في عام 1969مضيت بصحبة المصور الوطني الشجاع مكرم جاد الكريم الي مكان ما في مدينة السويس التي خلت تقريبا من سكانها بعد عمليات التهجير، جري الترتيب بواسطة العقيد - وقتئذ - بدر حميد قائد مكتب المخابرات الحربية لقطاع الجنوب، اكد لي أن المجموعة التي سألتقي بها لم تقابل صحفيين من قبل، وأنها تجربة جديدة يعرفها المواطنون من خلال البيانات العسكرية التي تصدر باسم «منظمة سيناء العربية» جري اللقاء في مبني مهجور، كان مدرسة، كانوا حوالي ثلاثين فرداً ، وقد استمرت علاقتي ببعضهم حتي الآن، اخص منهم بالذكر احمد العطيفي ومحمد قناوي، كان من بينهم عدد استشهد خلال الحرب وفي معركة قسم السويس، تفاصيل ما قامت به المنظمة يحتاج إلي توثيق شامل، لكن ما يعنيني الآن الفكرة، لقد شرعت المخابرات الحربية في تشكيل تنظيم قتالي يقوم علي التطوع من شباب المدينة، ومعظمهم كانوا من العاملين في شركة البترول، كانوا قد قاموا بعملية عبور الي ما وراء خطوط العدو ونصبوا كمينا لدورية اسرائيلية عادوا بأسير من جنودها، قام أفراد المجموعة بعمليات استثنائية ولعبوا دوراً هاماً في معركة قسم الاربعين يوم الرابع والعشرين من أكتوبر عام ١٩٧٣. وأيضا خلال الحصار. هذه تجربة يجب ان نستعيدها الآن، كان يطلق عليهم الفدائيون، ويتبعون المخابرات الحربية.
في تاريخنا الحديث تجربتان هامتان ايضاً، الاولي كتائب الحرس الوطني التي كانت تقوم بمهام داخلية في حراسة الجسور والكباري والمنشآت الحساسة، وكان قادة الحرس الوطني وتسليحهم من الجيش.
التجربة الثانية. الجيش الشعبي الذي تم تشكيله بعد عام ١٩٦٧، وقام علي التطوع الاختياري، وتولي قيادته ضابط من الجيش برتبة لواء كان مكتبه في وزارة الدفاع التاريخية قرب ميدان لاظوغلي وكانت مقراً للزعيم أحمد عرابي. مهام الجيش الشعبي كانت قريبة من مهام الحرس الوطني، حراسة المنشآت المدنية الهامة، وإذا ظهر الجيش مرة أخري الي الوجود فإنه يمكن أن يقوم بحراسة ابراج الكهرباء التي يستهدفها الإخوان وهذا مثال واحد فقط.
لماذا أطرح هذه الافكار؟ لقد علمت ممن أثق بهم أنه بعد هجوم داعش علي الشيخ زويد ارتفعت نسبة الذين يرغبون في التطوع سواء من داخل الجيش أو من خارجه، ضباط وجنود من الجيش والشرطة طلبوا نقلهم الي شمال سيناء لأداء واجبهم هناك، مواطنون عاديون ارسلوا يطلبون التطوع لقتال الارهابيين، اما أولئك الذين تقدموا ليتبرعوا بالدم فلم يحدث من قبل الوصول الي هذه النسبة، أكد لي اللواء بهاء زيدان مدير مجمع الجلاء العسكري، أحد الصروح التي انشأتها القوات المسلحة، أخبرني أنه لم يعد ثمة مكان لنقطة دم بعد الإقبال الكبير علي التبرع، طوال الاسبوع الماضي كنت اسمع من المواطنين هذه العبارة:
«عاوزين نعمل حاجة.. عاوزين نشارك»
ولعل ما اقترحه تطبيق عملي لتلك الرغبة.