تأخير توزيع الميراث عقب موت المورث، أو توزيع بعضه وتأخير بعضه، فيقع النزاع فى تقويم التركة، هل تقوم بسعر وقتها، أو بسعر وقت الوفاة، وهل يدخل فيها ما تولد عنها، أم تقتصر على الأصل الذى كان موجودا يوم الوفاة؟
والصواب الذى يقطع النزاع: توزيع الميراث عقيب الوفاة، بعد استيفاء الحقوق المتعلقة بالتركة، من تجهيز الميت ودفنه، وقضاء ديونه، وتنفيذ وصاياه.
على أن تعجيل توزيع التركة؛ لا يعنى بالضرورة أن الورثة لا يراعون شعور الميت ولا شعور أهله، ولا أنهم غير معتبرين بالموت، ولا متعظين منه.
توزيع الميراث حال حياة المورث، مع أن شرط الإرث موت المورث، وحياة الوارث حقيقة أو حكما.
إذ يقع النزاع بين الورثة إذا وزعت التركة فى حياة المورث، هل توزع توزيع ميراث، فيكون للذكر مثل حظ الأنثيين، أم توزع توزيع هبة، فيتساوى الجميع؟، والصواب الذى يقطع النزاع: أن يؤخر توزيع التركة إلى ما بعد الوفاة، وألا يوزعها فى حياته، وله أن يجمع بين الأمرين، فيوزع بعضها فى حياته توزيع هبة بالتساوى، إذا كان الأولاد فى حاجة إلى هذا البعض، ويؤخر الباقى إلى الوفاة، فيوزع توزيع ميراث!
تخصيص بعض الورثة بجيد الميراث، وبعضهم برديئه، وغالبا ما يكون المختص بالجيد هم الذكور، والمختص بالرديء هن الإناث، كبيت فى مكان مميز فترتفع قيمته، وآخر فى مكان عادى فتقل قيمته، فيقع النزاع عند القسمة فيمن يحوز الجيد ومن يحوز الرديء! والصواب الذى يقطع النزاع: أن يتحمل الكل نصيبا من الجيد ونصيبا من الرديء، أو يعوض من تحمل الرديء بما يقابل حظه من الجيد مالا أو عقارا؛ إذا لم يشارك فيه.
توريث الذكور وحرمان الإناث، فيكتب فى حياته - سرا - جميع ممتلكاته لأولاده الذكور، بيعا وشراء، ويحرم الإناث، فيقع النزاع بينهم بعد موت المورث!
والصواب الذى يقطع النزاع: إبطال هذه العقود الظالمة، وإلغاؤها، وعدم اعتبارها، وإعادة توزيع التركة توزيعا شرعيا، إرضاء لله ورسوله، وتخليصا لرقبة المورث من النار.
وما أحكم قول الله تعالى فى ختام آيات المواريث: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّـت تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الاْنْهَـرُ خَـلِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَـلِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾.
د. محمد إبراهيم العشماوى أستاذ الحديث فى جامعة الأزهر
