وقف الغرب يتفرج علي أول حكومة مدنية في ليبيا قد اكتسحت الانتخابات البرلمانية الأولي بعد ثورة ٢٢ فبراير في منافسة شريفة ضد القوي الدينية بجميع فصائلها وهي تسقط بقوة السلاح دون ان يحرك ساكنا... ثم عاد مرة اخري يحاول اعادة أعضاء البرلمان الوطني الذي سقط في الانتخابات الأخيرة إلي الصورة في مفاوضات الصخيرات الأخيرة في المغرب سعيا لإيجاد حل للوضع المتردي في ليبيا...متجاهلا انه بذلك يهدر الديموقراطية ويكيل بمكيالين ويكافئ حملة السلاح ضد شعوبهم بعد ان فرض حظر تصدير السلاح ومنعه عن الجيش الليبي !
ورغم يأسي في بادئ الأمر من مساعي صديقي برناردينو ليون المبعوث الأممي إلي ليبيا الذي عرفته اثناء الأيام السوداء من حكم الإخوان... وللأمانة فقد استمع إلي انتقاداتي لهم بصبر ولم يغضب عندما فشلت محاولاته إقناعي بإمكانية التعاون معهم... وواضح انه مازال علي نفس النهج... ولكن من سخرية القدر ان يخذله نفس الفريق ويرفض منفردا التوقيع علي الاتفاق !
اتصلت بالصديق محمود جبريل اول رئيس وزراء لليبيا منتخب بعد الثورة وسألته عن رأيه في هذا الاتفاق وفرص نجاحه وقد افاد بان ليبيا تواجه بعد اتفاق المغرب (الصخيرات) ثلاثة أنواع من التحديات هي تحديات خارجية وتحديات داخلية وتحديات داخل البرلمان الليبي.
اما اهم التحديات الخارجية في رأي محمود جبريل فهي التحديات التي يواجهها المجتمع الدولي الذي اصبح مطالبا بأن يأخذ موقفا واضحا وصارما وأن يفعل لجنة العقوبات في مجلس الأمن ضد الأطراف التي عرقلت الحوار ولم توقع الاتفاق (مجموعة ما يسمي المؤتمر الوطني العام) وان يقوم بمقاطعة حكومة طرابلس غير الشرعية بالكامل وان يفرض حظرا اقتصاديا شاملا عليها. كما انه قد ان الأوان ليقوم المجتمع الدولي بالإفراج عن الأموال الليبية المجمدة للحكومة الشرعية وذلك لتفعيل الاقتصاد باعتباره أحد اهم مفاتيح الاستقرار والتنمية. واصبح المجتمع الدولي مطالبا في ظل الأوضاع الأمنية المتردية بتقديم كامل الدعم للجيش الليبي ورفع الحظر عن تسليحه في معركته ضد الإرهاب وان يقوم بفرض حظر صارم علي امداد المتطرفين بالأسلحة خصوصا أن الجرافات التي تنقل الأسلحة بحرا للمتطرفين والدواعش في بنغازي زادت كثافتها عددا وعدة وهي تتجه من الغرب (طرابلس/مصراته) لمساندة قوي الإرهاب في بنغازي ضد الجيش الوطني وشباب بنغازي.
وتأتي ضرورة تشكيل حكومة توافق وطني مصغرة تعتمد علي الكفاءات وليس علي المحاصصة الجهوية أو القبلية علي رأس اهم التحديات الداخلية التي تواجهها ليبيا يوازيها في نفس الوقت محاولة صياغة برنامج عمل (خطة انقاذ سريعة) يعتمد علي خلق نجاحات وانجازات سريعة علي الأرض في الفترة التي يستغرقها تشكيل حكومة الوفاق الوطني. ويتبع ذلك إطلاق النظام اللامركزي واعطاء صلاحيات للبلديات لبدء مشروعات البنية التحتية كل في نطاق حدودها (مدارس، مستشفيات، مساكن، محطات كهرباء، طرق، مياه) حتي يشعر المواطن بالجدية وأن هناك أملا في التغيير.
اما بالنسبة للتحديات داخل البرلمان فأهمها ضرورة اعداد خطة طوارئ اساسها ماذا لو؟...ماذا لو فشلت الخطوات التالية لتوقيع اتفاق الصخيرات...؟ وكيف يدعم الجيش في ظل حظر السلاح؟ وكيف يتم تمويل الإنفاق العام في ظل استمرار تجميد الأرصدة الليبية؟...وكيف يمكن تعديل الإعلان الدستوري لانتخابات رئاسية بعد نهاية مدة مجلس النواب في 1 أكتوبر القادم منعا لحدوث فراغ سياسي قد يدخلنا في متاهة أكبر؟
ونظرا لحجم وطبيعة التحديات التي فندها السيد محمود جبريل...اقول في نهاية مقالي...هي بالتأكيد تحديات صعبة ومعقدة... يصعب معها التفاؤل !