فواتير باهظة دفعتها الدولة لاجتثاث الإرهاب | التطرف.. الوجه الآخر لـ«الخراب»

 الإرهاب عطل مسيرة النمو
الإرهاب عطل مسيرة النمو

مما لا شك فيه أنه يوجد انعكاس مباشر لهجمات الإرهاب على إهدار موارد الدولة البشرية والمادية، كما تعرقل خطط النمو والتنمية التى تتبعها الدولة نتيجة إعادة توجيه الموارد الاقتصادية لسد الاحتياجات الأمنية المتزايدة، مما يؤدى إلى انخفاض الناتج المحلى الإجمالي، وتراجع معدلات النمو والتشغيل.

تؤثر هجمات الإرهاب أيضا بشكل غير مباشر على النمو والتنمية الاقتصادية من خلال التأثير التتابعى المضاعف للإرهاب multiper effect إذ يمتد تأثير العمليات الإرهابية على معظم القطاعات بالدولة، فيتأثر قطاع الصحة مع زيادة عدد القتلى والضحايا والمصابين، وكذلك قطاع البنية التحتية نتيجة تدمير المنشآت والبنية التحتية.

يؤثر الإرهاب أيضا على موارد الدولة من النقد الاجنبي، من خلال التأثير على قطاعات الاستثمار والتجارة الخارجية والسياحة، إذ تفقد البيئة الاستثمارية جاذبيتها للاستثمار، وقد يهرب رأس المال، ويتناقص الإنتاج.

ويمكن لكل تلك التداعيات أن تتسبب فى نقص الصادرات، فى ضوء ذلك، فإن فهم مسار النمو الاقتصادى فى مصر لا يمكن أن يكتمل بغير إدخال التطرف والارهاب كعامل رئيسى أثر فى قرارات الإنفاق والاستثمار والمالية العامة طوال العقود المنقضية.

قطاع السياحة

تعرضت مصر لأزمات عدة محلية ودولية عطلت مسيرة نموها، وقد نتج جانب كبير من هذه الأزمات عن أحداث إرهابية، فعلى سبيل المثال، يمكن تقدير الخسائر المالية التى تحملها القطاع السياحى -حكومة ومستثمرين.

وفى مصر خلال الفترة منذ ثورة ٢٥ يناير  ٢٠١١- التى شهدت الاضطرابات السياسية والاقتصادية وأعمال العنف الإرهابية - حتى بداية التحسن فى ٢٠١٨/٢٠١٩ مرورا بحادث إسقاط الطائرة الروسية عام ٢٠١٥ كالتالي:

خسائر الدخل السياحى بالنقد الأجنبي، بإجمالى ما يقرب من ٦٤ مليار دولار أمريكى.

التكاليف المباشرة للحفاظ على القطاع، متمثلة فى عمليات الإحلال والتجديد للمنشآت السياحية، التى تحملها القطاع الخاص بمساندة الدولة بقيمة تقارب ٣ مليارات دولار أمريكي.

تكلفة أجور العمالة المباشرة التى تحملها القطاع الخاص فى ظروف انخفاض مستويات التشغيل، والمقدرة بحوالى ٧٢ مليار دولار أمريكي، وذلك لدفع أجور ٢ مليون عامل مسجلين لدى التأمينات الاجتماعية، بمتوسط الأجر الشهرى والمزايا المقدر ب ٥٠٠ دولار أمريكى / شهر، لمدة ٦ سنوات، على اعتبار أن نسب الاشغال فى الفنادق تراوحت فى المتوسط بين ٥٠-٤٠٪ خلال هذه الفترة.

تكلفة أجور العمالة غير المباشرة حوالى ٣٦ مليار دولار أمريكي، وذلك لتشغيل العمالة الموسمية المدربة، والتى حاول القطاع عدم الاستغناء عنها فى بعض الوقت، خاصة فى الاجازات للمصريين «السياحة المحلية» وهم حوالى مليون عامل.

تكلفة الحملات التسويقية والترويجية الإضافية والاشتراك فى المحافل والمعارض السياحية الدولية، وإعادة تصميم برامج تحفيز الطيران لتتوافق مع مستجدات الفترة، وقد بلغت تكلفة هذه الحملات والبرامج ما يقرب من ٥ مليارات دولار أمريكي.

إيرادات غير مباشرة كانت ستئول إلى قطاعات أخرى مرتبطة بالسياحة، بقيمة حوالى ٢٥ مليار دولار أمريكى.

تكلفة الخزانة العامة للدولة من تحصيل ضرائب ورسوم على النشاط السياحي، كانت تصل سنويا إلى ما يقرب من ٤ مليارات جنيه مصري، وضرائب القيمة المضافة «ضريبة المبيعات آنذاك».

وكانت تصل إلى ما يقرب من ٢ مليار جنيه مصري، وكذلك بالنسبة للضرائب على الدخل من السياحة فكانت تصل إلى ١٫٥ مليار جنيه مصري، ويكون إجمالى الحصيلة حوالى ٤٥ مليار جنيه مصري، إذا اعتبرنا أنها استطاعت ان تحصل فقط ٤٠٪ منها، أى حوالى ١٨ مليار جنيه مصري.

وقد تكون الخسارة حوالى ٢٧ مليار جنيه مصري، أى ما يعادل حوالى ٢٫٥ مليار دولار أمريكي.. وبشكل عام، يتضح أن إجمالى التكاليف التى تحملتها الدولة والقطاع الخاص كخسائر فى قطاع السياحة خلال الفترة ٢٠٠١/٢٠١٨ تقدر بما يقرب من ٢٠٧٫٥ مليار دولار أمريكي.

معدلات النمو الاقتصادى

وعلى جانب آخر، تأثرت نسبة الاستثمارات الكلية للناتج تأثرا بالغا بجميع العمليات الإرهابية، سواء فى الداخل المصرى كأحداث الأقصر فى عام 1997، أو أحداث يناير 2011 إلى عام 2015، أو حتى الأحداث العالمية مثل برجى التجارة العالميين.

وهو ما أثر بشدة على معدلات النمو الاقتصادى للدولة، حيث إن الاستثمار هو المحرك الرئيسى للنمو، وهو الذى يقود هذا النمو للارتفاع مع ارتفاع نصيب الاستثمارات للناتج، ومع تراجع تلك النسبة يتراجع النمو.

ولا شك أن نسبة الاستثمارات الخاصة للناتج قد شهدت ذات الاتجاه فيلاحظ تراجع تلك النسبة إلى أدنى مستوياتها فى بداية التسعينيات، تأثرًا بكافة العمليات الإرهابية السائدة فى تلك الفترة، نتيجة تزايد نشاط الجماعات الإرهابية فى نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات.

حيث وصل معدل نمو الاستثمار الخاص للناتج إلى ما دون ال ٣٪ فى عامى ١٩٩٣ و١٩٩٤ وما لبث أن ارتفع إلى ٦٫٦٪ فى عام ١٩٩٦/١٩٩٧، حتى تراجع نتيجة أحداث الأقصر إلى ما دون الخمسة بالمائة.

واستمر هذا المعدل فى الارتفاع تدريجيًا حتى وصل عام ٢٠٠٦/٢٠٠٧ إلى ٧٫٥٪ وهو أعلى معدل له، نتيجة ارتفاع قيمة الاستثمار الخاص، ثم ما لبث أن تراجع تأثرا بالأزمة الاقتصادية العالمية.

واستمر هذا التأثر بشدة خلال الفترة ٢٠١١/٢٠١٢ إلى ٢٠١٦/٢٠١٧ حيث تراجعت النسبة من ١١.٥٪ إلى ٦٫٦٪ وهو ما يؤكد تأثير العمليات الإرهابية على حجم الاستثمار الخاص وتراجعه، وكذلك على معدلات النمو المحققة خلال تلك الفترة.

الاستثمار الأجنبى المباشر

ويلاحظ تأثر الاستثمار الأجنبى المباشر انخفاضا فى الفترة من ٢٠٠١ إلى ٢٠٠٤ تأثرا بالأحداث الإرهابية الخارجية، فقد مثلت تلك الفترة أقل قيمة للاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر.

ومن حيث لم تتخط المليار دولار، ولم تتجاوز نسبته للناتج ١٪ وكذلك تراجع الاستثمار الأجنبى المباشر بشدة بدءا من ٢٠١٠/٢٠١١ وحتى الآن، تأثرا بالعمليات الإرهابية الداخلية خلال الفترة ٢٠١١ - ٢٠١٧ وبعد ذلك تأثرا بجائحة كورونا، وطوال تلك العشر سنوات لم تتجاوز نسبة الاستثمار الأجنبى المباشر للناتج نحو ٣٫٥٪ نزولا من نسبة ٨٫١٪ التى وصل إليها فى عام ٢٠٠٧/٢٠٠٨.

اقرأ ايضاً | حملة لضبط الأسواق بأسوان وتحرير 38 مخالفة تلاعب في الأسعار

نقلا عن صحيفة أخبار اليوم: 

202302011