في هذه الحلقة من سلسلة المقالات حول تاريخ ومستقبل دول حوض النيل نتناول اليوم تاريخ العلاقات بين مصر ورواند وهي احدي دول الحوض الذي تهتم مصر بتنمية العلاقات معها جميعا بغض النظر عن حجم وثقل كل منها علي المستوي الاقليمي والدولي، وكلمة رواندا تعني أرض الألف تل وهي دولة تقع في شرق أفريقيا بمنطقة البحيرات العظمي، وتعد رواندا إحدي دول منابع نهر النيل(مثل بوروندي وأوغندا). وعادة ما يثار بين الحين والآخر منافسات بين الدول الثلاث حول ايها تضم ابعد منبع لنهر النيل.
وقد كان لي شرف لقاء الرئيس الرواندي علي هامش اجتماعات القمة الافريقية التي استضافتها اثيوبيا في يناير الماضي، ولمست مدي حرصه علي مد جسور الثقة والتعاون مع مصر رئيسا وشعبا. كما حملت كلماته تقديرا كبيرا لدور مصر علي المستوي الافريقي. وقدمت خلال اللقاء دعوة رسمية له لحضور حفل افتتاح قناة السويس الجديدة الشهر القادم.
يمكنني ان اصف العلاقات المصرية الرواندية بأنها علاقات متميزة تقوم علي التعاون بين الدولتين، في ظل رغبة كل منهما في العمل معا من أجل تسخير وتطوير وإدارة موارد المياه لصالح مواطني الدولتين علي حد سواء، فقد أعطت وزارة الموارد المائية والري في مصر ووزارة الموارد الطبيعية في رواندا أولوية للتعاون الفني في مجال الموارد المائية. وجار حاليا وضع اللمسات النهائية علي بروتوكول للتعاون الفني والتنموي في مجال الموارد المائية ليتم توقيعه في وقت قريب لدعم وتوثيق العلاقات بين البلدين.
ويرتكز البروتوكول المقترح للتعاون بين البلدين علي بناء القدرات وإيفاد الطلبة والدارسين إلي دبلوم الموارد المائية المشتركة بكلية الهندسة - جامعة القاهرة. كما يضم مشروعات مائية وتنموية للتعاون الثنائي بين البلدين بمنحة قدرها 3 ملايين دولار تشمل التدريب، إيفاد خبراء فنيين، وإنشاء مركز بحثي لبحوث المياه والأراضي.
وقد تأكدت العلاقات الممتازة بين البلدين من خلال العمل في مجالات مثل التدريب وبناء القدرات الذي يعد من الأولويات التي تحتاجها رواندا في مجالات متعددة مثل إدارة الموارد المائية، والذي يمكن الاستفادة فيه من الكفاءات والخبرات المصرية، فضلا عن وجود العديد من معاهد البحوث ومراكز وزارة الموارد المائية والري ذات الصلة بالإدارة المتكاملة للموارد المائية، وتوافر الأجهزة والمعدات التي تسهم في بناء القدرات العلمية والتنفيذية للكوادر الفنية في رواندا. والهدف من هذا التدريب تعزيز القدرات البشرية، بناء قدرات المهندسين والفنيين في مجالات الإدارة المتكاملة للموارد المائية وتقنيات حصاد مياه الأمطار والآبار الجوفية ونوعية المياه، بناء القدرات في مجال إدارة وصيانة البنية التحتية للمياه والمحافظة عليها، وتبادل الخبرات في مجال الموارد المائية والتخطيط.
ويتم تحقيق هذه الأهداف من خلال عقد دورات تدريبية في تخطيط وإدارة وتنمية الموارد المائية، وإدارة حصاد مياه الأمطار والسدود وغيرها من مرافق البنية التحتية، فضلا عن صيانة وتشغيل مرافق البنية التحتية، علاوة علي تنظيم برامج تدريبية في مجال نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن البعد، وتنظيم دورات تدريبية في مجال الادارة المتكاملة للموارد المائية، ومجال إدارة المياه الجوفية.
كما ستتجسد اوجه التعاون بين البلدين بشكل اكبر في انشاء مركز بحثي لعلوم المياه والأراضي بهدف توفير الدعم الفني والتقني للموارد المائية والأراضي في جمهورية رواندا، لتوفير البيانات والمعلومات اللازمة للدراسات الهيدرولوجية، واستخدام التقنيات المتطورة والتي تشمل الاستشعار عن بعد ونظام المعلومات الجغرافية لجمع البيانات والحفاظ عليها وتعظيم استخدامها لتوفير المدخلات اللازمة للنماذج الهيدرولوجية ونماذج الأرصاد الجوية، وتوفير صور الاقمار الصناعية ونظم المعلومات الهيدرولوجية والخاصة بالأرصاد الجوية في منطقة حوض النيل وانشاء قاعدة بيانات نظام المعلومات الجغرافية، المساهمة في زيادة الرقعة الزراعية عن طريق توفير بيانات للاراضي الصالحة للزراعة واقتراح الطرق المثلي لزراعتها، رفع انتاجيه الأراضي الزراعية عن طريق توفير برامج تحسين وتطوير الري بهذه الأراضي. وسوف يستمر العمل بهذا المشروع لمدة 5 سنوات بتكلفة 3 مليون دولار.
وستظل الدولة المصرية - التي تؤمن بأهمية العلاقات مع القارة الأفريقية وبخاصة في ظل عودة مصر إلي أداء دورها الهام في افريقيا- ستظل دائما وابدا داعما لكل دول حوض النيل التي تربطنا بها علاقات وطيدة علي مر العصور وستستمر في بذل كل الجهد لتنمية هذه الدول من خلال علاقات التعاون الثنائي مع كل منها.
حفظ الله مصر وشعبها ونيلها من كل سوء