للتسلية والحرية.. أم القتل؟.. مراهقون يقودون سيارات آبائهم

المتهم بدهس الطفل يوسف
المتهم بدهس الطفل يوسف

حبيبة جمال

كم من الجرائم ترتكب باسم قانون الطفل الذي يحمي مراهقين «طائشين»، وفي النهاية يحميهم قانون الطفل الذي يتعامل معهم باعتبارهم غير مسئولين عن أفعالهم ولا يحاسبون عليها، أطفال تخلوا عن براءتهم وارتدوا عباءة الإجرام؛ شاهدنا البارحة قاتلا يذبح أم عشيقته في بورسعيد بدم بارد دون أن يهتز له رمش وفي النهاية يحميه قانون الطفل من العقاب الذي يستحقه.. واليوم صبي مراهق يقود سيارة والده بسرعة جنونية ويدهس طالبًا أثناء خروجه من منزله متجهًا لقضاء وقت ممتع مع أصدقائه، بلا ذنب وهو أيضا يقع تحت مظلة قانون الطفل الذي سيحميه هو الآخر من العقاب الذي يستحقه.. نستعرض تفاصيل الواقعة الأخيرة التي شهدتها إحدى المدن الجديدة ووقائع أخرى مشابهة؛ ونوجه صرخة لأعضاء اللجنة التشريعية بمجلس النواب؛ لإعادة مناقشة السن القانونية التي يسمح معها بمحاسبة ومعاقبة هؤلاء المراهقين المتهورين الموتورين على جرائمهم في حق المجتمع.

 انتهى من امتحاناته، وخرج لمقابلة أصدقائه؛ لقضاء وقت ممتع معهم؛ لكن الظروف رسمت له سيناريو آخر لم يكن في حسبانه.. كتبت عليه أن يسقط غارقًا في دمائه قبل رؤيته لهم.. دهسه صبي أرعن كان يتباهى بسرعته الجنونية.. وإلى التفاصيل المأساوية.

يوسف، طفل يبلغ من العمر ١٤ عاما، هو بطل قصتنا، يعيش مع أسرته في بيت مليئ بالحب والأمان، وحيد والدته، عندما تراه يلفت انتباهك منذ الوهلة الأولى؛ ربما لبراءة عينيه أو لابتسامته الجميلة، أو طيبة قلبه.. رغم صغر سنه تجد عقله يسبق سنه بكثير، ولما لا وقد نشأ في بيت يعشق القراءة ولا يتحدث سوى عن الأخلاق والطموح.. حياة تلك الأسرة كانت تسير بشكل طبيعي جدا، وفي غمضة عين تبدل كل شيء، انقلبت حياتهم رأسًا على عقب، عندما تعرض يوسف لحادث بشع بسبب شخص مستهتر.

انتهى يوسف من امتحاناته، واعتاد أن يخرج كل خميس للعب مع أصدقائه، يوم ١٩ من شهر يناير الماضي، اتصل أحد أصدقائه به يبلغه بموعدهم سويًا لقضاء وقت ممتع، فرح يوسف فأخيرًا سيلتقي بأصدقائه بعد أداء الامتحان، انتظر يعد الساعات والدقائق حتى جاء موعد خروجه من البيت، طبع يوسف قبلة على خد والدته وغادر في تمام الساعة الثامنة مساء، على الناحية الأخرى كان هناك جهاد، صبي يبلغ من العمر ١٦ عاما لكنه أرعن ولم يعلمه احد أن يحترم الأسفلت الذي يسير عليه، يقود سيارة والدته بسرعة جنونية تخطت الـ 200 كيلو متر في الساعة ممسكًا بهاتفه لتسجيل فيديو أثناء قيادته، ودون أن يهتم بحياة الآخرين دهس يوسف وألقى به على بعد عدة أمتار، وأنقذته العناية الإلهية عندما سقط على الحشائش وليس الأسفلت، كاد المتهم أن يفر هاربًا لولا أن أمسك به الأهالي، وعلى الجانب الآخر وقبل أن يفقد يوسف وعيه، فتح هاتفه واتصل بوالدته «الحقيني ياماما أنا بموت»، ليفقد بعدها الوعي وينقله الأهالي سريعًا للمستشفى في محاولة لإنقاذه، كانت الكلمات التي نطق بها يوسف بمثابة السهام التي اخترقت جسد والدته، فأسرعت كالتي فقدت عقلها للمستشفى، وهناك كان الصغير يرقد داخل غرفة العناية المركزة ينزف من جميع أنحاء جسده، لا يتحرك، يعاني من كسر في القدم والأيدي وتهشم في الرأس ، وبعد ٧ ايام فى غيوبة ، عاد يوسف للحياة من جديد بعد الحادث المؤلم الذى تعرض له ، وبمجرد سؤاله افاد بأنه حاول تفادى السيارة لكن المتهم دهسه ، واعربت والدته بانها لن تترك حق ابنها.

بلاغ

تلقت الأجهزة الأمنية بالقاهرة إخطارًا من شرطة النجدة مفاده وقوع حادث مروري ومصاب بأحد الشوارع داخل كمبوند بمنطقة التجمع الأول.
على الفور انتقلت أجهزة الأمن وتبين إصابة طفل في العقد الثاني من العمر بعدما صدمته سيارة يقودها مراهق، وتم التحفظ على المتهم، ونقل المصاب في حالة حرجة للمستشفى، ويقوم رجال المباحث بعمل التحريات وتفريغ كاميرات المراقبة، للوقوف على ملابسات الواقعة، وتحرر محضر بالواقعة، وأمرت النيابة بإخلاء سبيل المتهم، وإحالته للمحاكمة فيما هو منسوب إليه من اتهامات.
وكشفت التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة، أن المتهم يبلغ من العمر 16 عاما، وفي يوم الواقعة تحصل على مفتاح سيارة ملاكي خاصة بوالده، يسير بها بسرعة عالية، واصطدم بالمجني عليه، وعقب ذلك نجحت رجال المباحث في ضبطه، وتحولت القضية للمحكمة، والتي أجلت الجلسة ليوم ١٤ فبراير لحين سماع أقوال المجني عليه حال إفاقته أو ورود آخر تقرير طبي من المستشفى.

تصدر اسم يوسف مواقع التواصل الاجتماعي، وسادت حالة من الحزن على ذلك الطفل وماذا حدث له، فهو الآن يرقد داخل المستشفى تحيطه دعوات من الجميع بالشفاء العاجل، والكارثة الأكبر أن المتهم لم تكن قيادته للسيارة بهذه السرعة الجنونية تحدث للمرة الأولى، فالمتهم كان ينشر على صفحته الشخصية على الفيس بوك فيديوهات وهو يقود السيارة بهذه السرعة، أين أسرته من كل ما يحدث؟!، هل كانوا ينتظرون وقوع كارثة مثلما حدثت حتى ينتبهوا لطفلهم، تقدمت والدة الضحية بتلك الفيديوهات للنيابة وتنتظر القصاص العادل.

المراهق يقتل 4 أطفال بسيارته بأسيوط

 ربما كتب القدر ليوسف أن يعيش ونتمنى أن يعود لحضن والدته وأسرته من جديد، لكن ما حدث معه ذكرنا بالواقعة البشعة التي حدثت في شهر مايو من عام ٢٠٢٠ في مركز أبنوب بمحافظة أسيوط؛ حينما دفع ٤ أطفال حياتهم ثمنًا لصبي مراهق كان يقود سيارة والده أيضا بسرعة جنونية ودهسهم بلا رحمة أو شفقة، ليقعوا جثث في الحال.

الأطفال الأربعة عمر أكبرهم ١٢ عاما، وأصغرهم ٧ سنوات، كانوا يقفون بجانب الطريق أمام أحد المحلات لشراء حلوى، وأثناء وقوفهم جاء صبي يدعى أحمد، يبلغ من العمر ١٦ عاما، يقود سيارة ملاكي بسرعة جنونية وأطاح بهم دهسًا، في مشهد مهيب مفزع رصدته كاميرات المراقبة، ليسقط والد الأطفال مغشيًا عليه، وسادت حالة من الحزن والصدمة على أهالي القرية وطالبوا بالقصاص العادل من الطفل ومن والده أيضا، فهناك شهود شهدوا أن والده هو من علمه القيادة وكان يعطيه السيارة برغبته، وتحولت القضية للمحكمة، وحكم على الطفل ووالده بالحبس خمس سنوات.

اقرأ أيضأ

«القباج»: نتناول قضايا حقوق الأطفال خاصة من الأسر والفئات الأولى بالرعاية