»‬ البرلمان القادم سيكون غير متناسق   وهو تعبير دبلوماسي لكونه مجلسا يحمل في داخله بذور الخلاف والشقاق» اليوم يمر عام كامل علي إعلان فوز المشير عبد الفتاح السيسي رئيسا للجمهورية في انتخابات شهد العالم بنزاهتها، واعتبرها المصريون تتويجا لحركة تصحيح كبري لمنصب رئيس مصر. الشعب الذي ثار في يناير ضد حكم مستبد متسلط قفز عليه الفاسدون النهابون كان يريد حكما رشيدا عادلا. لكن ما حدث كان عكس ما توقعه الشعب.. جاءت الجماعة الظلامية بوجه غير وجهها الحقيقي وخدعت الشعب باسم الدين الذي يسري في دمائهم ويسيطر علي قلوبهم وعقولهم. ولكن الله أفاض برحمته علي هذه الأرض الطيبة التي كرمها في كتبه ليفيق الشعب ويصحح الطريق الذي رسمه وانحرفت به الجماعة. جاء إلي مقعد الرئيس الرجل الذي أحبه الشعب ووثق فيه وفي قدراته وقدر فيه تفاؤله وتقبل منه مصارحته.. وفي تقديرالعالم الأمريكي الدكتور ريموند ستوك، فإن الرئيس عبد الفتاح السيسي هو أكثر شبهاً بالقائد الفرعوني »‬حور محب»، آخر ملوك الأسرة الـ18، حيث كان حور محب قائداً للجيش تحت حكم الفرعون إخناتون الذي حكم مصر بين عامي 1353 و1336 قبل الميلاد. وكرّس »‬إخناتون» حياته لتوحيد العبادة للإله »‬آتون» (قرص الشمس) واضطهد من لم يتبعه، وأهمل الشئون الاقتصادية والأمنية، وركّز علي تمكين أتباعه من السيطرة علي الوظائف القيادية في الدولة علي حساب بقية الشعب، مما أدي إلي اضطرابات واسعة في البلاد، دفعت قائد جيشه لتصحيح الأوضاع وتحقيق مطالب الشعب.. ويضيف »‬ستوك» أن »‬حور محب» كرجل عسكري كان غاضباً بشدة، لأن انشغال »‬إخناتون» بفرض عقيدته علي المصريين أدي إلي تراجع دور مصر في العالم، وانهيار إمبراطوريتها في الشرق الأدني، بعد أن سقطت هيبة الدولة المصرية لأول مرة منذ قرون، وكان علي »‬حور» إعادة الهيبة المفقودة، وهو ما شرع فيه فور توليه السلطة. انتخاب الرئيس كان هو المرحلة الثانية من ثلاث مراحل لإعادة بناء الدولة.. بدأت بالدستور ثم انتخابات الرئيس وتنتهي بانتخاب مجلس النواب.. الذي كنا نتوقع له أن يكون موجودا علي الساحة في اللحظة التي نعيشها الآن.. ولكن لظروف نعلمها جميعا لم يخرج المجلس إلي النور. وحتي المتفائلون الذين يتوقعون اكتمال خارطة الطريق بانتخاب مجلس النواب في أغسطس وسبتمبر المقبلين.. نجدهم غير متفائلين بالشكل الذي سيكون عليه هذا المجلس. الكل يؤكد أن المجلس القادم سيكون مجلسا غير متناسق وهو تعبير دبلوماسي لكونه مجلسا يحمل في داخله بذور الخلاف والشقاق، وبالطبع سيكون عدد أعضائه الذين يتجاوزون الستمائة عامل مؤثر في ذلك.. وفضلا عن الخلافات الواضحة حول قوانين تقسيم الدوائر الانتخابية ومباشرة الحقوق السياسية والتي لم يتم حسمها حتي الآن، فان هناك خلافات أكبر وأعمق بين الأحزاب السياسية التي قررت خوض الانتخابات.. وانقسامات داخل كل حزب.. والأهم من كل هذا تلك الهوة العميقة بين الأحزاب والشارع إما بسبب عدم الثقة فيها أو في قياداتها، أو بسبب ضعفها وعدم قدرتها علي الوصول إلي الناس والتواصل معهم. وإذا صحت تلك الصورة فإن الخوف مازال قائما من نجاح فلول الوطني وأذناب الإخوان إلي كرسي البرلمان، وكأنك يا أبو زيد ما غزيت. الرئيس التقي أقطاب حزب عريق لحل الخلافات بينهم والتي كادت تقضي عليه فعلا.. والتقي أكثر من مرة مع رؤساء عدد من الأحزاب المتناوشة علي الساحة من أجل الوصول إلي برلمان يليق بمصر ويناسب المرحلة المقبلة قال لهم إن مبادرة المشروع الموحد لتعديل قوانين الانتخابات، التي وقع عليها ثمانية وثلاثون حزباً سياسياً محل تقديرٍ وتمت إحالتها إلي رئاسة مجلس الوزراء لدراستها وفقاً لما نص عليه الدستور. وأن مؤسسة الرئاسة تقف علي مسافة متساوية من جميع القوي السياسية، دون انحياز، مُبدياً استعداده التام لمساندة ودعم قائمة موحدة لكافة الأحزاب والقوي السياسية، التي ستشارك في الانتخابات البرلمانية المقبلة، ومنوهاً إلي اعتزام الدولة إجراء الانتخابات قبل نهاية العام الجاري. أوضح لهم أيضا أهمية التكاتف الوطني في المرحلة المقبلة، وذلك لانتخاب مجلس نواب قادر علي الاضطلاع بمهمتي الرقابة والتشريع علي الوجه الأكمل، أخذاً في الاعتبار أن دقة المرحلة الراهنة تستلزم أن تُنحي الأحزاب السياسية خلافاتها جانباً وأن تُعلي المصلحة الوطنية. رؤساء الأحزاب أكدوا علي أهمية إجراء الانتخابات البرلمانية قبل نهاية العام الجاري، والوقوف علي أفضل النظم لإجراء الانتخابات مرجحين اتباع نظام القائمة النسبية واقتصار القوائم المطلقة علي تمثيل فئات بعينها فقط مثل ذوي الاحتياجات الخاصة.. وعلي أهمية تفعيل دور الشباب وإعداد كوادر حزبية واعية يمكنها المنافسة مستقبلاً في الانتخابات البرلمانية. هي محاولة من الرئيس من أجل مصر، ولكن هل تلك الأحزاب وهؤلاء الرؤساء لهم نفس الهدف ؟!!.