الفرح صناعة مصرية، وتكاد تكون في زمن الأزمات حصرية، لم تصادرها يوماً، ولا حتي أحداث النهضة وميدان العدوية.. ولم تهزمها نكسة أو خراف ولم يغرقها فيضان، ولم يحرقها جفاف..

وحين يشتد بها الهم، تضحك نكتةً وطرفةً، حتي يطرق الهمُّ برأسه أمام موجات السخرية منه.
وحين يشتد بها الألم تغني وترقص، حتي ولو كالطير يرقص مذبوحاً من الألم.
وكما قُدّر لي أن أعيش هموماً مصريةً، حضرت أفراحاً مصرية، وهي ليست كغيرها في بلاد الله، حقيقةً بعضها يقام في قاعات فارهة فاخرة، ولكنه هو الأقل بهجةً وإنطلاقا، ولك أن تحضر فرحاً مصرياً في حارةٍ أو حي شعبي قديم.. لتدرك أن الفرح بالعرسان وليس بالمكان.. وأنه بالأحياء وليس بالأزياء.
وقد يحيي حفل القاعات والقصور، أكبر المطربين والمغنيات والعازفين والراقصين والراقصات، ولكن صناعة المصري التقليدية تبقي « الزغروطة « علامتها الفارقة، وهو هواء دخل الأشداق يحركه لسانٌ للفرحة مشتاق، فيغرد في الأفاق ويسري فرحةً تنساب إلي الأعماق ببساطة شديدة، كبساطة أبناء مصر الطيبين وبناتها الحسان، والحسن هنا ليس بالجمال الخارجي ولكنه حُسن الروح وخفة الدم الفطرية التي تعادل هنا شربات الفرح المصري البسيط. والحب هنا في مصر والفرح صنوان. فقد أحب القدماء الحياة وعملوا لها حباً في الخلود فأمسوا خالدين، وكلنا ندين لرامي والسنباطي وأم كلثوم، ولمرسي جميل عزيز والموجي وعبد الحليم، ولعبد الوهاب بكل جرعات الحب التي تجرعناها خيالاً فأمست في وجداننا حقيقةً وجمالاً..
وهو ذات الحب الذي دفع رئيس مصر الموفق عبد الفتاح السيسي رغم كل الأزمات، بل بسبب كل الأزمات أن يعمد إلي صناعة الفرح المصرية المتخصصة، ليعيد بإذن ربه إلي العيون بريقها وإلي الشفاه بسماتها وإلي القلوب الأمل.. فدعي إلي العمل، وأخبر أنه لايمكن له أن يعمل وحده.. ولكنه تقدم فلحق به أبناء هذه الأرض المخلصون، وتبرع فتبعه المصريون وخرجت جنيهاتٌ تحت البلاطة وبين الحيطان، ونزعت الأقراط البسيطة من بعض الأذان، حين أدرك أبناء الشعب أنهم يسهمون في صناعة الفرح، لبلد عاني وتحمل الكثير وهو يواجه من المخططات ما يستهدف منه البهجة والمرح..
وأنطلقت سواعد الرجال تحفر للدنيا مجري ثان.. تحت شعار « إحنا معندناش وقت « فتم إختصار الأعوام في عام وغداً ستحتفل أمُ الدنيا مع كل الدنيا بالقناة الشقيقة الموازية لأختها العتيقة.
وكم كنت أتمني شخصياً أن أحضر هذه الفرحة، ولكن ظروفي الصحية أعاقتني عن ذلك، فأجدها مناسبةٌ اقدم فيها لشعب مصر العظيم ولرئيسه البطل، ولكل يدٍ أسهمت في إزاحة حبة رملٍ عن طريق إنطلاق قناة السويس الجديدة، ولكل مصرية ومصري تفاعلوا بإخلاص وإيمان مع دعوة زعيم البلاد فأسهموا لتكون قناة السويس بمساريها مصرية مئةٌ في المئة.. ومصر وحدها هي من تملك صكها وحقها ولهم جميعاً ونحن معهم أن نحتفل في الغد بفرحها علي إتمام أول صناعة فرح كبري في العام الأول لرجل مصر الأول، دون أن ننسي العديد من الإنجازات المضيئة والدافئة، التي جعلت الأنوار في مصر متواصلة، رغم الصيف.