لم يكونوا في حاجة إلي المشـاهدة لكي يؤمنوا.. الأمر هنا اختلف.. وهذا ما جعلني أصف إيمانهم بالإيمان الفاخر

نعيش حاليا ذكري واحدة من الأحداث العظمي.. الإسـراء والمعراج.. الحدث الذي اختبر تصديق المسـلمين لرسـول الله.. الحدث الذي نبأ به الرسـول فصدقوه.. لأنه هو الذي أنبأ به.. دون أن يشـاهدوه.. وهو ما حاولت يوما أن أبلغه للدكتور يوسـف زيدان.. بعد أن تشـكك في الموضوع برمته.
مرة أخري نعود إلي الحدث المعجزة.. ونقول أن السـابقين كان يحتاجون مشـاهدة معجزة لكي يؤمنوا برسـولهم.. ويتأكدوا أن السـماء أرسـلته.. لذلك سـاق الله علي أيدي الرسـل معجزات تؤكد أنهم متصلون بالله.. لأن المعجزة عمل خارق لا يسـتطيعه الإنسـان.. والملاحظة الأهم أن الناس كانوا يدركون وجود الله.. لكنهم كانوا يحتاجون تأكيد أن الرسـالة القادمة هي منه.. وليسـت خدعة أحد العالمين.. وكانوا عندما يشـاهدون المعجزة يتأكدون أن التعليمات من الإله.. وأن الذي يحدثهم هو أحد رسـل الله.. أما الإسـراء والمعراج فشئ آخر.. نموذج فاخر من الإيمان بالرسـول.... لماذا؟!. لأن المسـلمين لم يشـاهدوا الإسـراء والمعراج.. لكن رسـول الله محمد بن عبدالله أخبرهم بوقوعها.. وهو بينهم أمين مصدق.. لذلك صدقوه في نبأ الرسـالة القادمة من السـماء.. واسـتمعوا القرآن الكريم وأنصتوا له.. فدخلت معجزته في قلوبهم.. وأدركوا أن هذا الكلام ليس من صنع بشـر.. وأدركوا أن الرسـول مبعوث من السـماء.. واسـتقر هذا الإيمان في قلوبهم.. الأمر الذي دفعهم إلي تصديق الرسـول الصادق في كل ما يقول.. ومن ثم صدقوا معجزة الإسـراء والمعراج لأن الرسـول الصادق هو الذي أنبأ بها.. لم يكونوا في حاجة إلي المشـاهدة لكي يؤمنوا.. الأمر هنا اختلف.. وهذا ما جعلني أصف إيمانهم بالإيمان الفاخر.
الإسـراء والمعراج رحلة فعلها الله وليس الرسـول.. وتحدث في هذا المفهوم بالتفصيل فضيلة إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشـعراوي.. وقال إن الله بقدرته الفائقة نقل الرسـول.. كمن ينقل طفلا أو يحمله لعبور النهر.. وقال الشـعراوي متسـائلا: هل نقول إن الطفل عبر النهر!!.. أم نقول أن أحدا هو الذي نقل الطفل!!.. وهذا الناقل أقوي من الطفل.
نحن لا ندرك كل قدرات الله.. التي تنتهي عند: «إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون».. يعني أن الله يأمر الأشـياء فتطيعه.. لذلك ينزه الله نفسـه في بداية سـورة الإسـراء بقوله: «سـبحان الذي أسـري بعبده».. وكلمة «سبحان» لا تقال إلا لله.
اصطلح العرب منذ القدم علي أن البيت الحرام هو الذي «ببكة» وأن المسـجد الحرام هو البناء الذي يحيط بالكعبة الشـريفة.. ولم نعرف مسـجدا حراما غيره.. فالرحلة بدأت من مكة المكرمة إلي المسـجد الأقصي.. وهو المعروف ثبوتا في فلسـطين.. والذي فتحه المسلمون «أول مرة».. ثم صارت الغلبة لليهود وصاروا أكثر نفيرا.. أي أكثر تأييدا.. وسـيطروا علي المسـجد الأقصي.. وهو مانراه حاليا.. لذلك ينتظر لفيف من المسـلمين تحقق وعد الآخرة الذي جاء في سـورة الإسـراء.. ليعاود المسـلمون فتح المسـجد الأفصي مرة أخري.
الصراع بين المسـلمين واليهود من صناعة اليهود.. وهو ما ذكرته سـورة الإسـراء.. وتذكر سـورة الحشـر: «هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشـر».. وأول الحشـر هو ذاك الذي كان من المدينة المنورة.. عندما تقرر طردهم بعد خيانتهم الرسـول الكريم.. ونقول إن القرآن وصفه بأول الحشر إشـارة إلي ما جاء في سـورة الإسـراء.. «حتي إذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا».