يتساءل محمد شعير مدير تحرير أخبار الأدب في الملف المهم جدا الذي أعده في ذكري رحيل نجيب محفوظ: كيف وصلت الرواية إلي الأهرام، لقد قام بعملية بحث واسعة في صحافة الفترة، وجد أن مجلة الإذاعة والتليفزيون نشرت إعلانا ـ يورد صورة له ـ عن بدء نشر المجلة لرواية محفوظ الجديدة »أولاد حارتنا»‬ كان يرأس تحريرها حلمي سلام، غير أن الرواية لم تنشر في المجلة إنما بدأ نشرها في الأهرام من هنا تساؤل محمد شعير، يورد روايتين، الأولي ما قصه الأستاذ هيكل ليوسف القعيد ورواية أخري لمحفوظ نفسه، الفروق بينهما طفيفة، غير أن ما أعلمه له بعد أوسع من الطريقة التي وصلت بها الرواية إلي الأهرام. بعد تولي الأستاذ هيكل رئاسة تحرير الأهرام بدأ عملية شاملة لتطويرها وتحديثها. ومن بينها ضم كبار الكتاب كمتفرغين للأهرام، طلب من توفيق الحكيم أن يحضر إلي الأهرام. أن يلتقي بأصدقائه في مكتب خاص به وإذا كتب فمرحبا إذا لم يكتب فليس مطلوبا منه شيء، المكافأة مائة جنيه في الشهر، هذا مبلغ ضخم جدا بمقاييس الوقت، وللتقريب أقول إنه يوازي الآن مائة ألف جنيه، إذا كتب قصة أو رواية أو مسرحية فلها مقابل خاص يتم الاتفاق عليه، قال لي الحكيم.. ورد ذلك في كتابي »‬توفيق الحكيم يتذكر».. أنه قبل علي الفور ولكن بعد فترة من تردده وجلوسه الدائم في الأهرام شعر بالخجل لأن الناس تنظر إليه عند الدخول والخروج وكأنها تقول: من هذا الذي يحصل علي مائة جنيه شهريا  مقابل حضور وانصراف لا غير، هكذا بدأ يكتب مقالات وينشر مسرحياته ومنها أخطر ما كتب »‬السلطان الحائر».. نفس العرض تلقاه محفوظ من الأستاذ هيكل. غير أن الأستاذ فوجيء باعتذار محفوظ، ومازال حتي الآن يروي الواقعة بدهشة خاصة السبب الذي أبداه محفوظ، قال إنه يؤجل ذلك حتي يحال إلي المعاش حتي يحصل علي معاش كامل مع استمرار الماهية أي المرتب. غير أن محفوظ وافق علي نشر انتاجه كله بالأهرام، الرواية بألف جنيه مكافأة، والقصة القصيرة مائة، في عام ١٩٧١ احيل محفوظ إلي التقاعد وأصبح كاتبا متفرغا بالأهرام، انضم إلي الطابق السادس في مبني الأهرام الذي افتتحه جمال عبدالناصر عام ١٩٦٩ وجري خلاله اللقاء الوحيد بينهما وإن كان عبدالناصر ليس غريبا عن محفوظ فقد كان صديقا لأحد أفراد شلة العباسية، في عام ١٩٦١ احتفل الأستاذ هيكل بعيد ميلاد محفوظ الخمسين وسأله عمن يرغب الحضور. فطلب أم كلثوم التي كان يهيم بصوتها، وكان اللقاء الوحيد بينهما، نلاحظ في هذه الوقائع طبيعة نجيب محفوظ المضادة للتغيير في الحياة وليس في الأدب مهما كان الإغراء المادي. أيضا الدور الثقافي الذي لعبه الأستاذ هيكل في نشر أعمال كبري كانت حافلة بالنقد وجريئة جدا.