< ولعلنا نفكر في الذين يعيشون في الصحراء أو بلا بيوت لها تهوية ويصومون ويفطرون إفطارا غاية في البساطة <رمضان كريم.. كريم فعلا ليس بالطعام والحلوي ولكن كريم كرم ديني لأن كثيراً من الناس لا يصلون إلا في رمضان اتباعا للمقولة أن الصيام لايرفع إلي السماء إلا بالصلاة ولم أجد سندا قويا للمقولة ولكنها تدخل العقل حيث الصائم والذي يؤدي فريضة تؤدي كل عام لا يمكن أن يترك فريضة تؤدي يوميا.
كنا ونحن صغارا وغير منتظمين في الصلاة.. كنا حينما يأتي رمضان ونحاول الصيام ونصوم يوما ويومين لا نصوم كنا لانترك فرضا في يوم الصيام حتي يرفع صيامنا إلي السماء وكانت جدتي تقول لنا إن الطريق إلي الجنة مفروش بالورود والتي هي أيام صيام رمضان وهذه الورود نأخذها معنا حيث بيوتنا في الجنة نفرشها بهذه الورود أما الذين لايصومون فإن مكان نومهم علي أسرة من الشوك عقابا لهم لعدم الصيام.
وكان الصيام في الصيف كما هو هذه الأيام من أصعب ما يمكن حيث العطش يكوي الحلوق ويزيد الشوق إلي الماء. وكان أبي رحمه الله يقول لنا ونحن في التاسعة أو الثامنة صوموا حتي أذان الظهر ثم افطروا وكنا كلما كبرنا سنة نصوم لفترة أطول حتي وصلنا إلي الحادية عشرة واصبح صياما كاملا.
وكنا أحيانا ونحن في العاشرة حينما يكوي العطش الحلوق نشرب في الخفاء وتقول جدتي.
- احنا مش مهم لكن ربنا شايفكوا وانتم بتشربوا.. أحسن لكم تفطروا علنا لأن الصيام لنا ولربنا فكيف نخفي عن الله الافطار انه يرانا في كل لحظة.
وكنا نعتمد علي مقولة عمتي حميدة رحمها الله رحمة واسعة فقد كانت تقول ربنا غفور رحيم يعني تفطروا أحسن ما دمتم لستم في سن الصيام.
وسن الصيام عند البنات في سن البلوغ أما الصبيان فعند المقدرة لأن الله لا يعذبنا بالقيام بفروضه لان كل ما فرضه الله علينا هو في استطاعة البشر وإلا لما فرضه سبحانه وتعالي ويقال إن المشقة في الصيام ليست في الجوع والعطش ولكن في تأدية العمل بمقدرة جيدة اثناء الصيام وبعض الناس يخطئون حينما يهملون في اعمالهم عند الصيام بحجة عدم المقدرة بسبب الصيام لان الصيام اختبار للبشر لكي يقوموا بكل واجباتهم كاملة اثناء الصيام.
ولعلنا نفكر في الذين يعيشون في الصحراء أو بلا بيوت لها تهوية ويصومون ويفطرون افطارا غاية في البساطة ويكون كوب الماء البارد نعمة وليس الشراب أو الخشاف وبمناسبة الخشاف هل اشترت كل بيوتنا أشياء رمضان لا اعتقد لان الغلاء جعل الناس تتنازل عن اشياء كثيرة واذكر منذ اعوام أنني عرضت علي سيدة كانت تساعد في البيت ان تأخذ لاولادها طعاما وكنافة وقطايف لانها لن يكون لديها وقت لتطبخ فقالت لي ببساطة:
- لا ياست.. العيال لو أكلوا من ده حيغضبوا علي حالنا وبكيت في هذا اليوم ورفضت الطعام كله عدا لقمة عيش وفول. أعان الله الناس علي الشهر الكريم وكل عام وانتم كرماء مثل هذا الشهر العظيم.