ومست إحدي مواده السادة الصحفيين، ثاروا، ليس من أجل المهنة، التي تشهدتجاوزات وتواطؤات وفسادا

كنت في الولايات المتحدة الأمريكية استاذا زائرا في الفترة من ١/٩/٢٠٠١ حتي نهاية سبتمبر ٢٠٠١ وعايشت حالة الرعب والارهاب هناك آنذاك علي الطبيعة، وعايشت حالة التفاعل المجتمعي بين السلطة والجماهير الأمريكية، وتابعت باهتمام شديد ردود فعل القيادة الأمريكية ووسائل الإعلام المختلفة بجميع توجهاتها، وكان مقررا لي ولزملائي الأربعة الآخرين بصحبة اثنين من الأمريكيين زيارة برج التجارة العالمي في نيويورك يوم ٢١ سبتمبر، وقد سبق زيارته عام ١٩٩٦ في أول زيارة لي لأمريكا، منذ عشرين عاما، وشاء القدر أن كتب لنا عمر جديد، وفي تلك اللحظة فضلت عدم زيارة أمريكا مرة اخري واكتفيت بزياراتي الخمس، رغم إتاحة الفرصة لي كثيرة، وكانت مقولة صارمة تلك التي اطلقها في أول خطبه، الرئيس جورج بوش الابن، حين قال بصوت عال غير قابل للمراجعة أو النقد أو المعارضة: «من هو ليس معنا.. فهو ضدنا» ومازالت هذه الجملة باللغة الانجليزية وطريقة ادائها محفورة في سمعي وبصري ووجداني حيث اطلق الرجل مقولته في سياق ما حدث في ١١ سبتمبر واصفا إياه بأن «الحرب علي أمريكا»، و«الإرهاب يقتل الشعب الأمريكي»، و«هيا بنا ضد الإرهاب لنقتله قبل أن يدمرنا».. إلخ ما ورد في خطابه الأول للشعب الأمريكي أمام الكونجرس، وحذر الرئيس من معارضة أي إجراء رئاسي لحماية الشعب والأمن القومي من الإرهاب، حتي ان عضوة واحدة عارضت بوش في الكونجرس وصوتت بـ «لا» فكاد أن يفتك بها زملاؤها الأعضاء، ولاذت بالفرار جريا.. وهو الحدث الذي عايشته علي الهواء مباشرة هناك. لو أخذنا الدرس والعبرة مما حدث في أمريكا في ١١ سبتمبر ٢٠٠١، ومن تصريحات رئيسها بوش الابن عام ٢٠٠١ لادركنا انه في لحظات تعرض الأمن القومي وحياة الشعب لمخاطر حقيقية، فلا حديث عن حريات أو حقوق أفراد أو وسائل إعلام، إلي أن ينتهي هذا الخطر وتعود البلاد إلي سيرتها الأولي. ذلك ما حدث في أمريكا نموذج الحريات والديمقراطية بعد بريطانيا واوروبا، فماذا عن أحوالنا نحن في مصر وبلاد الثورات العربية الحقيقية والمزعومة حسبما نري؟ فقد كنت في مقدمة الداعين لإصدار قانون الإرهاب أولا بعد ثورة ٣٠ يونيو وخصوصا بعد فض اعتصام البؤر الإرهابية في رابعة والنهضة، لأن رد الفعل سيكون نشر العنف والإرهاب في ربوع البلاد من جماعات الإخوان واخواتها وتوابعها، لأنهم لا يقبلون بالهزيمة ولهم داعمون بالمال والسلاح والتدريب وغطاؤهم أجهزة المخابرات الأمريكية والاوروبية، ومحميون بالمشروع الأمريكي الصهيوني الذين يتبنونه لضمان الدعم الأمريكي لهم والتنكيل بكل ما هو وطني قومي عروبي، في مقابل تغذية ونشر الفكر المتأسلم واصله صهيوني، وكنت أري ومازلت ان قانون الإرهاب كانت له الأولوية عن قانون التظاهر لعدم خلط الأوراق بين ثورتي ٢٥ يناير و٣٠ يونيو، والاستقرار علي ما هو أصلي عما هو فرعي، إلا أن حكومة الببلاوي كانت متباطئة حتي التواطؤ وأصدرت قانون التظاهر الذي خلق أزمة بلا مبرر، إلا إنه استهدف المتظاهرين عموما بما فيهم الإخوان، وتم تطبيقه فحسب علي شباب ثورة ٢٥ يناير بغض النظر عن اتجاهاتهم وولاءاتهم، ولم تصدر قانون الإرهاب، الامر الذي ادي الي انتشار العنف والأحداث الارهابية الدرامية. وسارت حكومة محلب علي نفس الدرب ونفس الأولوية، فلم تصدر قانون الإرهاب، ولم تعدل قانون التظاهر فاستمرت الأزمة إلي أن وقعت حادثة اغتيال محامي الشعب «هشام بركات» النائب العام، فكتبت وغيري مطالبين بحتمية صدور قانون الإرهاب، وإغلاق باب المصالحات، واجراء التعديلات علي قانون التظاهر، وعدم عقد الصفقات مع السلفيين، أو رموز مبارك. وعندما سارعت الحكومة هذه المرة لإقرار قانون الإرهاب بعد أحداث سيناء الأخيرة عقب اغتيال النائب العام، ومست إحدي مواده السادة الصحفيين، ثاروا، ليس من أجل المهنة، التي تشهدتجاوزات وتواطؤات وفسادا.. إلخ، بل من أجل وأد قانون الإرهاب للتخديم علي جماعات الارهاب الحقيقية ودعم الأجندات الأمريكية واستمرار الوضع الحالي لاستنزاف البلد والشعب وتهديد حياتنا جميعا. ولعل في قراءة مانشتات عدد من الصحف المستقلة، ومقالات رؤساء تحريرها يؤكد علي حتمية صدور قانون الإرهاب أمس قبل اليوم، لأن هذه الجرائد مارست «الفجور السياسي» بنشر أخبار كاذبة وغير موثقة تعكس ما تتبناه هذه الصحف وقنواتها التابعة لها.

وأدعو أجهزة الأمن القومي لدراسة المضمون والمحتوي لهذه الصحف وقنواتها، بل بعض الصحف الحكومية وتليفزيون الحكومة أيضا، لمعرفة ما وراء ذلك. فهناك من رأي الشعب بأنه «صراصير»!! وهناك من دعا إلي عودة ترزية مبارك مرة أخري، وهناك من سمح بالنشر ضد جيش الشعب.. الخ، ولابد من محاسبتهم ولذلك وجب التوضيح بأن صدور قانون للإرهاب مهم لمواجهة الظاهرة، وهو مؤقت حتي انتهاؤها، ولا يستهدف الحريات أو الخروج من الدستور كما يزعم أصحاب الأجندات، لأن الأمر مؤقت وفي لحظة خطر قومي، الأمر الذي يؤكد بأنه من ليس معنا.. فهو ضدنا، كما قال بوش «إمامهم»!! ومازال الحوار متصلا.