أبدأ بطرح اسئلة. هل حضور قضية فلسطين الآن مستمر بنفس الزخم الذي كان عليه منذ أن تفتح وعينا علي الدنيا في نهاية الاربعينيات، أعني من يماثلني عمرا؟ هل فلسطين الوطن، الأرض، الشعب، حاضرة الآن؟ ألا نلاحظ اختفاء ما يدل علي قضية وطن  وأرض وشعب، واختزال كل ما عرفناه مرتبطا بفلسطين إلي جزء صغير من أرضها اسمه غزة؟، وبوابة اسمها معبر رفح، ما يتردد الآن ليلا ونهارا، غزة، معبر رفح، اختزلت القضية العربية الكبري فلسطين إلي غزة وحماس، حلت حماس موضع السلطة الوطنية ويروج عملاؤها لذلك، يبدو أبو مازن غريبا عندما يتكلم عن غزة، أصبحت هناك مسافة بين رام الله ونابلس والخليل وحيفا ويافا وبين غزة، فلسطين اختصرت في غزة وأصبحت ضاحية للدوحة واستانبول، ألا يقيم قائد المقاومة الحمساوية في الدوحة يصدر تعليماته من الجيم وهو يمارس الألعاب، ويمشي مختالا فخورا في ردهات الفنادق مرتديا أحدث الأزياء، ويغازل نخوة الجيش المصري في خطبه، نفس الجيش الذي دبرت حماس مذبحة لجنوده في رفح بمشاركة إخوانية، نسي الزعيم عن بعد أن الشعب المصري يتسامح في كل الأمور عدا ما يمس العدوان علي الدولة والسيادة، إحساس الشعب المصري سليم والموقف الحذر الذي ساد الرأي العام مع بداية المجزرة التي راح ضحيتها أهالي غزة بسبب قيادة حماس ومخططاتها. المصريون يميزون بين القضية والشعب وبين حركة حماس التي كان ظهورها نكبة علي القضية الفلسطينية العادلة، إذ حولت الوطني إلي ديني، وعندما تصبح قضية فلسطين دينية فإنها تدخل إلي المطلق، وتنطلق بمحاذاة منطلقات إسرائيل التي تستخدم الدين أيضا، هذا ما جري بعد ثورة ١٩١٩ العظمي والتي نبع منها مشروع دولة حديثة، وطنية، ليبرالية، فأقدم الانجليز علي إنشاء الإخوان عام ١٩٢٨، لمواجهة الوطني بالديني حتي وصلنا إلي ما نحن عليه اليوم. لماذا أقدمت حماس علي خطف المستوطنين الثلاثة وقتلهم كما اعترف قادتها مؤخرا في تركيا؟، الهدف الحقيقي ليس مقاومة أو ضد اسرائيل، إنه الدولة المصرية، وعندما أقول الدولة أعني الكيان كله، شعبا ونظاما وحضورا، الهدف في الجوهر خدمة الإخوان ومساندة مخططات قطر وتركيا ومن يقفون وراءهما ولنلاحظـ تصاعد العمليات الحربية الإرهابية ضد الجيش المصري في سيناء بعد وقف إطلاق النار والعدوان الإسرائيلي الذي لعبت فيه مصر الدور الاساسي لإنقاذ الشعب الفلسطيني بسبب حسابات قادة حماس الذين ألحقوا الضرر بالقضية الفلسطينية، ولذلك تخليص فلسطين من حماس وأهدافها يتساوي تماما مع تحريرها من الاحتلال الإسرائيلي.