يكفي الإعلام العربي فخرا أن يكون أحمد الشقيري أحد أبرز نجومه وأكثرهم شعبية ومصداقية عند قطاع كبير من المشاهدين، أغلبهم من الشباب. إنه صاحب برنامج «خواطر» الفذ علي قناة MBC. والذي واصل نجاحه عاما بعد عام وموسم تلو الآخر لمدة أحد عشرعاما، ليعلن لجمهوره في رمضان هذا العام أنه «الموسم الأخير».
لا يدري أحد لماذا أراد الشقيري أن يتوقف الآن رغم النجاح الساحق الذي حققته «خواطره» ؟! إنه إنسان تكمن عبقريته في حسه الإنساني العميق ببني البشر، ورغبته الأصيلة في دفع الناس إلي اكتشاف ذواتهم، واستخدام عقولهم وملكاتهم، واخراج أفضل ما فيهم للوصول إلي أفكار بسيطة وممكنة، يمكنها أن تغير حياتهم، وحياة الآخرين من حولهم في نفس الوقت.
«خواطر» الذي أبدعه أحمد الشقيري في رأيي ليس مجرد برنامج، لكنه طلقة مركزة، مشحونة بطاقة إلهام جبارة تحرض المشاهدين علي التفكير بإيجابية، وتدفعهم إلي التعامل مع حياتهم بجدية أكثر ليس بهدف تعقيدها، بل من أجل تيسيرها، وجعلها أكثر متعة وسعادة. فهل هناك شيء يسعد الإنسان أكثر من النجاح لفكرة من ابتكاره؟
هذا ما يبحث عنه الشقيري في رسالته ولن أقول برنامجه لأن ما يصلني كمشاهدة أنه ليس مجرد برنامج مفيد وممتع في نفس الوقت بل إنه يتجاوز ذلك بكثير ليصبح وسيلة لشحن طاقات الناس وتحفيزهم لتغيير حياتهم بالأمل والعمل والتفكير العميق المدروس المركز بحثا عن فكرة تنبع من احتياجات المجتمع الصغير الذي يعيش فيه.هذا ما جعله يجوب بلاد العالم شرقا وغربا. شمالا وجنوبا ليلتقي بالبشر من تلك النوعية الفريدة، البديعة. هؤلاء الذين يؤمنون بأن الله لم يخلقنا عبثا، بل لنعمر الأرض.
إنه يقدم في كل حلقة أفكارا كثيرة حولها أناس عاديون آمنوا بأفكارهم إلي مشروعات حقيقية،واقعية، ملموسة.حولت بؤسهم إلي سعادة واحتياجهم إلي وفرة، والظلام الذي كان يسود نظرتهم إلي الحياة إلي نور. أفكار لا أكثر ولا أقل !
أجمل ما في «خواطر» أن صاحبه لا يعظ، ولا يجعل الدنيا وردية رومانسية، بعيدة عن الواقع، بل إنه واقعي جدا، يبحث عن ناس من لحم ودم، فكروا وغيروا ويرينا بأعيننا ما فعلوا.بالإضافة إلي الجزء المعلوماتي في كل حلقة.غاية في الإتقان والمهنية العالية.يناقش مشكلة عمالة الأطفال مثلا فيأتيك بإحصائيات ونسب عالمية وكيف انخفضت نسبة الناس الذين يعانون من المشكلة عندما طبقوا الفكرة التي خارج الصندوق،يفعل ذلك من خلال رسوم وجرافيك بديع يوضح الموضوع. ويقربه لأذهان المشاهدين.
بارك الله فيك يا أحمد يا شقيري. ودعوني ارشح هذا البرنامج لجائزة نوبل للسلام أو الأعمال الإنسانية التي بالفعل تغير حياة البشر.