ومن المؤكد أن هناك نظريات علمية كثيرة في مسيرة الانسان علي الارض أفادت في هذا الشأن لكن بمرور الزمن ثبت خطأ بعضها بدأت ظاهرة الإلحاد تتفشي في المجتمع المصري وبخاصة عن طريقة شبكة التواصل الاجتماعي، وهذا ما دعا علماء كثيرين مشهودا لهم بالاعتدال وقوة الحجة للتصدي للأفكار التي يروجها الملحدون، وعندما بدأ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر في تناول هذه القضية في برنامجه بالتليفزيون المصري رأيت أن المساحة المخصصة للبرنامج لا تكفي بأي حال لتفنيد وتعرية تعلات وحجج الملحدين فجاءت علي حلقات متقطعة أثرت سلبا علي بعض الذين لم ينصتوا ويركزوا مع الشيخ في حديثه، ولذا طلبت إلي أحد المسئولين في التليفزيون أن يراجع فضيلة الامام لافساح مجال أكبر حتي يتاح للمشاهد أن يستكمل ويستوعب الفكرة التي تطرح في البرنامج في حلقة كاملة، وقد حدث أن الصيادين في الماءالعكر قد نفذوا إلي مآربهم للتشكيك في قضية خلق الانسان عندما عرض الامام بكل حيادية خطأ نظرية »دارون»‬ التي يركبها المروجون للالحاد منذ زمن لمصلحة أفكارهم.. وأنا أعرف أن الامام الاكبر من المطلعين بعمق علي كل ما يتذرع به الملاحدة، وهو أستاذ العقيدة والفلسفة ومن الدارسين في السوربون، وقد رأس عشرات المؤتمرات العالمية التي حضرها أساتذة وعلماء الغرب والشرق، وفي صلب محاورها هذا القضايا العلمية المترامية والمعقدة، ولم تؤخذ من القشور كما يأخذها البعض علي صفحات الجرائد، إنما كان هناك حوار ممتد ومتصل يضع المسلمين جميعا أمام مسئولياتهم، بدلا من اللغو والصدام والاستهزاء بما جاء به الانبياء والرسل، ومع استفحال موجات الالحاد باسم العلم، كان من الضروري ان نقف وقفة هنا لنفصل بين حض الاسلام لاتباعه علي العلم والمداومة علي التدبر والتفكر في خلق السماوات والارض وخلق انفسهم وبين إنكار وجود الخالق باسم العلم والطبيعة. ومن المؤكد أن هناك نظريات علمية كثيرة في مسيرة الانسان علي الارض أفادت في هذا الشأن لكن بمرور الزمن ثبت خطأ بعضها، وجاء ما نقدها وصحح منها، ونظرية »‬دارون» في النشوء والتطور مثال صارخ، أراد لها من في قلوبهم مرض أن يجعلوها حجة علي الله، فجاء علماء غربيون من جلدة »‬دارون» نفسه ودحضوها حتي وصلنا اليوم إلي أدق التفاصيل علي مستوي الخلية البشرية ومكوناتها والجينات المورثة للصفات والشفرة الوراثية وما تحويه من خصوصية السلالة البشرية ودليلها القاطع علي ان الانسان ليس متطورا من مخلوقات اخري، وما هو أشد وضوحا هذه التفاصيل المذهلة لما يكتشف يوما بعد يوم في العقل البشري وقدراته المتناهية والتي هي في الشبكات العصبية داخل المخ وافرازاته، لقد تجاوز العلم نظرية دارون فصارت تاريخا وحسب. ولعلي أعود إلي لب القضية التي تنضم إلي سلسلة طويلة من الحروب المعلنة بشراسة علي الدين وذلك بسبب الاختراق الحادث لكل أدوات الثقافة والاعلام في مصر، وتسلل مثل هذه العناصر إلي الازهر الشريف نفسه ، وقد ساعد علي ذلك تلك الفوضي التي ضربت البلاد مؤخرا باسم الثورة، وغياب الدولة التي تتخذ في دستورها من الاسلام وشريعته مصدرا رئيسيا للتشريع، وأظن أن الذي حافظ علي أعراف وقيم وروح الشريعة هو ذلك الانسان البسيط في قاع ريف مصر بما اكتسب من ايمان حقيقي وصدق وتجرد، فأبقي بفطرته علي هذا الدين في أجل معانيه من سماحة وتضحية، أما المتاجرون بالدين فكانوا سببا مباشرا في إفساد حياة هذا الانسان البسيط وحاولوا توظيف هذه العقيدة النقية في داخله لمصالحهم الدنيوية الهابطة كما يحاول أن يفعل الملحدون الآن، حيث في الحالتين يتعرض الدين الصحيح إلي موجات عنيفة من الحروب المدروسة، كلما يخبوا أوارها يأتينا من هؤلاء من يزيدها اشتعالا، ولن أقول ما يقال ويكرر من أن الازهر مسئول والدولة مسئولة، وكل راع في رعيته مسئول فنحن نحتاج إلي الاعتراف بالتقصير واستعادة قيمنا الضائعة لتربية أجيال لها من المناعة ما يحصنها ضد التطرف والالحاد، وهل هذا شيء يسير، إنه التحدي الذي ينتظرنا علي أول الطريق الوعر.