طرح د. يوسف زيدان رؤيته حول الاسراء والمعراج، وحاول اثبات ان رحلة الاسراء تخص سيدنا موسي، وان المسجد الأقصي الذي عرفناه ليس هو الذي يقصده القرآن الكريم، كما أن المسجد الحرام ليس الذي بمكة بل هو في الطائف أو سيناء، وأكد أنه ليس هناك رحلة المعراج!! وقد أجهد زيدان نفسه محاولا إثبات أن الصراع الحالي بين المسلمين واليهود مبني علي الخطأ، فلا إسراء ولا معراج لمحمد، ولا قبة الصخرة ولا مسجد أقصي، بل هي خدعة، خدع بها أحد الملوك جموع المسلمين، وعلينا الان أن نعرف الخدعة، ونتوقف عن الصراع مع اليهود.
وبني د. زيدان رؤيته علي مجموعة من العناصر، أهمها الأخذ بالقرآن الكريم، باعتباره النص الأول، قبل السنة النبوية التي أطلق عليها «النصوص الثواني»، ثم نسي هو المبدأ الذي طرحه، بل تجاوز ذلك الي ترك «النصوص الثواني»، ولجأ الي قصص تاريخية ليس لها أي قداسة وأيد بها رؤيته، ثم تجاوز أكثر وفسّر القرآن بهذه النصوص القصصية، واستخدم تفاصيل قصة بختنصر الاسطورية، في تفسير سورة الاسراء، وهو الطرح الذي دسه اليهود لكي يتم استبعاد المسلمين من الصراع معهم، بل تجاوز الرجل مرة ثالثة عندما أقدم علي اثبات رؤيته بدون برهان، مثل رفضه إشارات سورة النجم عن المعراج دون ذكر أسباب الرفض.
أقول إن التدبر في القرآن يعوزه الصدق وأن يكون بحثا عن الحقيقة، ولا تحايلا لاثبات الزعم.
إن العقيدة الإسلامية تعتمد علي تصديق القرآن الكريم، الذي هو معجزة النبي محمد، وليست «الإسراء» هي المعجزة التي يجب ان يشاهدها المسلمون ليتأكدوا من نبوة محمد، بل هي المعجزة التي يصدقها المسلمون لأن القرآن أخبر بها،
اؤكد للدكتور زيدان أن الاسراء ليست المعجزة التي قدمتها السماء إلي الناس ليؤمنوا، لكنها معجزة فعلها الله بقدرته الفائقة، ولم يشاهدها أحد من المسلمين، وهنا تتجلي عظمة وعملقة الإيمان الاسلامي، لقد صدق المسلمون الاسراء لأن القرآن ذكرها.
أيها المفكر: لايهم شرح التفاصيل كما طالبت، واتفق معك في هزلية المرويات من السنة «النصوص الثواني»، وقد ذكر الله تفاصيل معجزات الرسالات الأخري إثباتا لأن الرسول يتلقي من السماء أسرارا لا يعرفها معاصروه، وهو النبي الأمي الذي لم يقرأ تاريخا، وذلك تأكيدا لأتباع الرسالات الأخري أن محمدا هو النبي الخاتم.
تقول سورة النجم: «ما ضل صاحبكم وما غوي» الآية ٢، والمقصود بصاحبكم هو النبي محمد، وتقول سورة الاسراء: «سبحان الذي أسري بعبده ليلا من المسجد الحرام» والمقصود هو محمد، لأن سيدنا موسي عليه السلام لم يزر المسجد الحرام قط، والمسجد الحرام هو المقام حول البيت الحرام، وليس أي مكان آخر، ولو كان المسجد الحرام في سيناء أو الطائف كما يقول د. زيدان، فأين هو الآن؟!
تؤكد سورة النجم ان الرسول صعد الي سدرة المنتهي، وهو مكان الحضرة الإلهية «عندها جنة المأوي» واضافة المأوي الي الجنة يدلل علم أنها الجنة المنشودة والمذكورة في القرآن الكريم، ويدلل لفظ «مازاغ البصر» أنه شاهد بعينيه، وهو أمر يختلف عن قوله تعالي: «ما كذب الفؤاد ما رأي» الذي يشير الي الرؤية المنامية، وقال الشيخ الشعراوي رحمة الله أن الله يجهز الانبياء للأحداث الكبري عن طريق الرؤي، وتضيف سورة الاسراء: «وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنته» ومن صدق القرآن أنها مازالت فتنة للناس، وهو ما افتتنت به، فسبحان الله.
يقول الحكماء: آفة الرأي الهوي.