أواصل نشر شذرات من كتاب الحكيم الأسيوي «أوشو» حكمة الرمال، ترجمة محمد ياسر حسكي، صدر عن دار الخيال- بيروت

انتزع نفسك عن جسمك وسوف تموت، إن جسمك هو التربة الخاصة بك وهو ينتمي إلي الأرض، فقد أتي من الأرض وهو قطعة صغيرة من الأرض حولك، إن الجسد يغذيك وهو ليس عدوك ولا يمكن أن يكون في يد الشيطان، ليس هنالك شيطان، إن الشيطان هو نتاج الأدمغة المريضة، والرؤوس المصابة بجنون العظمة، لقد أتي الشيطان إلي العالم بفضل الخوف، وكذلك من تسمونه «الإله»، هو نتاج خوفكم، فأنتم لا تعرفون الإله  الحقيقي، لا يمكن أن يكون الإله من الخوف، فالإله هو المحبة والفرح، يمكن معرفة الإله الحقيقي عندما تصبح أكثر شفافية ورهافة وأكثر انفتاحا.

كن في جسدك إخرج من دماغك وادخل في مشاعرك، فهذا هو السبيل الوحيد لأن تكون متدينا، قد يبدو الأمر متناقضا، ولكن اسمح لي أن أقول: إن السبيل الوحيد لكي تكون متدينا هو أن تكون في هذا العالم علي نحو عميق، لأن الإله مختبيء في هذا العالم وغير موجود في العالم الآخر. إن العالم الآخر هو أعمق نواة في هذا العالم، ولا يمكن فصل العالمين عن بعضهما.

أنا ضد أي ممارسة تقشف، في المستقبل سيعالج ممارسو التقشف والزاهدون في مستشفيات الأمراض النفسية. هناك ٩٩٪ ممن مايسمون القديسين، أناس عصبيون، ولكن بسبب إيمانك واعتقادك لم تستطع أن تفهم هذا، عندما تعتقد في شيء، فالاعتقاد يخلق هذه الظاهرة.

عندما يولد الطفل، يقول دائما «نعم».. ثم تدريجيا يبدأ يشعر أنه شخصية منفصلة، وتنشأ «لا»، عنده. عندما يبدأ الطفل في الكلام، يمكن أن نتأكد أنه قد حانت لحظة ولادة «الأنا».. توجد الأنا المزيفة من خلال الإنكار، لذلك يجب علي كل طفل أن يقول «لا»، إنها ضرورة داخلية عند تشكل الشخصية، إذا استمر الطفل في قول «نعم» إلي كل شيء فلن يصبح شخصية، ولن يكون لديه تحديد لكيانه، فكيف يستطيع تعريف نفسه؟ إن كلمة «نعم» لا تعطيك أي تعريف، أما كلمة «لا» فهي تعطيك.

التعريف.. عندما تقول «لا» فأنت تعلم يقينا أن «الأنا»، هي التي تقول «لا».. عندما تقول «نعم»، فليس هنالك أي «أنا».

عندما تقول «نعم»، تبقي مع الحياة كلا واحدا. عندما تقول «لا»، فأنت تفصل نفسك وتؤكد وجودك، وهذا معني القصة التوراتية أن «آدم» عصي الإله عندما قال «لا». كان يجب أن يحدث الأمر، وإلا ما انفصل «آدم»، عن الإله أبدا ولما حصل علي الاستقلالية أبدا ولبقي غامضا غير واضح مثل السحب أو الضباب. كان ينبغي أن يقول »لا»، وأن يخرج من الطاعة ويتمرد، تذكر: إن هذا ليس شيئا حدث في الماضي مرة واحدة وانتهي، بل إنه يحدث مع كل «آدم»، جديد ومع كل طفل يولد. يعيش كل طفل في جنة «آدم»، بضعة أشهر، بل عدة سنوات قليلة، وبعد ذلك، تدريجيا يضطر أن ينفي، وعليه أن يتمرد ويتوقف عن الانصياع والطاعة. يقول الأب: «لا تفعل هذا»، ومع ذلك يقوم الطفل بفعله لمجرد أن يقول: «أنا موجود أيضا، ولا يمكنك أن تأمرني بعد الآن. أنا لست عبدا، لدي أفضليات، وعندي ما «يعجبني»، وما «لا يعجبني».. في بعض الأحيان يفعل الطفل ما لا يريد، ولكنه مضطر لان يفعل ذلك، لان الوالد يقول له: «لا تفعل».