دماء على التختة.. طالب الثانوي حاول قتل زميله أثناء الامتحانات

المجنى عليه
المجنى عليه

إسلام عبدالخالق

جريمة غريبة ومثيرة، التهور ورعونة الطفولة المقتربة من مرحلة المراهقة كلها اسباب تضافرت فيها؛ وكانت النتيجة جريمة القتل التي نحن بصددها، صبي مراهق، قضى في محراب العلم أغلب سنوات عمره البالغة الستة عشرة عاما، فما أن اشتد عوده إلا وبطش وتعدى بالضرب على زميل له وشرع في قتله شر قتلة، لا لشيء إلا لأن زميله المجني عليه لم يرتكب جُرمًا سوى أنه قد سبقه إلى «التختة» قبل لحظاتٍ من بداية أحد الاختبارات في صفهم الدراسي بالصف الأول الثانوي العام «خدمات» في مدرسة السادات الثانوية العسكرية بنطاق ودائرة مركز ومدينة ديرب نجم بمحافظة الشرقية، وإلى التفاصيل.

 

على بُعد أمتار من مدخل قرية برمكيم التابعة لدائرة مركز ديرب نجم بمحافظة الشرقية، وبينما سطعت شمس الأحد الماضي، كان الفتى محمود عبدالرحمن، اليافع ابن الستة عشر عامًا، يسير كعادته يحث الخطى للحاق بالغربة التي ستقوده إلى بندر المركز، وهناك سيؤدي اختباره في الصف الأول الثانوي بمدرسة السادات الثانوية العسكرية (خدمات) بنطاق ودائرة مركز ومدينة ديرب نجم.

استقل «محمود» إحدى العربات ووصل فى توقيت مُبكر قبل بداية الاختبار، وبعفوية دلف إلى فصله المدرسي وجلس على أحد المقاعد «التختة»، لكن ما هيَّ إلى دقائق حتى فوجئ بمن يجذبه ويحثه على مغادرة مقعده، وحين التفت رأى زميل له يُدعى «محمد س» في نفس عمره وصفه الدراسي، لكنه عكسه في الطباع؛ فالفتى محمود هادئ في حاله، عكس الأخير الذي برهن عن اختلاف غير الطيب المشاغب المثير للمشاكل، حين زعق في «محمود» قائلا: «قوم من هنا»، إلا أن الجالس رد عليه بأنه قد جاء قبل أن يأتي وأن هذا المكان ليس مخصصًا لأحد بعينه، واستنجد في سبيل ذلك بالأستاذ المشرف على الامتحان، الذي تدخل بصرامة وأمر «محمد» أن يبحث عن مقعد ومكان آخر في الفصل الفسيح، ليرضخ الأخير لكنه بيت نية غير سوية تجاه زميله.

مر وقت الامتحان سريعًا وجمع مشرف الامتحان أوراق الاختبار من الطلبة، لكن ما هي إلا دقائق، وبينما يهم الجميع بمغادرة الفصل المدرسي في طريقهم للمغادرة حتى صعد «محمد» فوق المقعد الذي يسبق الجالس عليه «محمود»، وبأقصى ما يملك من قوة وبطش رفع قدمه عاليًا ركل زميله في رقبته وهوَّ يوجه له عبارات تؤكد على أن ما يحدث عقابًا له على عدم تركه مقعده في البداية.

عائد من الموت

في لحظات اختلط الحابل بالنابل حين سقط «محمود» وارتطم وجهه في المقعد وسكنت حركته تمامًا كما لو كان في عِداد الأموات، وفي غضون سويعات كان في مستشفى ديرب نجم المركزي رفقة أسرته، الذين حضروا للاطمئنان عليه، لكن في المشفى تم تفسير حالة الطفل المصاب بطريقة لم تُرض أسرته؛ بحسب «علاء سلام» عم الطفل المصاب، الذي أكد لـ «أخبار الحوادث»؛ على أن نجل شقيقه كان أقرب للموت من الحياة، فما كان منهم إلا أن أخذوه إلى مستشفى التيسير في مركز ومدينة الزقازيق، وهناك جرى عمل إنعاش قلبي رئوي للفتى، قبل أن يتبين إصابته بنزيف داخلي في المخ استلزم تدخل جراحي لإزالة عظام من الجمجمة لتخفيف الضغط المُسبب للنزيف.
عم الطالب المجني عليه قال ايضا؛ بأن المتهم تعدى على نجل شقيقه وضربه بقدمه في رقبته ليدفع به صريعًا بين الحياة والموت، قبل أن يُضيف: «ابننا بين الحياة والموت وكل اللي عاوزينه حقه وإن الأمر ميتكررش في أي مكان أو مع أي طالب».

الأجهزة الأمنية في مركز شرطة ديرب نجم كانت قد تلقت إشارة من مستشفى التيسير في مركز ومدينة الزقازيق، تفيد بوصول المجني عليه الطالب «محمود عبدالرحمن محمد السيد»، 16 عامًا، مُقيم في قرية برمكيم التابعة لدائرة مركز شرطة ديرب نجم، طالب بالصف الأول الثانوي بمدرسة السادات الثانوية العسكرية خدمات، مصابًا بنزيف في المخ وتوقف عضلة القلب، فيما جرى عمل إنعاش قلبي رئوي للطالب المصاب، فضلًا عن إزالة بعض عظام الجمجمة لتخفيف الضغط الواقع والمُسبب لنزيف المخ، ونقل المصاب إلى وحدة العناية المركزة في المستشفى.

وبالفحص بالتحري تبين أن وراء ارتكاب الواقعة، زميل المجني عليه، ويُدعى «محمد س» 16 عامًا، وأن الطالب المتهم قد تعدى عليه بالضرب وتسبب في إصابته، فيما جرى ضبط الطالب المتهم وتحرر عن ذلك المحضر رقم 5442 جنح مركز شرطة ديرب نجم لسنة 2022.

بيان النائب العام

النيابة العامة كشفت نتيجة التحقيقات في الواقعة؛ إذ أفاد بيان رسمي صادر عن مكتب النائب العام بورود بلاغ بدخول المجني عليه الطالب المُقيد بالصف الأول الثانوي، في الخامسة عشر من عمره، إلى المستشفى يُعاني من نزيف بالمخ وتوقف بعضلة القلب إثرَ تعدي زميله عليه ضربًا بالمدرسة، فيما باشرت النيابة العامة التحقيقات وسألت ذوي المجني عليه ومدير مدرسته وبعض المعلمين بها وثلاثة طلاب من زملائه، وبالاستعلام عن حالة المجني عليه من المستشفى تبين أنه لا يمكن استجوابه.

التحقيقات توصلت من خلال حاصل أقوال الشهود إلى نشوب مشادّة بين المجني عليه وزميله المتهم، الذي جاوز عمره خمسة عشر عامًا، وأن الأخير قد بادر بركل المجني عليه فسقط على أثر ذلك ليرتطم بمنضدة ويفقد وعيه، فيما اتخذت النيابة العامة إجراءات إخطار خط نجدة الطفل بالواقعة، وكلفت رجال الشرطة في مركز شرطة ديرب نجم بالتحري عن الواقعة، وتوصلت التحريات إلى صحة الواقعة على نحو ما روَى شهودها، فيما استجوبت النيابة العامة كذلك الطفل المتهم فأنكر ما نُسب إليه من اتهام مدعيًا المزاح مع زميله المجني عليه، فأمرت بحبس الطالب المتهم لمدة أربعة أيام احتياطيًّا على ذمة التحقيقات، وقررت محكمة جُنح ديرب نجم مدَّ حبس المتهم خمسة عشر يومًا على ذمة التحقيقات.