لعن الله الفضائيات أينما حلت وحيثما وجدت، فلقد أصبح وجودها في حياتنا وباء يتزايد خطره يوما بعد يوم، فبعد أن سرقت منا الوقت وضيعت روحانيات شهر رمضان بزخم المسلسلات وشغلت بعض الناس، بل لا أكون مبالغا إذا قلت أكثر الناس عن قيام الليل وجعلت الصيام نوما بالنهار وسهرا حتي مطلع الفجر ها هي تسرق عقولنا وتذبذب أفكارنا وتشوه تاريخنا، فمن الفضائيات خرج علينا من يقول ان الخمر حلال والطلاق غير المكتوب ليس طلاقا حتي ولو قالها الرجل لزوجته بملء فيه: أنت طالق.
وكان أمامه الف طريقة وطريقة للقسم بغير الطلاق ان لم يقصده وهو مدرك تماما لمعناه، ومن الفضائيات أيضا تبين ان الخلع حرام، وإن أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب حبس الصحابي الجليل ابو هريرة ومنعه من إلقاء القصص علي الناس في المساجد، وان علي بن أبي طالب رضي الله عنه فعل ما يفعله الداعشيون من إعدام الناس حرقا.
وفي الفضائيات طلعت ريا وسكينة سفاحتا زنقة الستات وقسم اللبان بالإسكندرية مناضلتين ضد الاستعمار الانجليزي، وان المسجد الأقصي في الطائف وليس في فلسطين.
واخشي ان يأتي يوم فيخرج علينا من يقول ان آدم لم يك ابا البشر وان عقول الناس في أرجلهم وليس رؤوسهم تمهيدا للوصول إلي القول بما قاله المشركون من قبل (إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر).
واغلب الظن ان العيب فينا وليس في التكنولوجيا الحديثة، والمصيبة أننا لا نريد أن نفيق فشيطان الانبهار يسيطر علينا، والدليل أننا نبتلي بكارثة التدخين ونبدؤها دائما بالتناول علي سبيل الدلع أو التجربة ومنها إلي الإدمان ثم نسقط في مستنقع ضعف الإرادة ولا نقلع عن التدخين وأضراره إلا بعد ذبحة صدرية أو انسداد في الشرايين.
ولست أدري متي نفيق وعلي من يقع الذنب والوزر، ومن يحمي المجتمع وينبه الغافلين ويوقظ النائمين الغارقين في بحور التوهان والأوهام؟!