الصحة تطارد المراكز الطبية الوهمية

المراكز الطبية الوهمية
المراكز الطبية الوهمية

تلميذة الثانوي تُدير مركزًا للتخسيس والنحافة بالشرقية

إسلام عبدالخالق

  تعودنا في عالم الجريمة بكل متناقضاته؛ أن جرائم انتحال الصفة عامة، وانتحال صفة طبيب على وجه الخصوص هي من نصيب الرجال وحدهم؛ ربما لجرأة وقدرة الرجل أكثر ومن خلال مظهره الأنيق على أن يبدو في نظر المجني عليهم، بحيث الناظر إليه والمتعامل معه يعتقد دون شك أنه يتعامل مع طبيب، لاسيما إذا كان يومًا طالبًا بكلية الطب ولم يكمل دراسته إما لفشله بتكرار رسوبه أو يكون متطلعًا لامتهان هذه المهنة الحساسة وحفظه لبعض مصطلحاتها من خلال معرفته ببعض الأطباء؛ ولكن أن نرى بنات ينتحلن هذه الصفة فربما كان هذا بمثابة مفاجأة غير متوقعة، والأكثر غرابة أن يكن صغيرات السن؛ تلميذات بالمرحلة الثانوية؛ هذا ما حدث في محافظتي الشرقية والمنوفية؛ واحدة زورت شهادة وافتتحت مركزًا للعلاج الطبيعي والتغذية العلاجية، والأخرى افتتحت عيادة طبية.

  فتاة بالكاد أتمت أيامها الأولى في ربيعها الثامن عشر، لكنها بين عشية وضحاها أصبحت حديث القاصي والداني؛ بعدما ذهبت بفعلها إلى ما يتخطى سنوات عمرها بمراحل، إذ أدارت مركزًا مشبوهًا للتخسيس والنحافة وسط مدينة الزقازيق عاصمة محافظة الشرقية، لكن ما سبق القبض عليها كانت تفاصيله دسمة بالاحتيال على القانون والضرب بكُل سُبله عرض الحائط.

قبل نحو أربع سنوات، ومع الشهور الأولى من عام 2018، أقدمت الطفلة التي كانت بعمر الرابعة عشر وبضعة أشهر آنذاك على تزوير رخصة طبية كانت قد أُلغيت وقتذاك، فيما أحاط بالأمر ما يسمح للتزوير والتحايل والتزييف أن يمر مرور الكرام دون أية مؤشرات لشيءٍ ما.

تخطت الطفلة مرحلة البدايات لتصل بطموحها الزائف وغير المشروع إلى تدشين وافتتاح واحد من المراكز الطبية في نطاق قسم شرطة ثانٍ الزقازيق، واتخذت له مقرًا في واحدة من الوحدات السكنية الموجودة بالمنطقة، وعلى مدار أسابيع وشهور بدأ المركز في أخذ مساره التصاعدي ليُصبح حديث العامة عن فتاة يافعة صغيرة السن لديه مركز ذائع الصيت للتخسيس والعلاج السمنة والنحافة، وبين كل ما سبق لم يُعر أحدهم بالًا لحداثة سن الفتاة وكيفية إدارتها لمكانٍ كهذا دون حتى أن تبلغ السن القانوني لأي شيءٍ سواء دراسة أو حتى ما يسمح لها بسلوك مسالك القانون.

مرت الأيام سريعة وتخطت سنوات وعمر المركز ثلاثة أعوامٍ وأكثر قبل أن يُبلغ أحدهم بمعلومات لرجال مديرية الشؤون الصحية بمحافظة الشرقية مفادها وجود فتاة بعمر الأطفال تُدير مركز يشتبه صاحب المعلومات في مدى قانونية تدشينه وما إذا كان هناك تراخيص من الجهات المختصة بشأنه أم لا؟!

تزوير

وصلت المعلومات والشكاوى إلى الدكتور هشام شوقي مسعود، وكيل وزارة الصحة بمحافظة الشرقية، ليوجه على الفور بتحري تلك المعلومات من جانب إدارة العلاج الحر وما إذا كان هناك مركزًا طبيًا خاص في ذاك المكان لديه تصريح أم لا، ليتبين أن آخر المراكز الطبية كانت قد ألغيت له الرخصة قبل نحو أربع سنوات.

وعلى الفور، شنت إدارة العلاج الحر بمديرية الشؤون الصحية بمحافظة الشرقية، بالتنسيق مع مباحث التموين بمديرية أمن الشرقية، برئاسة العميد محسن القلش، رئيس مباحث التموين بمديرية أمن الشرقية، بمشاركة مفتشي الإدارة الصحية بمركز ومدينة الزقازيق، حملة في ظاهرها التفتيش على المنشآت الطبية الخاصة بمركز ومدينة الزقازيق بوجهٍ عام، لكن كان الهدف الرئيسي مداهمة ذاك المركز المخالف الذي تُديره طالبة لا تزل في المرحلة الثانوية من مراحل التعليم وبالكاد أتمت ربيعها الثامن عشر.

داهمت الحملة المركز المخالف، إذ تبين إدارته بزعم التخسيس والعلاج الطبيعي وتنسيق القوام، وذلك بواسطة طالبة بالمرحلة الثانوية العامة تديره طالبة بالمخالفة لقانون مزاولة المهنة، قبل أن يتبين أن المركز المخالف يُقدم خدمات علاج السمنة والنحافة والتغذية العلاجية والعلاج الطبيعي، وأن الطالبة كانت قد أقدمت على تزوير رخصة منشأة طبية تم إلغاؤها منذ عام 2018.

في غضون سويعات قليلة ألقت الأجهزة الأمنية القبض على الطالبة المتهمة، وتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية وتحرير المحضر اللازم بقسم ثانٍ شرطة الزقازيق، وغلق وتشميع المركز المخالف، وبالعرض على نيابة قسم ثانٍ شرطة الزقازيق العامة، برئاسة أحمد البدري، مدير نيابة ثانٍ الزقازيق العامة، وإشراف المستشار محمد الجمل، المحامي العام الأول لنيابات جنوب محافظة الشرقية، أمرت بحبس طالبة الثانوية العامة المتهمة لمدة أربعة أيام على ذمة التحقيقات؛ ووجهت إليها تهمة الاحتيال على القانون وتزوير رخصة طبية بالاستعانة برخصة سبق إلغاؤها بصورة رسمية قبل سنوات.

وفي المنوفية.. غلق منشأة طبية تديرها خريجة اقتصاد منزلي

  إيمان البلطي 

  ترفض وزارة الصحة منح خريجي كلية الاقتصاد المنزلي شعبة التغذية وعلوم الأطعمة رخصة فتح مراكز للتغذية والسمنة والنحافة وهي صاحبة القرار الأول والأخير في هذا الشأن، وهو الأمر الذي لم يعجب واحدة من هؤلاء فقررت مخالفته والخروج عن القانون؛ وكانت النهاية فى قبضة الأمن؛ هذا ما حدث فى مركز اشمون بمحافظة المنوفية، عندما داهمت لجنة مكونة من فريق العلاج الحر والتفتيش الصيدلى مركز االإخلاصب، وأغلقته بسبب أنه غير مرخص من وزارة الصحة. تفاصيل تلك الواقعة ترويها السطور التالية.

تخرجت اأ.فب في كلية الاقتصاد المنزلى شعبة التغذية وعلوم الأطعمة قبل عامين، ولأنها كانت طالبة نشيطة ومجتهدة أثناء دراستها ويتنبأ لها الكثير بمستقبل باهر، فكرت تفتح مركزا للتغذية والسمنة والنحافة  حيث تعيش، فى مركز أشمون بمحافظة المنوفية.

كان هذا حلمها منذ التخرج، وبدأت فى تحقيقه خطوة بخطوة، وبالفعل فى شهور قليلة استطاعت تجهيز مركزها، واطلقت عليه مركز االإخلاصب، ومن هنا بدأت حياتها العملية.

كانت الإجراءات التى عليها أن تنهيها قبل أن تفتح مركزها هي استخراج تصريح من وزارة الصحة، ولكن لأنها تعلم أن من شروط استخراج هذا الترخيص هو أن يكون مراكز التغذية بها طبيب متخصص، لأن وزارة الصحة ترفض صلاحية خريج التغذية بفتح مركز تغذية لأنه ليس لديه الخبرة الكافية بدراسة مضاعفات أي علاج غذائي مثل الطبيب، رأت أنها ليست فى حاجة إلى أن يشاركها أحد فى مشروعها - وهنا مكمن خطئها -  وفتحت المركز دون أن تسعى فى إجراءات الترخيص.

كانت تعمل يوميًا فى المركز دون انقطاع، ولم تنتبه لتلك العقبات فى سلم نجاحها، زاولت نشاط التخسيس والتغذية وجلبت عددا من الأعشاب الطبيعية داخل مركزها، وكانت توصفها للمترددين على المركز، وبالفعل - كما قال أحد المتابعين عن مركزها -  كانت تأتي بنتيجة إيجابية لحسن حظها!، وذاع صيت اأسماءب بمركز أشمون، كانت ثمة أخطاء فى طبيعة عمل المركز، وطبيعة القائمة عليه، ودخولها فى أمور طبية رأى البعض أنه ليس لها علاقة بها، بناءً على مجال دراستها الجامعية، وعليه ابلغوا الصحة بالمنوفية بمكان مركز االإخلاصب.

على الفور تم ترقب المكان لفترة، وكلف د. فيصل جودة وكيل وزارة الصحة بالمنوفية لجنة أشمون والمكونة من فريق العلاج الحر والتفتيش الصيدلي والتموين، وهم د. ايمان رمضان، ود. احمد عاطف،  بالتنسيق مع التفتيش الصيدلي د. محمد النحاس،  والتموين، تم مداهمة المركز، وبالاستعلام عن دراستها الجامعية تبين لهم أنها حاصة على بكالوريوس اقتصاد منزلي، ولذلك تم تحرير محضر يحمل رقم    ٣١١٧٣ جنح اشمون بالواقعة، متهمة بممارسة نشاط طبي داخل مركز غير مرخص للتغذية والسمنة والنحافة، مقابل مبالغ مالية،وتم ضبط تلك المبالغ بالإضافة إلى وجود كميات كبيرة من الاعشاب والتركيبات الدوائية مجهولة المصدر، وغير مسجلة بوزارة الصحة، تم تحريزها بمعرفة التفتيش الصيدلي.

هذا الأمر كان محور جدل كبير بين كلية الاقتصاد المنزلي ووزارة الصحة، لذلك تواصلت اأخبار الحوادثب مع د. أشرف عبدالعزيز، العميد السابق لكلية الاقتصاد المنزلى جامعة حلوان، والذي قال: اطالبت وزير التعليم العالي بعد تكليفه بأعمال وزارة الصحة منذ فترة، أثناء تواجده بأحد المؤتمرات، بالاعتراف بخريجي التغذية بمزاولة نشاط التغذية، لكنه لم يتم البت فى الأمر بعد، ولا يستجد فيه جديد، والتصريح مازال إلى الآن فى يد وزارة الصحةب.

واختتم قائلًا: اهذه المشكلة نعاني منها نحن خريجو كلية الاقتصاد المنزلي، والمشكلة ليست فقط فى الخريجين، بل أنه حتى عضو هيئة التدريس بكلية الاقتصاد المنزلى غير مصرح له أيضا بإنشاء مركز للتغذية، كل هذا لأن الصحة ترفض الاعتراف بمزاولة خريجي اقتصاد منزلى لفتح مركز بدون وجود طبيب معها، متعللين بذلك لعدم دراستهم الكافية للأعراض الجانبية لأي علاج أو أعشاب، ولكن خريج شعبة التغذية على عكس ما تقول وزارة الصحة، يكون ملمَاومدركًا لطبيعة عمله ومدى تأثير الأطعمة وأنواعها وتأثير الأعشاب وأنواعهاب.