وظهرت حالات الإلحاد.. وصارت المجاهرة بالإلحاد من الوجاهة الفكرية.. وهنا نقف جميعا علي أعتاب الخطر

وسـط زخم مشروعات التنمية الإقتصادية.. والتي تعد فرضا علي الحاكم.. أجدني كمواطن احتاج أيضا إلي التنمية الأخلاقية.. وأعتقد أنها أهم من أي مشروع لخدمة الوطن.. أو قل إن أهميتها صارت متعادلة مع المشروعات الكبري التي نطمح اليها.
الواقع أننا نعاني مشكلة في مستوي أخلاق الكبار والصغار.. وأذكركم بأيام كان فيها المواطن ينتظر صرف «التموين».. وكان الكل في ذلك سواء.. وهذا يعني أن الحالة الإقتصادية كانت سيئة.. لكن كانت الحالة الأخلاقية في أرقي مستوي.. بدليل أننا بهذا المستوي دخلنا حرب أكتوبر المجيدة.. وانتصرنا بسواعد الشباب المهذب الراقي.. ولم نسمع آنذاك عن التحرشات.. بل كانت الأخلاقيات الرفيعة هي السائدة.. والمروءة.. والشهامة.. و«الجدعنة» لذلك راهن الزعماء علي المواطن.. وعلي مدي تحمله وصبره.. وبعد الانفتاح تبدلت أحوال كثيرة.. وصار الثراء هو السلوك الأعلي.. و«الفهلوة».. «وعيش ندل تموت مستور».
في الفترة الطويلة التي تولي فيها الرئيس مبارك الحكم.. انهار التعليم.. والأخلاق.. والدين.. فصار المواطن بلا قيم.. لكن كانت القبضة الأمنية قوية.. فسـترت النقص.. وأخفت عيوب الأخلاق.. ثم جاء 25 يناير.. والمؤامرة علي الأمن.. فاسقاط الأمن كان أحد وسائل إذلال النظام.. وسقط فعلا نظام مبارك.. وسقطت معه القبضة الأمنية.. وتجلت صور للفساد لم نكن نشاهدها.. وتجلت أيضا صور للتدني الشديد للأخلاق.. وتعدي المواطنون علي أملاك الوطن.. بمباركة موظفي الدولة.. الذين باعوا أمانة وظائفهم بالرشاوي.. وارتفعت الأدوار المخالفة.. وبيعت البضائع الفاسدة.. وتدني مستوي الخدمات الأمنية.. واشتكي قادة الشرطة أنفسهم من المستوي الأخلاقي لأمناء الشرطة.. وتأخر تنفيذ الأحكام.. وتدني مستوي المعلم.. وتدني مستوي الأئمة من خريجي الأزهر.. وخلت خطبة الجمعة إلا من تعليمات وزارة الأوقاف.. ومعظمها سـياسـية.. لكن الرسـالة الدعوية اختفت.. وغاب غالبية الشباب عن صلاة الجمعة.. وهي التي كانت انقاذا من تقصير الأسـبوع كله.. وظهرت حالات الإلحاد.. وصارت المجاهرة بالإلحاد من الوجاهة الفكرية.. وهنا نقف جميعا علي أعتاب الخطر.
الدين والأخلاق هما الوقاية.. ومهما توسـعنا في مشـروعات التنمية.. فإن تدني الأخلاق وضياع الدين سـوف يبدد النتائج.. وأذكركم بنتائج المؤتمر الاقتصادي الذي دعا إليه الرئيس السيسي.. ونجحت مصر في تنظيمه.. بإصرار وعزيمة ومجاهدة القوات المسلحة.. وتم التوقيع علي العديد من الاتفاقيات لانشاء المشروعات الكبري.. ثم لماذا توقف حضور المستثمرين؟!.. لأن الفسـاد كان بالمرصاد.
الرئيس دمث الخلق.. ولفيف ضخم من أعضاء نظامه كذلك.. ولا أجدها ثقيلة أن أطالب بمشروع تنموي للأخلاق.. يبدأ من المدرسـة والمسـجد والكنيسـة.. ذلك قبل أن نطالب الأسـرة بدورها.. لأن الأسـرة الآن مشـغولة بالأرزاق.
لا أقول كلاما خياليا.. بل هو الواقع الذي يجب أن نعيشـه.. لكي ننفذ القانون بعدالة.. ونختار القضاة بعدالة.. ونختار ضباط الشـرطة بعدالة.. ونختار الموظف العمومي بعدالة.. فيصبح المجتمع مسـتقيما.. خاليا من الأحقاد.
تخيل هذه القصة الواقعية.. المواطن حسام أحمد حسـن.. خريج تجارة الأزهر بامتياز مع مرتبة الشرف.. وترتيبه الثاني علي دفعته.. يتقدم لمسـابقة نظمتها النيابة الإدارية.. وللأسـف يتم تجاوزه!! هل تطلب منه بعد ذلك أن يكون مخلصا للوطن؟!.
المشروع التنموي الأخلاقي مطلوب علي وجه السرعة.