‮«‬محراب العدالة.. سدنة العدل.. المستشار الجليل∪
هذه الألفاظ وغيرها الكثير التى نستخدمها فى الحديث عن القضاء والقضاة الأجلاء.. تلك الأوصاف والألفاظ مطلوبة بشدة للحفاظ على هيبة ووقار وجلال مؤسسة العدالة بمصر.. والتى تعد الحصن المنيع لإرساء الحق والعدل بين الناس.. وهناك قواعد صارمة تحكم عمل القضاء المصرى منذ عقود تحفظ وتصون المهابة المطلوبة لتك المؤسسة العظيمة.. اهم تلك القواعد على الإطلاق أن يظل القاضى بعيدا إلى حد كبير عن الشارع المصرى دون إنفصال.. إنما بعد يحفظ للقاضى هيبته وحياديته تجاه كل القضايا.. ومنها أيضا البعد تماما عن الإشتغال بالسياسة أو إبداء أراء سياسية طالما ظل القاضى جالسا على المنصة.. ويا حبذا لو استمر هذا حتى بعد ترك القاضى لتلك المنصة
لكن ما يحدث بين الحين والآخر من مداخلات تليفزيونية ولقاءات إعلامية وحوارات صحفية سواء مع قضاة يباشرون أو باشروا قضايا بعينها.. او رموز العمل القضائى اراه يهدد وبقوة مهابة ومكانة القضاء.. وتزداد الطينة بلة إذا ما جرى حديث أو حوار صحفي مع أحد القضاة حول أحكام أصدرها.. وتم استدارج هذا القاضى للخوض فى السياسة والأمور العامة التى يجب أن ينأى بنفسه عنها تماما.. هنا ندق ناقوس الخطر ونطلب من المجلس الأعلى للقضاء سرعة التدخل لصون الأعراف القضائية الراسخة التى تصون وتحفظ محراب العدالة من أى إختراق أو تقلل من هيبته
ما دفعنى للكتابة فى هذا الأمر كما قلت ما لاحظته من مداخلات وحوارات مع قضاة ومستشارين أجلاء وقعت على شخصيا كالصاعقة.. أخرها الحوار المنشور أمس فى إحدى الصحف الخاصة على صفحة كاملة لأحد كبار المستشارين ورئيس محكمة مهمة للجنايات.. وأصدر أحكاما أيضا مهمة فيما يخص الجماعات الإرهابية.. المستشار الجليل وصف ثورة 25 يناير بأنها ∀ 25 خساير ∀ وأفاض واستفاض فى مهاجمة بعض رموز تلك الثورة بكلمات وأوصاف صعبة وينتج عنها احتكار تلك الشخصيات لدى الناس.. وهذا فى رأيى مرفوض لعدة أسباب.. اولا لأن هذا يتنافى تماما مع القاعدة الثابتة بامتناع القضاة عن العمل بالسياسة.. وثانيا المستشار الجليل نفسه أكد فى حواره أنه لا يصدر حكمه الا وهو مطمئن لأسبابه بنسبة 100%.. ولو إهتزت الثقة للحظة يكون حكم البراءة.. إذن على أى شئ استندت يا سيادة المستشار إلى حكمك على بعض الرموز السياسية التى لم يتم حتى إتهامها فى قضية خيانة أو الحكم عليها حتى ولو مع إيقاف التنفيذ.. هذا كلام نقبله من صحفيين أو إعلاميين وعامة المواطنين او حتى رموز ونخب سياسية وفكرية.. لكننى أنأى بسيادة المستشار الإنزلاق مثلهم بلا دليل
ثم إننى وبصراحة شديدة لم تعجبنى طريقة الحوار الذى بدا وكأنه إستجواب للقاضى فى محضر شرطة أو نيابة حول أحكام عديدة أصدرها ومبررات ساغها لتبرير تلك الأحكام.. هنا لا ألوم على الزميل الصحفى الذى أجرى الحوار بل وأشيد بمهنيته.. لكن كلامى على المستشار نفسه وقبوله الحوار بتلك الطريقة.. واسمح لى يا سيادة المستشار أن أعرب عن رفضى التام لرأيك فى بعض الإعلاميين والأوصاف إلى أطلقتها عليهم من نوعية ∀ برادعاوى غتت.. وهذا متلون وكل يوم فى الملاهى.. ودى برادعاوية وأنا بكرها ∀.. كيف يصح هذا يا سيادة المستشار.. مرة أخرى قد أتقبل هذا من عامة ونخب البلد.. لكنى وبكل صراحة وأسف أرفضه من مستشار جليل تصدى وسيتصدى لقضايا مهمة وحساسة.. وما هو الوضع لو وقع أى من أولئك الذين هاجمهم سيادة المستشار أمامه فى قضايا ما.. أو قضايا ينظرها لها علاقة بتلك القناعات السياسية التى كشف عنها.
مرة أخرى اناشد المجلس الأعلى للقضاء وكل من يهمه الأمر فى محراب العدالة التدخل السريع لمنع مثل تلك الحوارات التى تمثل ثقوبا فى محراب العدالة ونقطا أراها سوداء فى الثوب الأبيض !!