في هذه الحلقة من سلسلة المقالات حول تاريخ ومستقبل دول حوض النيل نتناول اليوم تاريخ العلاقات بين مصر وكينيا وهي احدي اهم دول الحوض وايضاً احدي دول منطقة البحيرات العظمي، حيث تساهم بـ 8.9 مليار متر مكعب من مياه الهضبة الاستوائية ( 3.30 مليار متر مكعب عند اسوان ) كما تمثل اكبر وأهم دول شرق افريقيا بالنسبة إلي مصر.
الاهتمام المصري بكينيا يرجع إلي موقعها الاستراتيجي بين دول حوض النيل، حيث تشترك في الحدود مع كل من اوغندا واثيوبيا وجنوب السودان، وتشكل مع اوغندا واريتريا ورواندا وبوروندي اقليماً طبيعياً تتوسطه بحيرة فيكتوريا، بالإضافة إلي وضعها الإقليمي المتميز في وسط القارة الافريقية، فضلاً عن انها بوابة الدخول إلي معظم دول حوض النيل الحبيسة حيث تمثل كينيا المنفذ البحري لهم، ثم امتد هذا الدعم بعد الاستقلال، وترسخت العلاقات بين البلدين.
قامت مصر بلعب دور هام في مجالات التنمية والتبادل التجاري والاقتصادي، وايضاً المشروعات الخدمية التي قدمتها مصر، ولا تزال تقدمها، إلي شقيقتها، كينيا، فضلاً عن المساعدات التي تقدمها مصر خلال فترات الازمات وفي مواجهة الكوارث الطبيعية التي تجتاج كينيا مثل موجات الجفاف والفيضانات، الامر الذي كان له تأثيرايجابي في دعم العلاقات المصرية الكينية خلال الفترة الاخيرة علي جميع الاصعدة، مما يستلزم معه العمل علي تحقيق تطور ملموس بين البلدين في كافة مجالات التعاون.
وبالإضافة إلي العلاقات التجارية والاقتصادية بين مصر وكينيا، هناك دور مهم قامت به مصر تجاه كينيا تمثل في المساعدات المختلفة التي قدمتها مصر إلي كينيا في مجال الصحة، كان آخرها تسلم كينيا لأربع وحدات غسيل كلوي ووحدة مناظير كبد في يناير الماضي علاوة علي تدريب مستشفي سرطان الاطفال لـ 50 من المتخصصين الكينيين وعلاج 10 اطفال كينيين بمصر.
كما تقوم مصر بدور هام في مجال بناء القدرات والتنمية البشرية في كافة التخصصات عبر عقد الدورات التدريبية في مختلف المجالات.وقد قامت وزارة الموارد المائية والري ممثلة في قطاعاتها المختلفة بتنظيم مايزيد علي 8 دورات تدريبية لأكثر من 63 متدربا في العديد من المجالات مثل ادارة الري علي المستوي الحقلي ونظم المعلومات الجغرافية والاقمار الصناعية والادارة المتكاملة للموراد المائية، بالإضافة إلي المشاركة في دبلومتي هيدروليكا أحواض الانهار وهيدرولوجيا البيئة للمناطق الجافة وشبه الجافة والتي تعقد سنوياً بمعهد بحوث الهيدروليكا.
اما في مجال الموارد المائية، فقد قامت وزارة الموارد المائية والري خلال الفترة من 1993 وحتي 2009بحفر 180 بئراً جوفياً بالمناطق القاحلة في 17 مقاطعه بمنحة بلغت 6.16 مليون دولار تم تنفيذها علي أربع مراحل، حيث تم في المرحلة الاولي حفر 100 بئر جوفي بتكلفة 3.78 مليون دولار والمرحلة الثانية بحفر 30 بئرا جوفيا بتكلفة 228 الف دولار والمرحلة الثالثة بحفر 20 بئرا جوفيا بتكلفة 771 الف دولار والمرحلة الرابعة والاخيرة بحفر 30 بئرا جوفيا بتكلفة 1.382 مليون دولار. وتخدم هذه الابار القري والمقاطعات المحرومة من مياه الشرب النظيفة والبعيدة عن مصدر للمياه.
وتعزيزاً للتعاون بين مصر وكينيا في مجال الموارد المائية يجري حالياً الاتفاق علي موعد للتوقيع علي مذكرة تفاهم بنحو 5.5 مليون دولار حيث سبق أن تم خلال اجتماعات اللجنة العليا المصرية الكينية المشتركة والتي عقدت في يناير الماضي الاتفاق علي الصيغة النهائية لمذكرة التفاهم الجاري توقيعها بين البلدين، حيث سيتم حفر 20 بئرا جوفيا لتوفير مياه الشرب النقية للمناطق والقري المحرومة من مصدر نظيف للمياه، وانشاء سدود حصاد مياه الامطار للاستفادة من مياه الامطار وتخزينها لاستخدامها في الشرب والاستخدامات المنزلية، وانشاء مزرعة نموذجية علي مساحة 100 فدان مجهزة بنظم الري الحديثة، فضلاً عن التدريب وبناء القدرات للكوادر الفنية في كينيا ومصر.
وعلي المستوي الاقليمي فقد اسعدني المشاركة في المؤتمر العالمي للتغيرات المناخية والذي عقد في العاصمة الكينية نيروبي والذي ناقش تأثير التغيرات المناخية علي الدول الافريقية.
لقد كانت مصر داعماً لكينيا خلال فترة نضالها ضد الاستعمار الإنجليزي حتي نالت استقلالها، وداعمة لها في ازماتها وكوارثها، كما تعمل مصر علي التوسع والانتشار في السوق الكينية الذي يحتوي علي 40 مليون نسمة، اضافة إلي القوة الشرائية للدول الحبيسة المجاورة لكينيا.
حفظ الله مصر وشعبها ونيلها من كل سوء