اتصلت بي صديقتي الصحفية لتعرف رأيي في مقال كتبته الاسبوع الماضي. وسألتني: لماذا لم تتصل لتهنئيني بأن مقالي أصبح يحتل نصف صفحة من الجريدة ؟ لقد تمت ترقيتي وُسمح لي أن أكتب مقالات طويلة وعليها »‬القيمة». سكت ولم أرد، ولكنها عادت وأصرت علي أن تعرف رأيي. ترددت لحظة.. وحاولت أن أجاملها قدر المستطاع، ولكني لم أفلح فقلت لها: أعجبني بداية المقال ونهايته، لكنني في الحقيقة لم أقرأه بالكامل لضيق الوقت! ارتفع صوتها غضبا وقالت: أحب أن أطمئنك أن كل الناس أُعجبوا بمقالي ورئيس التحرير أشاد به. ولأنه مقال رائع ومتميز، قرأه المذيع الفلاني في برنامجه الاذاعي. قلت بنبرة هادئة: ده شيء رائع ولكن هذا رأيي.. وقد أكون مخطئة، لكني لا أميل لقراءة المقالات الطويلة. ولقد طلبت أن تعرفي رأيي، ووجدت من الامانة أن أكون صادقة معك. هدأت صديقتي الصحفية وانتقلنا إلي حديث آخر حتي انتهت المكالمة بسلام. والسؤال الذي قفز إلي ذهني في تلك اللحظة: لماذا غضبت صديقتي عندما سمعت مني رأبا مخالف لرأيها؟ هل أخطأت عندما قلت لها الحقيقة، رغم إنها هي التي طلبت رأيي؟ هل كانت تبحث عن مجاملة وإطراء عندما اتصلت بي، ولم تكن تبحث عن نقد ونصيحة مخلصة. فصدمتها برأي لم يكن في الحسبان؟ تعلمت من الكبار الذين عرفتهم علي مدي حياتي، أن الاختلاف في الرأي لا يُفسد للود قضية. ومارست معهم ما تعلمته.. حتي إنه كان يُسمح لي في بعض الاحيان أن أبدي آراء طفولية أو ساذجة في حضرة هؤلاء العظام، ولكن يبدو أن الزمن قد تغير بعد غياب هؤلاء الكبار.. وأصبح الاختلاف يفسد كل قضايا الود.