< لهذا نجد كل المشروعات الكبري في الدول، والرأسمالية منها بنوع خاص ليست مملوكة لأفراد، بل ملكيتها للجموع بأسهم وبورصة.. <



الخميس 6 اغسطس 2015 :
لو أن هذا المشروع العملاق جاء تمويله بالنحو المعهود، بغير تلك الاستثنائية التلقائية العبقرية في تمويل مشروع بالمليارات في اقل من اسبوع.. والله ما كانت مثل هذه الفرحة الغامرة بلغت حد الاكتساح بذلك النحو المشهود من كل الدنيا. مشهد افراح أهل مصر مذهل، مفحم، بلا حاجة لبيان، كما لو عملية تفجير لهموم مكنونة، ولطاقات مخزونة وانطلقت.. القيمة الحقيقية لهذا الانجاز ــ غير الثقة والارادة والمقدرة وأضف ما شئت.. انما تبقي القيمة التي اكتشفت ــ في رأيي المتواضع ــ تكمن في النهج الذي يطبق الآن في ادارة الأمة.. تلك المعايير الجديدة. الادارة الحديثة. الاستثمار الشعبي هذا الفكر الاقتصادي ــ الاجتماعي الجديد (علينا )..
طرح مشروع عملاق علي جموع الشعب ليساهم فيه كل حسب مقدرته فكرة وربي لعبقرية لمست ــ الوتر ــ هذا الوتر الذي ظل مغيبا طويلا وطويلا.. مشاركة الشعب في المشروعات الكبري لهذه الأمة، بدون مبالغات هي نقطة فارقة تجتازها مصر ــ المحروسة ــ ندرك قيمتها بوضوح لو حاولنا تأصيل الفرحة الغامرة للأمة.. نقطة التحول التي انطلقت منها كل تلك الأفراح عمت اهل مصر، مصدرها الأساسي تلك المشاركة الشعبية في التميل بدءا من بسطاء قبل القادرين، مفعولها عجيب...
لهذا نجد كل المشروعات الكبري في الدول، والرأسمالية منها بنوع خاص ليست مملوكة لأفراد بل ملكيتها للجموع بأسهم وبورصة.. حتي التي بدأت مشروعات لأسر تجدها مع الوقت لتتوسع ولشروط العصر والمنافسة، طرحت اسهمها في السوق.. ففي عصر قوامه المنافسة لابد من الإنفاق بوسع علي التطوير والابتكار.. ومن قبل هذا ادارة حديثة وتوسيع قاعدة الملكية.. فهذه ديموقراطية عملية لا زيف فيها..
مشاركة الشعب في ملكية مشروعاته الكبري هي من اهم عناصر كانت تفتقد في الفكر الاقتصادي للبلاد...
الإدارة الحديثة مفتاح التقدم
هذه اليوميات استغرقتها كاملة في صميم حوار مع شخصية ما عادت بحاجة لتقديم من فرط ما عرف عنه ونادي وطالب به وحاضر به وسجل وكتب من فكر التقدم العلمي الحديث.. منذ عاد في النصف الثاني من الثمانينيات تاركا وراءه وظيفة التدريس في جامعات كاليفورنيا وجاء علي أمل أن يساهم بعلمه في بلاده، ولكن ما يردده ويدعو له كأنما كان يسري عكس التيار السائد ويخرج عن الاطار الموضوع.. لهذا وباختصار تركوه ( يهاتي )...
إنه أ. د. صبري الشبراوي ولن ألحق به اللقب المعتاد : مفكر.. فهذا التعبير انتهك لفرط اسرافنا في اطلاقه، لهذا أكتفي بأن أبدا ببعض صياغاته التي صكها لمعان في جوهر علوم الادارة العلمية الحديثة وتنمية البشر.. اقوال تكاد تكون الماركة المسجلة باسمه ربما جاء أوانها ولو متأخرا.. منها مصر غير فقيرة بمواردها، انما الفقيرة هي اداراتها بفكرهم ــ المحلي ــ المحدود واحجامهم عن الاقدام علي اقتحام المشاكل... وفي قول آخر : ادارة لا تقوم علي المنافسة تظل ــ محلية ــ لا مكان لها في عصر الجلوبالية العولمية وقوامها المنافسة... ثم أخيرا وليس آخرا مقولته : الاحتكار يقتل الابتكار ويؤدي للانهيار...
الإدارة الحديثة : علم العلوم..!
نلغي هنا قلت وقال ونترك الحديث طبيعيا مع البلورة والاختزال بدون اخلال قدر الامكان... ابتداء وكمقدمة ولفرط أهمية هذا العلم الحديث : علم الادارة الذي يبدأ من ادارة دولة بمعني الحكومة إلي ادارة كل مؤسسة أو شركة من اي حجم.. كل ما يدار يتوقف نجاحه علي ادارته !
و عندما اجتمع مائتا عالم في مؤتمر منذ سنوات بلوس انجيليس ــ كاليفورنيا ليبحثوا أهم عناصر منظومة الحداثة تلك التي أدت إلي الطفرة المعاصرة في الحياة الانسانية، طرح المائتا عالم عناصر شتي.. الطيران، الطاقة النووية، الليزر، الانترنت، الاكتشافات الطبية، غيره وغيره وفي النهاية اتفقوا علي أنه ـــ علم الادارة الحديثة ــ هو القاسم المشترك الأعظم في منظومة علوم أدت إلي الطفرة... ولولا علم الادارة الحديثة ما تحقق لأي من العلوم الاخري أن تخدم كيف الحياة المعاصرة..
انها الادارة الحديثة بكل تفاصيلها العلمية : التمويل علم.. والتسويق علم.. والتنمية البشرية والتطوير واكتشاف القدرات البشرية من بين الجموع...
الادارة الحديثة في هذا العصر لابد وأن تكون ادارة علمية، بمعني اختيارها يكون صائبا ففي هذا مفتاح النجاح، لذا فالاختيار هو أخطر القرارات.. بمعني أوضح مهمة العثور علي المتميزين من فئة الندرة. لتولي الادارة وليس أي من نجد، لأن من مواصفات الادارة الحديثة ألا تحجم عن الاقتحام، سواء في تنفيذ المهام أو في حل المشاكل.. تأجيل المشاكل دون اقتحامها مصيبة لأنها تتفاقم وتتعقد.. الادارة التي تعرف وجهتها تمضي لتقتحم وتنفذ في أي معوقات تماما كما حدث مع مشروع القنال الجديدة.. بغير ذلك لا يتحقق تطور ولا تقدم ولا قدرة علي منافسة في نظام سوق عولمي قائم علي المنافسة.. من لا يتقدم ويجري ويسابق، فهو يتخلف...
ماذا يعني : توسيع الملكية ؟؟؟
لماذا نبقي دوما أسري الاستثمار الذي يأتي الينا من الخواجة، أو من شقيقنا الثري هذا، أو من قريبنا ذاك، نكاد نستجدي مجيء المستثمر ملوحين بمزيد الاستثناءات المعقولة وغير المعقولة... إلي متي نظل أسري الهاجس المؤرق : أن يأتي المستثمر أو لا يأتي ؟؟ بخاطره من لا يأتي فهو الخاسر، ومرحبا بمن يأتي ألف مرحب به.
من هنا يأتي التساؤل : لم لا تكون الاستثمارات المطلوبة معظمها ( منا فينا ) علي الأقل في المشروعات القومية الكبري يساهم فيها المواطنون العاديون وهم كثر ؟
الرئيس عبد الفتاح السيسي قال مصر تحتاج إلي 200 مليار جنيه استثمارات لتنهض... يا سيادة الرئيس : المصريون قادرون علي تمويل 400 مليار استثمارات وأكثر لتنهض مصر وتركض ايضا... في البنوك يرقد ما يتعدي التريليون جنيه وفوقها 200 مليار كمان. نعم... 1200 مليار جنيه ودائع في البنوك لو جنبنا منها الاحتياطي والتأمينات يتبقي مالا يقل عن 800 مليار نائمة... لم لا نوقظها بثقة تدفعنا أن نختار تحويلها إلي استثمارات ؟؟؟.. ولتدخل الحكومة شريكا وضامنا ولو جزئيا، وتطرح الباقي لأبناء عموم الشعب يحولون بعضا من مدخراتهم إلي اسثمارات، المشروعات الكبري يتملكونها بأسهم وسندات متداولة في البورصة، فتبقي الأرباح داخل البلاد وتورث ثروة للابناء والاحفاد لأبناء البلاد... امتحان تمويل قنال السويس الجديدة نجح فيها هذا الشعب بدرجة الامتياز، تماما كما كان استفتاء ساحقا ماحقا بتأكيد اختيار الشعب لهذا الرئيس القادم من المؤسسة العسكرية الوطنية له الفخر ولنا بهذا الانتماء.
توسيع الملكية بأسهم تطرح في البورصة تتيح لأكبر عدد من المساهمين أن يشاركوا في الملكية هذه هي الصيغة الضرورية المعمول بها في هذا العصر... كافة الشركات الكبري والمؤسسات مثل جنرال موتورز، فورد، آي بي ام، مرسيدس بنز، اذكر ما شئت من النوعية ــ الميجا ــ القديم منها والاحدث مثل مايكروسوفت، آبل، فيس بوك، جوجل، اذكر ما شئت تجدها رغم احتفاظ بعضها بأسماء أصحابها أو عائلات مؤسسيها، انما وسعوا ملكيتها بأسهم تطرح في البورصات... مليارديرات من أمثال بيل جيتس، مارك زاكربيرج وغيرهما وغيرهما، كل علاقتهم بشركاتهم هو ربح بنسبة لا تتعدي غالبا 2 % من أرباح شركاتهم، التي يملكها واقع الامر ربما مئات المساهمين.، فأما الادارة فلا هي لأصحابها الاصليين ولا لحملة الأسهم بل ادارة مهنية حديثة مسئولة أمام الجمعية العمومية التي هي من حملة الاسهم... اي ان واقع الامر المؤسسات الكبري والشركات الاكبر ملكياتها موسعة من جموع المواطنين... وهذا مالا يوصف بأقل من أنها لون من ديموقراطية عملية حقيقية...
ضرب الاحتكار في مقتل !
نمر بمرحلة تستدعي اعادة نظر في مفاهيم أساسية أخذنا بها طويلا.
الدول الرأسمالية، عتاة الرأسمالية من دول تجدها بالخصوص لا تسمح بتاتا بإيجاد احتكارات في السوق.. الاحتكارات لم تتمكن من الصمود والبقاء ولا حتي في عهد النظام نيو ــ ليبرالي المتوحش هذا.. الاحتكارات ممنوعة في الولايات المتحدة وبريطانيا بالقانون.. ممنوع أن يمتلك فرد أو عدة أفراد شركة أو نشاطا ما أكبر من الحد الأقصي المسموح به، فلا يتاح له ان يتحكم في أسواق المستهلكين !
هذا ما يعني ان الداء الذي يعرف بالاحتكار لا يعود إلي اقتصاد السوق في واقع الامر، بقدر ما يعود إلي النظام الاقتصادي لدينا ــ هنا ـــ والذي لم يأخذ الا بأسوأ ما في اقتصاد السوق.. ! لم يأخذ حتي بما تحاربه الولايات المتحدة ذاتها وبريطانيا بالقوانين ! كم منا هنا يعرف بقانون Anti Trust Law الذي يطبق بصرامة ــ وللحق كل قوانينهم تطبق بصرامة ــ لا تعرف كيف لم ننقل مثل هذا القانون بمثل ما نقلنا سائر المنظومة الجائرة ؟
لو اتخذنا من الخصخصة نموذجا لمفهومنا نجد انها انحصرت في بيع شركات القطاع العام إلي فرد أو أفراد ــ ولنضع جانبا مصيبة أسعار البيع المتدنية ــ ماذا كانت حصيلة الخصخصة ؟ تلك الشركات الكبري المباعة ما تحولت إلي قطاع خاص بل واقع الامر انتقلت إلي من يسمون بكل اللغات : محتكري أسواق.. لا المواطن استفاد في السابق عندما كانت تلك الشركات ملكية الدولة، ولا هو يستفيد في اللاحق عندما أصبح بهذه النوعية من المبيعات هو الواقع تحت رحمة هؤلاء المحتكرين الجدد...
نعم تحت رحمتهم بدءا من تحديد الاسعار، إلي مستوي الجودة عندما تفتقد المنافسة.. فالاحتكار يقضي علي المنافسة في الأسواق، وهذه المنافسة هي أم الابتكار والابداع وهما لب الحداثة والتقدم... خلاصة القول : الاقتصاد المصري تحول في النظام السابق لثورة يناير إلي احتكارأسواق للاسف.. وبالاحتكار لا يكون تنافس... هذه اهم أسباب الوكسة ! لهذا تحارب الدول المتقدمة الاحتكار وتجاهلنا نحن تشريع قوانين تمنع مثل هذا الاحتكار.
ولا ننسي أن بين معاول الهدم لهذا الاحتكار، أن نجد هوامش ربح رأس المال في مصر قد فاق اكثر هوامش الربح توحشا في أعتي الدول الرأسمالية ذاتها.. !
يكفي لو أننا وضعنا جانبا نظام الضرائب الجائر الذي يجعل أي مواطن امريكي او كندي يفغر فاه دهشة عندما يسمع بتلك الشريحة الموحدة للضرائب في مصر التي فرحنا عندما أضافت لحصيلة الضرائب ولم يقل انها استعادت بعض فارق المسروق من حق الدولة ( احنا ناس طيبين والله ) ! معني ذلك أن منظومة الربح لدينا لا تتسم بتوازن حتي بمعايير حرية السوق !! بصريح العبارة معايير ورثت وهي مفتقدة للعدالة الاجتماعية.. وبنحو وقح. وهنا بيت الداء ومربط الفرس ومصدر الخلل...
لذا وجب علينا أن نعيد النظر في كل مفاهيمنا القديمة بفكر متطور، بحيث نقبل ما هو مقبول ونرفض غير المقبول... من هنا ندرك أهمية توسيع ملكية المشروعات والشركات والمؤسسات.. فمن مساويء الاحتكاريات تكوينها ــ حفنة محدودة ــ تستطيع أن تضغط علي الحكومة وقت اللزوم، وتدفعها الي اجراء او تجعلها تتراجع عن قانون ــ كما حدث مؤخرا مع ضرائب البورصة المعمول به في كافة دول العالم وأعتاها رأسمالية.. توسيع الملكية مع قانون لمنع الاحتكار هو ما يحصن الادارة التي هي الحكومة من ضغوط تمارسها أي حفنة قليلة تريد املاء مصالحها علي حساب بقية شرائح الشعب...
في نهاية هذه السطور أسمح لنفسي اقتطاف عبارة من كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي :... انها الخطوة الاولي من ألف خطوة آتية.. بإذنه سبحانه ـ آتية ـ فما خاب من سعي، ولا من جد إلا ووجد.