ست الحبايب يا حبيبة.. يا أغلي من روحي ودمي.. يا حنينة وكلك طيبة.. يارب يخليكي يا أمي.. يا ست الحبايب.. يا حبيبة.. كلمات تنطق بالحب والعرفان بالجميل

مكانة الأم عظيمة فهي الدار الأولي لابنها.. هي الحنان الغامر الذي يملأ كيان وليدها.. هي الانتماء فمنها يتعلم الطفل معني الأرض التي ينتمي إليها ويحبها ويضحي من أجلها بروحه ودمه.
تلك المعاني العظيمة يتربي عليها الطفل في بدايات عمره، فالأم هي المسئولة عن تنشئة طفلها صحيا وجسمانيا وذهنيا ووجدانيا فهي تتمني له أن يكون أفضل ابن أو ابنة ليس في وطنها فقط بل في العالم وكثير من علمائنا عندما يتحدثون عما وصل إليه من علم وشهرة وجوائز دولية يقرون أن الفضل الأول والأخير يعود إلي أمهاتهم.
هذا الأمر يطرح سؤالا يتردد بين الحين والآخر أن أمهاتنا في الماضي رغم أنهن لم يحصلن علي قدر كبير من التعليم بل أن بعضهن لم يحصلن علي الابتدائية والبعض الآخر لم يتعلمن القراءة والكتابة إلا أنهن استطعن أن يدفعن بأبنائهن إلي أعلي سلم التعليم وكفلن لهم الرعاية والحنان والحب والدعاء.. والمقارنة بين أمهات اليوم وأمهات الأمس أصحاب التعليم الضئيل ـ تؤكد أنهن لم يستطعن أن يخرجن من أرحامهن أبناء في درجة علم أبناء الأمس وحتي علي مستوي الأدب.
هذا السؤال يحتاج من كافة الأطراف أن تبحث في المناخ الذي نشأ فيه أبناء الأمس وقدموا إنجازات تفخر بها مصر في كل المستويات العلمية والفضائية والأدبية وأيضا تدرس الحالات الاستثنائية من أبناء أمهات اليوم وهل صاروا علي درب أمهات الأمس من أجل تخريج أجيال تشرف أهلهم ووطنهم.
وكما أن الدولة تحاول أن تستعد لمواجهة التغيرات المناخية عليها وهي تقود عملية تطوير التعليم والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة ان تواجه التغيرات المجتمعية والأخلاقية أما كأفراد فعلينا نحن أن ندرس التجربة الحياتية للأمهات اللاتي وضعن أبناءهن نصب أعينهن حتي وصلوا إلي هذه المكانة.
العمل الدرامي عليه دور كبير في مساعدة الأم في ترسيخ ما يتعلمه الطفل من أخلاق وقيم فالاحترام والنهي عن السلوكيات المشينة والحب ومساعدة الفقراء والمساكين في افلامنا ومسلسلاتنا القديمة كانت حافزا لتأكيد ما يتعلمه ابناؤنا وهم في حضن امهاتهم اما الان ساد التمرد والخلق غير القويم في علاقة الابناء بأمهاتهم واستغلال عاطفتها الجياشة في ابتزازها فأصبحنا لا نجد جيلا يعتمد عليه في رعاية الاسرة او الدفاع عن الوطن وهذا يحتاج من المعنيين تقديم روشتة علاجية للأمراض الدرامية التي تصيب اولادنا.
لقد توقفت العلاقة بين الأبناء والأمهات في محطات عبر الزمان خلت من الحب والحنان والعرفان بالجميل رغم أنه مهما قدم الأبناء لأمهاتهم من تضحيات لن يوفوهن حقوقهن.
لماذا هذا الجفاء والعداء الذي ظهر في مجتمعاتنا في أواخر القرن الماضي ومازال حتي الآن يتردد في جنباته حتي بات مسرح الحياة مليئا بالحوادث المشينة التي يقشعر لها البدن من خسة تصرف الأبناء تجاه أمهاتهم.
لقد أوصي سيدنا محمد ـ صلي الله عليه وسلم ـ بالأم ثلاث مرات لأنها هي الأقرب للأبناء وطلب من الأبناء أن يبروا أمهاتهم وأنهم مهما فعلوا وقدموا لن يستطيعوا أن يفوا بصرخة مخاض واحدة حتي مع الأم التي لم تدخل الإسلام بعد.. أوصي الأبناء برعايتها وبرها دون الانسياق إلي الخروج إلي معصية الله أو الكفر به.
الأم هي الوطن للطفل ومنها يتعلم حب أم الدنيا فكلاهما معني واحد في وجدانه، أما ما نشاهده من انحراف وخلل في العلاقة بينهما.. المجتمع ليس بريئا منه ويدفع ثمنه أضعافا مضاعفة وطغيان المادة علي الحنان والحب سيؤدي بنا إلي كارثة بلا أم أو وطن ويالها من أرض بور لا زرع فيها ولا نبات.