لقد سبق أن كتبت في فبراير الماضي عن ضرورة الحزم والعزم والضرب بيد من حديد علي الإرهاب المتدثر برداء الإسلام، والذي ابتلينا به، وأصبح يعيث في بلادنا فساداً، وذلك عندما ضرب الإرهاب البغيض «شلت يمينه» في ليبيا، وقد اعتدت فئة ضالة مضلة علي أبناء الشعب المصري الأبي، فأراقت دماءً بريئة دون ذنب جنته .. ولا إثمٍ اقترفته .
مثل هذا الحزم والعزم الذي ناديت به، نحن أكثر ما نكون حاجة إليه اليوم، وبشدة لقطع هذه اليد الآثمة عندما تعتدي علي المواطنين الآمنين في هذه البلاد الكريمة، والتي قرن الله اسمها بالأمن في كتابه العزيز ... «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين».. وعندما يكون هذا الاعتداء الآثم، علي النائب العام، ممثل القانون، وحاميه، رمز الحق والأمن .
صحيح أن الاعتداء علي أي فرد من أفراد الشعب، يقتضي التعامل معه بنفس الحزم، ويستدعي ضربه بذات العزم، فالمواطنون تتكافأ دماؤهم، إلا أن للدولة هيبتها، ولرموزها وممثليها أهميتهم لما يقومون به من دور في تطبيق القانون وحماية أفراد الشعب، عندما يتم الاعتداء علي رموز الدولة ومحاولة ضرب هيبتها، عندها فالأمر يحتاج أن نقول للقتلة والمجرمين، أن هناك دولة ذات سيادة، وأن هناك عدالة ناجزة لا ترتعش لها يد، ولا تلين لها قناة، ولا يخور لها عزم .
قلت في مقال فبراير سالف الذكر، أن لا فائدة من قطع الأذناب، إذا كان رأس الحية حياً، فالحية ينبت لها ألف ذيل إن سلم رأسها، يقولون فلان رأس الفتنة، يدبر ويخطط ويدير .. يرسل الأذناب هنا وهناك ... يُقضي علي ذيل فينبت آخر ... فإن ظللنا نقطع الذيول، وسلم الرأس .... نبتت أذيال وأذيال، وما سلمنا ولا سلمت بلادنا، فلا مندوحة إذن من قطع رأس الحية ليسلم الجميع .
للدولة حساباتها، فلسنا ندعي معرفة ما يدور في أذهان القادة، ولا ما يدور في كواليس إدارة الدولة، لكننا نتساءل، ويتساءل معنا المواطن الذي يري دماء أبنائه تراق، وأمنه يختطف منه : لماذا هذا التباطؤ في تنفيذ أحكام القضاء، وقد قال القضاء المصري النزيه كلمته، وأصدر حكمه ... لماذا يري الضحية المجرم الذي قتل أبناءه، وسرق راحته وهدوء باله، واختطف أمنه وسلامته، ينعم بالحياة؟؟
لماذا نسكت وقد أشارت كل المؤشرات والقرائن والأدلة، وقال الإعلام والأقلام كلمتهم، بل وحتي المواطن البسيط،كلهم يعرف من وراء هذه الإعمال الإرهابية البغيضة ... لماذا هذا السكوت المريب؟؟؟
وقد أعجبني أيما إعجاب الأخ المخرج محمد فاضل في حديثه لإحدي القنوات الفضائية، وهو يسمي الأشياء بمسمياتها، حين أشار تصريحاً لا تلميحاً إلي الجهة التي تقف خلف الإرهاب في الدول الإسلامية، ومن أين خرجت داعش والقاعدة وغيرها من الجماعات الإرهابية ... ألم تخرج من عباءة معروفة لدينا ... ولا أود ذكر اسمها ... ليس خشية من أحد ... لكن لأنهم استخدموا اسماً لا يتلاءم مع فكرهم البغيض وارتدوا مظهراً لا يشبه مخبرهم الفاسد، فهم ليسوا بإخوان، وليسوا بمسلمين، وهذا ما قاله مؤسس الحركة من قبل .. فهل سميت ... اللهم فاشهد ...
أرجو صادقاً ألا تمر هذه الحادثة المشئومة مرور الكرام كغيرها ... وألا نكتفي بالشجب والإدانة والتهديد والوعيد بضرب الإرهاب بيد من حديد ... آمل صادقاً أن نقلل من الكلام ... وقد أكثرنا منه ... ونكثر من العمل ... وقد قللنا منه .... فقد بلغ السيل الزبي ... وطفح الكيل ... وأقولها ثانية وثالثة ... إن لحق بمصر ضرر ... وقد حدث .... فهو لابد لاحق بكل الأمة من أقصاها إلي أقصاها ... فمصر هي قلب الأمة النابض، ومصدر إشعاعها .... وحسناً فعلت الهيئة العامة للاستعلامات التابعة لرئاسة الجمهورية والتي أشارت في أول رد فعل لها إلي أن الحادث يعبر عن نهج جماعة الإخوان المسلمين في استهداف الأبرياء وترويع الآمنين... أرجو أن يُتبع ذلك بفعل يناسب القول، وإجراءٍ يريح القلوب والعقول .
كنت قد أعددت مقالتي عن الفتاوي التي تلقي علي الهواء ... لكنني عدلت عن نشرها والحال كما نري ... إرهاب ضرب العالم في قاراته القديمة الثلاث ... في الكويت بتفجير بيت من بيوت الله ... يفترض الداخل إليه أنه في غاية أمنه وأمانه وهو يناجي ربه ... وفي تونس الخضراء ... علي منتجعات سياحية ... جاء مرتادوها - وهم ذوو ذمة وعهد - لينعموا بأمن الترويح عن النفس ... فقٌتلوا بدم بارد ... فضُربت تونس في مقتل ... السياحة وتشغيل العمالة .... فدمروا الصناعة الأهم في تونس .. وشردوا الكثير من الأيدي العاملة .. وقد كانت البطالة شرارة الثورة الأخيرة في البلاد ... وفي فرنسا ... والتي تعتبر وغيرها من بلاد الغرب ملاذاً آمناً للكثير من المسلمين الذين لفظتهم بلادهم وأنظمتهم الإسلامية .. فوجدوا في الغرب «الكافر» ملجأً وملاذاً ... فضربوا هذا الملجأ والملاذ الآمن ... وساهموا في تغذية اليمين الغربي المحتقن أصلاً ضد الإسلام والمسلمين...
فمتي يكف من يسمون أنفسهم زوراً وبهتاناً بالمسلمين ومن تزيوا بزي الإسلام وهو منهم براء ... متي يكفون عن نفث سمومهم فينا ... وقتل النفس البريئة التي حرم الله ... متي يكفون وكيف ... إن لم نضربهم بيد من حديد وبحزم وعزم لا يلينا .. ونقتص منهم في الحياة الدنيا «ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب»... ونقف معهم يوم الحساب أمام رب الحساب والذي «لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض»... فيقتص لنا منهم بما روعوا الأنام ... واستحلوا الدماء البريئة في شهر الصيام والقيام ..
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل