للعبقري الراحل عبد الرحمن الشرقاوي مونولوج قصائدي أورده في رائعته المسرحية الحسين شهيداً عن الكلمة مفهومها، قدسيتها ومبلغ أثرها بدأه بتساؤل في كلمات أتصور أنه كتب لها الخلود بين أعظم ما جاء به شعراء العرب عن قيمة الكلمة التي تخرج عن إنسان إذ قال « أتعرف ما معني الكلمة « وعلي أني لا أقصد في هذه السطور أن أعرض لقصيدة الراحل العظيم ولا مسرحيته ولا حتي إلي مفهوم وقيمة ومدلول «الكلمة» ككلمة بحد ذاتها، إلا أنني لم أجد أدق ولا أفضل من التساؤل الذي طرحه الشرقاوي في مدخل قصيدته لطرح التساؤل نفسه ولكن عن مفهوم كلمة « الحرب « وعنه أذكر نفسي وأسأل غيري كيف يفهمها وإن كان يفهمها بالأساس.. ؟؟
الحرب أتعرف ما معني الحرب.. هي الفعل الأجل والأعظم الذي تقدم عليه أي أمة من الأمم الإنسانية، فعندما يتعرض ناسها إلي ظلم وتتعرض حياتهم وسبل عيشهم وسلمهم الاجتماعي للخطر أو يتهدد أرضها خطر ما تنتفض الأمم الحية لتصطف وتحشد كل قدراتها وإمكاناتها لدرء الظلم والذود عن مقومات الحياة والعيش والسلم والدفاع عن الأرض..
و المصريون عبر تاريخهم هم أمة محاربة فبالكاد لم تخل ألفية من تلك التي بدأ تدوينها في تاريخ البشرية علي أرضهم بل وبالكاد لم يخل قرن من القرون التي مرت عليها إلا وخاضوا خلالها الحرب تلو الحرب إما تأكيداً لسيادتهم علي الأرض أو تحريراً لها أو وأداً لطموحات غزاة مغامرين قهروا أمماً قريبة أخري وطمعوا إلي غزو مصر..
وفي الحرب عرف الناس علي أرض المحروسة أن لا معني ولا قيمة للحياة ما لم تكن منتصراً ظافراً.. فراحوا إليها أبداً مقاتلين أشداء لا يعرفون غير محاربة الظالم والمعتدي إلي أن يفنوه.. وتتحقق لهم السيادة علي الأرض وحمايتها والعيش الآمن للبشر عليها.
يشهد تاريخ هذا الشعب ويشهد السجل الحربي للأمة المصرية وهو الأضخم بين كل الأمم أن المصريين في الحرب هم وبكامل إرادتهم معين لا ينضب من المقاتلين مدداً لجيوشهم وإنهم شعب علي قدر ما يحفل بالحياة، يحفل بالموت وأكثر وإلي درجة التقديس إن كان في سبيل بلاده..
في الحرب وهي عنوان شرف الأمة و ما بين النار والقتال يقبع الدم ويشيع الموت.. ووسطها وفيها يرتفع الشهداء فلا نبكيهم أو نرتدي عليهم الحداد ولكن نفخر بهم ونقدم للوطن غيرهم من الأبناء مدداً إلي أن ننتصر.. لا تحصوا علي مصر التي تستحق شهداءها..!!