جريمة تكساس.. الحادث رقم 250 في خمسة أشهر

الإرهاب الداخلي يُدمر أمريكا | 45 ألف ضحية ومصاب سنويًا بسبب التطرف

مرتكب الحادث سلفادور راموس
مرتكب الحادث سلفادور راموس

كتبت: دينا جلال

 

مشاهد مخزية ومتكررة تمتزج أحداثها بالصدمة والخوف والدماء والآلام، تطرح علامات استفهام عديدة؛ كيف نجحت حوادث الإرهاب المحلي فى بسط سيطرتها على الشوارع والمنشآت الأمريكية إلى هذا الحد؟ كيف يتكرر السيناريو بهذا التطابق؛ ليبدأ بشخص يتسلل سريعًا ويطلق رصاصات سلاحه نحو أهدافه ليسقطوا جثث هامدة وسط تدافع المصابين والناجين ثم تأتي الشرطة ورجال الإنقاذ بعد الحادث، ويفترش اهالي الضحايا مسرح الجريمة الغارق بالدماء والجثث، وتعلو وجوههم علامات الدهشة والصدمة والاستنكار ثم ينتهي المشهد ببيانات ومواساة رسمية تدين الحادث وتوصي بالتصدي لتلك المآسي دون خطوات حقيقية ملموسة في واحدة من اكبر دول العالم.

 

هكذا يتكرر المشهد فى الولايات المتحدة الامريكية وهكذا تتعاقب صيحات الإنذار التي تطلقها الجهات الامنية وإحصائيات مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية لتؤكد؛ أن أمريكا تشهد موجات من الإرهاب الداخلي لم تشهده منذ ربع قرن، الارقام صادمة وصارت تتناقلها وسائل الاعلام الأمريكية والعالم بأكمله تحت عناوين مختلفة حيث وصفت الجارديان البريطانية الأحداث الاخيرة بعنوان؛ “امريكا تقتل نفسها” وبمجرد البحث عن حوادث الاشهر القليلة للعام الحالي فقط نكتشف وقوع ما يقرب من 250 حادث إطلاق نار جماعي تسبب فى مقتل ما يقرب من 300 ضحية، بالإضافة إلى إصابة ألف شخص من حوادث إطلاق النار وهجمات الإرهاب المحلي، وتكشف الإحصائيات الرسمية لمنظمة أرشيف مناهضة السلاح، مقتل اكثر من 45 الف شخص بسبب حوادث مرتبطة بالارهاب الداخلي وإطلاق النار في عام 2020 ومن المنتظر أن تتخطى حوادث العام الحالي تلك الارقام بنسب متضاعفة، ورصد مكتب التحقيقات الفيدرالي ارتفاع حوادث إطلاق النار العام الماضي بنسبة 50 في المائة عن عام 2020.

 

ويرصد مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن المتخصص بقضايا الامن القومي حجم تهديدات الإرهاب المحلي حيث وصلت هجمات جماعات اليمين المتطرف إلى مستويات مخيفة خلال العامين السابقين، وشهد العام الماضي 73 هجومًا ومؤامرة إرهابية ترتبط بالتنظيمات الارهابية الامريكية التي امتدت إلى 18 ولاية.

 

 ويحذر التقرير من تزايد مخاطر الإرهاب المحلي على مدار السنوات الست الماضية عبر استهداف قطاع عريض من الابرياء السود والمهاجرين والمسلمين والآسيويين واليهود وغيرهم، ويلجأ المتطرفون اليمينيون إلى استخدام السيارات والأسلحة المتطورة والسكاكين لتنفيذ جرائمهم وكذلك يستهدفون المؤسسات الدينية بما في ذلك المساجد والمعابد اليهودية وكنائس اصحاب الاصول الافريقية وكذلك عيادات الإجهاض والمباني الحكومية التي تتلقى تهديدات بقصفها وحرقها وإطلاق النار على أهدافها.

 

إقرأ أيضاً | الولايات المتحدة ستحقق في استجابة الشرطة لإطلاق النار على المدرسة في أوفالدي

 

مشهد حادث مدرسة أوفالدي الصادم يتكرر بشكل شبه يومي فى الولايات الأمريكية حين يرفع شخص متطرف سلاحه فى وجه أبرياء سواء على قدميه أو داخل سيارة مسرعة، ولكن ارتفاع عدد الضحايا بشكل صادم ووصولهم الى 22 ضحية وكذلك صغر اعمار الضحايا وهم تلاميذ ابتدائي تتراوح أعمارهم ما بين 5 إلى 11 عاما تحول إلى حادث مأساوي مفجع ليوصف بأعنف حادث إطلاق نار في منشأة تعليمية في الولايات المتحدة الامريكية، كما يعد ثاني اخطر هجوم دموي على مدرسة منذ إطلاق النار على مدرسة ساندي هوك في ولاية كونيتيكت في عام 2012  حيث قُتل 20 طفلا وستة اشخاص آخرين ثم انتحر الجاني بسلاحه.

 

إقرأ أيضاً | مصرع مهندس شاب بطلق نارى أثناء حفل عرس بدمنهور بالبحيرة 

 

فتح حادث أوفالدي في ولاية تكساس قضايا حيازة السلاح في امريكا بعد إقدام طالب الثانوي سلفادور راموس، 18 سنة، على قتل جدته ببندقيته الجديدة «ايه آر-15» ثم توجه نحو المدرسة الابتدائية ليفتح النار على تلاميذ ابرياء بشكل عشوائي ووصل الضباط الى مكان الحادث وقتلوا الجاني بعد أن طلبوا من المواطنين الابتعاد عن المدرسة للتحقيق في الجريمة.

 

انتهى الحادث وازدحمت وسائل الاعلام ومواقع الإنترنت بقصة الجاني راموس الذي انتقم من تلاميذ ابتدائي بسبب تعرضه للسخرية والتنمر من فقره ولكنته، ولم يقف امامه أى شخص أو يسأله عن سبب شرائه سلاحين فى عيد ميلاده الثامن عشر بل وقام بعرض اسلحته على صفحاته بالسوشيال ميديا  وأفصح عن سر حيازته للأسلحة وتخطيطه للجريمة لصديقه المقرب الذي وصفه بعشق الاسلحة والالعاب النارية ثم قرر تجربة سلاحه على تلاميذ المدرسة، ودفع الحادث نائبة الرئيس الامريكي كامالا هاريس للمطالبة بإصدار تشريع عاجل يفرض قيودا على حيازة الأسلحة النارية بعد إعلان الرئيس الامريكي جو بايدن تنكيس الأعلام في المباني الفيدرالية عدة ايام حدادًا على ضحايا حادث تكساس.

 

من بين 250 حادث إطلاق نار شهدها العام الحالى فقط تلقى الامريكيون صدمات متتالية ليواجهوا حادثًا إرهابيًا عنصريًا شديد الدموية والعنف قبل ايام قليلة من حادث أوفالدي بتكساس، حيث وقعت مجزرة بوفالو في نيويورك في 14 مايو حين شن بايتون جيندرون -18 سنة- هجومًا ناريًا على احد المتاجر واستهدف المتسوقين والمارة وافراد الامن من السود ولقى 10 اشخاص مصرعهم بعد فترة قليلة من ارتكاب الحادث وانتهى الحادث باستسلام الجاني، ليتم احتجازه وسجنه لمحاكمته حيث اشارت التقارير إلى أن الجاني نشر أفكاره الإرهابية على الإنترنت رافضًا وجود السود دون أن يتعقبه احد حيث تمتلئ صفحات المتطرفين الأمريكيين بأفكارهم المسمومة دون تعقبهم أو التحقيق معهم.

 

شهد شهر مايو فقط ما يقرب من 50 هجومًا ناريًا فى الولايات والمدن الأمريكية، ومر حادث بوفالو كغيره من الحوادث الإرهابية حتى وقع هجوم آخر فى 15 مايو حين شن الامريكي ديفيد تشو، 68 عاما، هجومًا مسلحًا على كنيسة بجنوب كاليفورنيا تسبب فى مقتل شخص واحد على الأقل وإصابة خمسة واكدت التحقيقات أن الدافع وراء الحادث عداء وعنصرية تجاه التايوانيين من زوار الكنيسة، وفي نفس اليوم شهدت ولاية تكساس مقتل شخصين وإصابة ثلاثة آخرين، في سوق للسلع بحي ميدوفيولاند، وفي حادث آخر اصيب 17 شخصًا بطلقات نارية في منطقة شعبية بعد مباراة في الدوري الاميركي للمحترفين في حي ايست تاون بولاية ويسكونسن.