جوائز ساويرس والنقد الغائب

يحيى وجدى
يحيى وجدى

ينتظر الوسط الثقافي ولا سيما المبدعين في حقول الكتابة الأدبية، الإعلان عن أسماء الفائزين بجوائز ساويرس في الأدب، المقرر له يوم السبت القادم 8 يناير، وقد أصبح الإعلان السنوي عن هذه الجائزة حدثا ثقافيا مهما فعلا، بعد سنوات غير قليلة من تدشين الجائزة عام 2005.
وهذه الدورة هي السابعة عشرة من عمر الجائزة الأدبية التي تعد أول جائزة أدبية مستقلة بعيدا عن جوائز المؤسسات الرسمية والحكومية، وقد كان لجائزة ساويرس السبق على جوائز أدبية أخرى شهيرة، مثل “البوكر” و”الشيخ زايد” و”كتارا”، رغم أن الجوائز العربية الأخيرة تفوق “ساويرس” في القيمة المالية، لكن الأولى بدون شك فتحت الباب ليكون الإبداع الأدبي وأصحابه مكرمون كنجوم للمجتمع، مثلهم مثل نجوم الغناء والتمثيل وغيرهم.
وفي ظني أن الجائزة، التي أطلقتها الأسرة الثرية المعروفة، بطلب من مثقفين وكتاب كبار مثل الدكتور محمد أبو الغار والراحل الكبير جابر عصفور، وألحقتها بمؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية، قد أدت على مدار ستة عشرة عاما مضت دورين هامين جدا، الأول هو منح المبدع جائزة مالية جيدة عن عمله الأدبي، خصوصا لشباب المبدعين، في وقت لا يحصل الكاتب على مقابل مادي عن إبداعه إلا إذا تحول عمله إلى منتج سينمائي أو تلفزيوني، وهذا لا يحدث بسهولة أو نادر الحدوث في الواقع، فالأدب لا يدر دخلا ولا نعرف أديبا يعيش من نتاج إبداعه، إلا بعد أن تجاوز الستين عاما على الأقل!
والدور الثاني الذي لعبته هذه الجائزة، وهو الأهم في تقديري، أنها تعمل من خلال لجان تحكيمها بمثابة مُرَشح نقدي للأعمال الأدبية المقدمة لها، في ظل نشاط واسع وربما لم تشهده مصر من قبل  في مجال النشر الأدبي، وإصدار مئات الأعمال، بل ولن أكون مبالغا لو قلت الآلاف، على نفقة أصحابها، وبالتوازي معها حركة دعاية كبيرة مدفوعة وفرتها السوشيال ميديا والمتخصصين في ذلك لهذه الأعمال المنشورة، مع أن أغلبها لا يرقى لأي معايير فنية، ولا يساوي الحبر الذي كتبت به كما يقولون، حتى أصبح وكأنه لدينا أكثر من وسط أدبي وإبداعي!
 أقول إن لجان تحكيم الجائزة (وهي جيدة وجديرة في أغلب الدورات إلا قليلا) تلقي الضوء من خلال اختياراتها للقوائم الطويلة والقصيرة على الأعمال التي تستحق الدعم والتشجيع ومن ثم القراءة والاقتناء، في ظل غياب حركة نقدية حقيقية، وتلك إشكالية كبرى، تستحق كلاما كثيرا، أتمنى أن يأتي وقته قريبا.