حسين الطيب
يروج من يسمون أنفسهم زوراً وبُهتاناً بالقرآنيين بعدم الحاجة إلى السنّة النبوية وأن القرآن ما ترك شيئاً.
يرد على هؤلاء الشيخ عثمان بن معلم محمود بن شيخ، فى كتابه «شبهات القرآنيين» الصادر عن مجمع الملك فهد للطباعة بالسعودية، فيقول:
كان الصحابة أرباب الفصاحة وكانوا مستغنين عن علوم الوسائل التى افتقر إليها المتأخرون، بيد أنهم احتاجوا إلى تفسير النبى صلى الله عليه وسلم، فبين «أن الظلم المذكور فى قوله: «ولَمْ يَلْبِسُوا إيمانَهُمْ بِظُلْمٍ» هو الشرك، وأن الحساب اليسير هو العرض، وأن الخيط الأبيض والأسود هما بياض النهار وسواد الليل، وأن الذى رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى هو جبريل، كما فسر قوله: «أوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ» أنه طلوع الشمس من مغربها، وكما فسر قوله: «مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ» بأنها النخلة، وكما فسر قوله: «يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ فِى الحَياةِ الدُّنْيا وفِى الآخِرَةِ» أن ذلك فى القبر حين يُسأل من ربك وما دينك، وكما فسر الرعد بأنه ملك من الملائكة موكل بالسحاب، وكما فسر اتخاذ أهل الكتاب أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله بأن ذلك باستحلال ما أحلوه لهم من الحرام وتحريم ما حرموه من الحلال، وكما فسر القوة التى أمر الله أن نُعدّها لأعدائه بالرمى، وكما فسر قوله: «مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ» بأنه ما يجزى به العبد فى الدنيا من النصب والهم والخوف، وكما فسر الزيادة فى قوله تعالى: «لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنى وزِيادَةٌ» (يونس: ٢٦) بأنها النظر إلى وجه الله الكريم.
وهى كما ترى معانٍ لا يُتوصل إليها بمجرد إتقان لسان العرب، فلو لم يأت بها بيان الرسول صلى الله عليه وسلم، لكنا فى عماية من أمرها.
فالسنة تبين مجمل القرآن، قال تعالى: «وأقِيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكاةَ» وقال سبحانه: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ» وقال جل من قائل: «ولِلَّهِ عَلى النّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا»، فبين النبى صلى الله عليه وسلم، بفعله وقوله أن الصلوات المفروضات خمس فى اليوم والليلة وبين أعداد ركعاتها وشروطها وأركانها ثم قال: «صلوا كما رأيتمونى أصلّى»، وبين أن الحائض لا صلاة عليها لا أداء ولا قضاء.
وكذلك الزكاة بيّن حقيقتها وعلى من تجب؟ وبيّن أنصبتها، وأنها تؤخذ من العين من الذهب والفضة والمواشى من الإبل والغنم والبقر السائمة مرة كل عام، وأوجبها فى بعض ما أخرجت الأرض دون بعض.
«وبيّن أن الصيام هو الإمساك بالعزم على الإمساك عما أمر بالإمساك عنه من طلوع الفجر إلى دخول الليل».
وفرض على البالغين من الأحرار والعبيد ذكورهم وإناثهم إلا الحيّض فإنهن يقضين عدة من أيام أخر.
وبيّن الرسول صلى الله عليه وسلم، أن الحج لا يجب فى العمر إلا مرة واحدة وبيّن ما يلبس المحرم مما لا يلبسه وحدّد مواقيت الحج والعمرة وبيّن عدد الطواف وكيفيته، كلّ ذلك ليس بيانه فى القرآن.
ومن كل هذه الأمثلة يتضح إن السنة قد بينت أحكام ومواقف قرآنية لولا السنة لظل الناس فى ظلمات يعمهون.