانى للوصول للمشاريع المختلفة التى تحتاجها تلك الولايات والفرص الاستثمارية الواعدة فيها وحصر وإحصاء الأراضى المخصصة للاستثمار.

وكذلك تم الاستعانة بالمساحة العسكرية وبعض المؤسسات الدولية المتخصصة للمساعدة فى هذا الجانب وقد قطعنا شوطًا كبيرًا فى ذلك ونأمل أن يشمل عملنا جميع السودان بلا استثناء حتى يعم الخير على شعبنا.


كذلك إسهامات كبيرة سابقة فى الاستثمار فى البيئة.. هل يمكن امتداد ذلك خلال عملكم وزيرة للاستثمار؟
وزارة الاستثمار تشجع الاستثمار فى قطاعات الزراعة والصناعة والتعدين والأنشطة الخدمية شرط دون أن يخل ذلك بالتراث الطبيعى الوطنى بالبلاد بتنوعه البيولوجى الفريد وقد أثرت وزارة الاستثمار أن تقوم بالترويج للاستثمارات التى تلبى متطلبات التنمية المستدامة الثلاثة.

ونحن فى وزارة الاستثمار لا نقوم بالتصديق لأى مشروع استثمارى عبر الخدمة الشاملة ما لم تكن دراسة الجدوى متضمنة الأثر البيئى للمشروع وهذا متفق عليه وفق خطة عمل ثابتة، فلا خلاف حول الاستثمار فى البيئة خاصة بعد توفير العوامل المواتية للاستثمار عامة وصياغة نماذج لا تهدف إلى تطوير الاقتصاد فحسب، بل تتعداه وليشمل الجانب البشرى والاجتماعى والبيئى وتوطين التكنولوجيا الصحية والبيئية والأمن الغذائى تحقيقًا للتنمية المستدامة.


لدى السودان مزايا تنافسية كيف يمكن الاستفادة منها؟
فعلًا السودان لديه مزايا لا يوجد لها نظير فى العالم لابد من الاستفادة منها ممثلة فى مجال الزراعة، فالسودان بلد زراعى فى المقام الأول، له مقومات لا يوجد مثلها لذلك سعت الدولة فى تفعيل الاستثمار فى قطاع الزراعة حيث يأخذ أبعادًا استراتيجية مهمة على كافة الأصعدة سواء على الصعيد الوطنى أو الإقليمى أو العالمى.

وإذ يعول عليه الكثير فى تنمية وانطلاق أهم قاعدة موارد بالبلاد تتصل بمركز الثقل فهى عمل الغالبية من أهل السودان إلى جانب ذلك مساهمتها فى إعادة هيكلة الاقتصاد السودانى لتحتل مكانًا فى الاقتصاد والتجارة على مستوى العالم مرتكزة على المزايا ذات الأهمية المتزايدة فى تحقيق الأمن الغذائى للمنطقة العربية بصفة خاصة والعالم بصفة عامة تحقيقًا للتكامل الاقتصادى والتجارى مع الدول والمجموعات والمنظمات الإقليمية والعالمية.

وما يمكن تحقيقه من آفاق تعاون استراتيجى والسودان سلة غذاء العالم ومن الدول المهمة فى تحقيق الأمن الغذائى على المستوى العالمى.


ريادة الأعمال 
وحدة ريادة الأعمال فى وزارة الاستثمار ما وظيفتها وأهميتها؟
مركز ريادة الأعمال بوزارة الاستثمار تم إنشاؤه مؤخرًا ليقوم بخدمة هذه الشرائح المهمة من الشباب، فالاهتمام بريادة الأعمال من صغار رجال الأعمال ضرورة ملحة لخلق فرص عمل للشباب بالتعاون مع منظمة البونيدو وتعتبر وتلعب وزارة الاستثمار دورًا محوريًا كنقطة ارتكاز لريادة الأعمال فى السودان.

وذلك بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة حيث يقوم المركز بمساعدة الشباب لخلق فرص عمل لهم كما قلت فى مستهل حديثى، لذلك فإن قانون الاستثمار فى نسخته المعدلة لم يهمل أهمية ريادة الأعمال ولم يغفل الدور الذى يلعبه الشباب فى ذلك، فلا خلاف حول أهمية الاهتمام بشرائح الشباب.


لكن الكثير من المستثمرين الأجانب والعرب يتخوفون من معضلة تحويل أموالهم وأرباحهم إلى خارج السودان هل يوجد حل للمشكلة؟
قانون تشجيع الاستثمار تضمن ميزة تحويل الأرباح للخارج وقد أكد البنك المركزى عدم وجود معوقات الآن أمام تحويل أرباح المستثمرين والحلول متاحة لذلك.


البعض يصف السودان بأنها بيئة طاردة للاستثمار كيف يمكن الرد على هذا؟
السودان بلد غنى بالموارد والمجالات المختلفة والموارد الطبيعية، وقد تم إعادة النظر فى القوانين المنظمة للاستثمار وإزالة المعوقات التى تعترض الاستثمار فى السودان.


لكن هناك مشكلات كبيرة فى البنية التحتية والطرق والنقل البحرى والجوى مما يعيق الاستثمار فى السودان؟
الدولة تسعى إلى تأهيل البنية التحتية والطرق والنقل بكافة أنواعه لجذب الاستثمارات الأجنبية لكن بالعكس نحتاج بالفعل إلى استثمارات فى كافة القطاعات حتى يتسنى لنا القيام بدورنا المحورى فى بناء الدولة السودانية وتحقيق الاستقرار لها ولشعبها.

ونعلم ذلك جيدًا هذه مجالات وفرص متاحة للاستثمار الوطنى والأجنبى نتوقع خيرًا لبلادنا فى القريب العاجل.


الاستثمار يحتاج إلى عمالة مدربة وأيد ماهرة هل يتوافر ذلك فى السودان حتى يمكن جذب مزيد من الاستثمار فى السودان؟
يتوافر فى السودان عدد كبير من العمالة بتخصصات مختلفة لكن بالنسبة إلى الخبرات الفنية غير المتوافرة فى السودان يمكن استجلابها من الخارج وفق القوانين المنظمة لذلك.


لكن المستثمر الأجنبى يعانى من ضعف النظام المصرفى وخاصة فيما يتعلق بمنح القروض للمستثمرين ما الحل؟
السودان يسعى إلى وضع منظومة جيدة للنظام المصرفى بخلاف تطوير النظام المصرفى حتى يناسب حجم الاستثمارات الأجنبية فى البلاد وسيتم تطوير وإعادة هيكلة النظام المصرفى فى السودان وإزالة كافة المعوقات أمام توفير التمويل المالى المطلوب فى المشروعات القومية.

وهناك آليات جديدة للمراقبة المالية فى النظام المصرفى لتعزيز الاستقرار النقدى فى السودان وأدعو جميع المستثمرين لزيارة السودان والوقوف على الفرص الاستثمارية الواعدة.


شعب واحد 
كيف ترون العلاقات السودانية المصرية؟
إن الحديث عن العلاقات السودانية المصرية حديث ذو شجون فقد تضافرت عوامل الجغرافيا والتاريخ على مر الحقب والعصور لتشكل لنا هذه الروابط والصلات بين شعبى وادى النيل فمتانة هذه العلاقات جعلت من سكان البلدين وكأنهما شعب واحد تربطه أواصر القربى والمصاهرة بجانب المصالح المشتركة واللغة والدين والثقافة.

وإن الروابط بين البلدين والشعبين تضرب جذورها فى أعماق التاريخ وظلت صامدة على مر الحقب رغم التحديات والعقبات التى تبرز بين الوقت والآخر لكن استطاع الشعبان والبلدان تجاوزها لعمق الصلات ومتانة العلاقات وتوافر الإرادة السياسية لدى قادة البلدين.


كيف يمكن توطيد تلك العلاقة الفريدة بين مصر والسودان إلى آفاق أوسع؟
إن الفرص متاحة لتطوير هذه العلاقات فى مختلف المجالات والارتقاء بها إلى آفاق جديدة ترضى طموحات وتطلعات الشعبين عبر تعزيز المجالات الاقتصادية والتجارية ونؤكد من جانبنا فى وزارة الاستثمار والتعاون الدولى على تقديم كافة التسهيلات للشركات المصرية والمستثمرين والمصريين ونتطلع لمضاعفة حجم الاستثمارات المصرية فى كافة المجالات.


كانت لكم زيارة لمصر مؤخرًا ما نتائجها؟
زيارتنا الأخيرة كانت بشأن المشاركة فى المؤتمر الخاص بالمناخ الذى عقد بشرم الشيخ وحققت مصر خلاله نجاحًا كبيرًا على مستوى العالم وخرج المؤتمر بتوصيات متعددة وعلى هامش المؤتمر تم عقد اجتماع مع رئيس الهيئة العامة للاستثمار وتم تنويرنا بالخارطة الاستثمارية لمصر والمناطق الحرة وتم الاتفاق على تفعيل بروتوكول التعاون لتبادل الخبرات فى مجال الاستثمار.


ما العقبات والمشكلات التى تقف أمام زيادة الاستثمارات المصرية فى السودان؟
لا يوجد أى عقبات أمام الاستثمارات المصرية فى السودان.. مصر دولة كبيرة ولنا معها تاريخ مشترك وروابط متينة والسودان يرحب بالاستثمارات المصرية فى أى وقت ونعمل فى بلادنا على تذليل كافة العقبات والمعوقات أمام أى مشروعات مصرية تجرى على أرض السودان.. هناك معاملة خاصة لمصر لدينا وتحظى القاهرة بقرب شديد لدى كافة المسئولين فى السودان.


هل هناك تبادل خبرات بين السودان ومصر وخاصة فى مجال التدريب والاستشارات؟
نعم. هناك تبادل خبرات فى مجال التدريب مع وزارة الاستثمار المصرية من خلال الوقوف على التجربة المصرية فى مجال الاستثمار فقد كانت هناك عدة دورات للعاملين بوزارة الاستثمار السودانية وقفوا خلالها على التجربة المصرية فى هذا المجال.

وما زال التعاون مستمرًا حتى الآن.. أيضا هناك العديد من الاستثمارات المصرية بالسودان كان أهمها الاستثمار فى الربط الكهربائى والبنية التحتية والطرق والسكك الحديدية والطاقة المتجددة وغيرها.

اقرأ ايضا | نائب رئيس حزب الأمة القومي:هناك انكماش فى الاقتصاد السودانى

نقلا عن صحيفة الاخبار : 

202302012